كان اهتمام صاحب موقع «ويكى - ليكس» منصبا أكثر على الدخول إلى خزانة الأسرار الأمريكية وتسريب ما تحتويه من معلومات ونشرها دون أن يبدى اهتماماً، ولو بدرجة أقل بتسريب المعلومات من خزانة دول أخرى، ربما لا يقل ما تحتويه منها خطورة عما تم نشره من معلومات جرى تسريبها من الخزانة الأمريكية، وقد يكون السبب فى ذلك أنه ترك المهمة لأصحاب البلد مكتفياً بتسريب المعلومات فى دول لا تعاقب على ذلك بالقتل غيلة! ولأننى من هؤلاء الذين تستهويهم المغامرة أو المقامرة حتى بحياتهم.. فقد بدا لى الأمر لا يخلو من طرافة تستحق التجربة، وما هى إلا خطوة واحدة داخل غرفة المعلومات الخاصة بالانتخابات الأخيرة حتى اكتشفت الهوايل، التى أكدت لى أنها كانت بالفعل تستحق المقامرة. أولاً: تشجيع أحزاب المعارضة على المشاركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة كان يستلزم تعهدا رئاسيا بإجرائها نظيفة وشفافة كما تريدها تلك الأحزاب. ثانيا: بعد هذا التعهد الرئاسى -ولتوفير بواعث أكثر للمشاركة- يقوم مسؤول كبير بالحزب الوطنى بالاتصال بزعماء الأحزاب المعارضة ليتعهد لهم بإفساح المجال أمام عدد من مرشحيهم للفوز. ثالثا: بعد الاجتماع المشترك الذى عقده زعماء المعارضة وخرجوا منه، مطالبين بضمانات مكتوبة لإجراء انتخابات شفافة. أجرى أحد أقطاب الحكومة والحزب الوطنى اتصالاً بهم لسحب هذا المطلب مقابل زيادة حصتهم فى مقاعد المجلس القادم. رابعاً: أجرى نفس القطب الوطنى اتصالاً بزعماء المعارضة طالباً سحب شرطهم باستجلاب مراقبين دوليين مقابل زيادة أخرى لحصتهم فى مقاعد المجلس. خامساً: وحين رأى القطب الوطنى تمادى هؤلاء المعارضين فى ابتزازهم للحكومة، بوضع شرط جديد بالانسحاب من الانتخابات ما لم تجر بضمانات مكتوبة -ومسجلة فى الشهر العقارى- قام بإغراء الأحزاب التى ترفض الانسحاب من العملية الانتخابية بزيادة حصتها على حساب الحصة المقررة للأحزاب المنسحبة، حينئذ سارع حزب الوفد بإعلان مشاركته، طمعاً فى الحصة التى كانت مقررة للإخوان المسلمين، خاصة أن جبهة المعارضة داخل الجماعة كانت على وشك الانتصار لرأيها بالانسحاب، وحين رأى الإخوان الموقف الانتهازى لحزب الوفد، قرروا أن يفوتوا الفرصة عليه بالمشاركة، طمعا فى الفوز بالحصة المقررة لهم. سادساً: طلب الحزب الوطنى من أحزاب المعارضة أن تصدر مجتمعة بيانا تعلن فيه رفضها استجلاب مراقبين دوليين للانتخابات، لإحراج الجهات الخارجية التى كانت تطالب بذلك حتى يبدو الأمر وكأنه إجماع وطنى برفض التدويل، عملاً بالمثل الشعبى «هى راضية وأبوها راضى». سابعاً: جرى الاتفاق بين الحزب الوطنى على إسقاط عدد من رموزه، حتى يبدو إسقاط رموز المعارضة أمراً طبيعياً. ثامناً: جرى الاتفاق بين قيادات الوطنى على ممارسة التزوير ضد الكثير من رموزه -حمدى السيد وشوبير وإسماعيل هلال وغيرهم- لسحب الحجة التى تستند عليها المعارضة فى التزوير، وإفقادها المعقولية والمنطق. واتخاذ ذلك حجة للتشكيك فى اتهامات المعارضة بالتزوير. تاسعاً: خلافات شديدة بين قيادات الوطنى فى الساعات الأولى من صباح يوم الانتخابات، بين فريق بقيادة صفوت الشريف يرى الوفاء بالاتفاق الذى جرى مع المعارضة مهما كانت النتيجة، وفريق آخر بقيادة أحمد عز رأى أن تنفيذ هذا الاتفاق يعنى السقوط المزرى للحزب، خاصة بعد أن أظهرت الساعات الأولى للتصويت ميل الناخبين الكاسح لاختيار مرشحى المعارضة، وبعد جدل بين الفريقين انتصر رأى الفريق الثانى. عاشراً: حين رأى الفريق الأول عمليات الانسحاب المتوالية لأحزاب المعارضة ورموزها التى جرت فى المرحلة الأولى، ألقى بمسؤولية ذلك على الفريق الثانى، الذى اقترح للتخفيف من حدة الأزمة، أن يفسح المجال لبعض المعارضين الذين بقوا للإعادة فى المرحلة الثانية. حتى لو اضطر الحزب للتزوير لهم. أحد عشر: بعض الضجة التى أثارها كثير من الجهات المحلية والدولية حول خلو المجلس القادم من المعارضة، تم الاتفاق بين قيادات الوطنى على إسناد دور زعيم المعارضة لزكريا عزمى على أن يختار من بين أعضاء الوطنى من يراه مناسبا لأداء هذا الدور. مع السماح -لاستيفاء الشكل الديمقراطى- لحكومة الظل الوفدية. والبرلمان الموازى الذى دعا إليه عدد من المعارضين بالعمل فى مساحة محددة دون مضايقات أو عراقيل. هذه هى بعض التسريبات التى نجحت فى الوصول إليها مع العلم بأننى لم أقم بزيارة للسويد فى حياتى. كما أننى لا أعرف الحشيش شكله إيه!!