عقدت عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني ورشة عمل بعنوان "كيف تختار الأحزاب مرشحيها "في إطار وحدة دراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان وكان المتحدثين هم دكتور جهاد عودة رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة حلوان، ودكتور عمرو الشوبكي خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، والأستاذة أمينة النقاش نائب رئيس حزب التجمع، والأستاذ عصام شيحة عضو الهيئة العليا بحزب الوفد وأدار الجلسة الأستاذ سعيد عبد الحافظ رئيس جمعية ملتقى الحوار. وأهتمت في بداية الجلسة الأستاذة أمينة النقاش بالحديث عن عوامل إختيار الأحزاب لمرشحيها وأوضحت أن هناك عوامل عامة تنطبق على أي حزب في أي مجتمع وهناك عوامل خاصة بالمجتمعات التي تكون فيها الديمقراطية ناقصة ومشوهة مثل المجتمع المصري. وأشارت إلي عدة عوامل يجب أن يأخذها كل حزب في اعتباره عند اختياره لمرشحيه للبرلمان في الانتخابات القادمة وهي: أولاً العصبية حيث يتصاعد هذا العامل في الريف أكثر من المدن ويظهر بشكل واضح في صعيد مصر، أما العامل الثاني فهو الدين الذي لا يمكن إغفاله خاصة أن المجتمع المصري مجتمع ذات طبيعية دينية فمثلا عند اختيار مرشح لدائرة شبرا فلا يمكن اختيار مرشح غير مسيحي حيث معظم سكان شبرا من المسيحيين، كما لا يمكن إغفال أن معظم سكان دائرة حلوان من العمال في المصانع الحربية فطبيعية سكان الدائرة من العوامل الأساسية التي توضع في الاعتبار عند القيام باختيار المرشحين، وهناك عامل خاص بالمرأة فمثلا في الصعيد لا يوجد ترحيب بترشيح المرأة على المقاعد العادية وكذلك في المدن الصغرى والريف. كما ذكرت الأستاذة أمينة أن هناك عوامل أخرى خاصة بطبيعية المرشح نفسه مثل تقديم الخدمات لأهل دائرته والقيام بحل المشكلات داخلها فهو من العوامل القوية التي يتم على أساسها الاختيار، وكذلك قوة المرشح فيجب أن يكون قوي يستطيع المراقبة والتشريع. ومن العوامل الأخرى التي أشارت إليها هي النفوذ السياسي فيجب أن يكون له علاقات وثيقة بالسلطة التنفيذية، وأخيرا عامل الثراء فيجب أن يكون المرشح قادر على الإنفاق على حملته الإنتخابية، وفي نهاية حديثها ذكرت أن نظام الانتخاب الفردي الذي يتم الترشيح فيه عن طريق هذه العوامل يجعل الإختيار يتم على أسس غير سياسية تماما. ولكن الأفضل هو نظام الإنتخاب بالقائمة النسبية. أما عصام شيحة فيرى أن الإنتخابات القادمة هي الأجدر والأقوى والأخطر منذ عام 1866 حتى الآن بإعتبارها نقطة فاصلة بين مرحلة الشرعية الثورية ومرحلة الشرعية الدستورية، فالمجلس القادم هو الأكبر حيث يبلغ عدد أعضائه 518 وهو الأكبر على مستوى الإنتخابات البرلمانية. وأشار عصام شيحة إلي التغيرات التي حدثت داخل حزب الوفد في الفترة الماضية حيث تميزت انتخاباته الداخلية بالشفافية مما دفع عدد كبير للإنضمام لعضويته، وذكر مجموعة من المعايير التي تضبط عملية الترشيح في حزب الوفد منها: أن يكون وفدياً، وأن يكون حسن السير والسلوك ولديه شعبية عالية داخل دائرته وان يكون من الشخصيات العامة ذات الاسم المعروف، كما تكون لديه القدرة أن يكون نائب تشريعي ورقابي وخدمي لدائرته. كما يجب أن يكون مناضل يستطيع حماية الصناديق والمقار الإنتخابية ضد أعمال البلطجة. وذكر أن الإنتخابات القادمة سيزيد فيها الصراع خاصة في ظل حرص الحزب الوطني على الإستحواذ على الثلثين من مقاعد البرلمان بالرغم من وجود 20 حزب سياسي إلي جانب الإخوان والمستقلين. وبالنسبة للحزب الوطني فقد مثله الدكتور جهاد عوده فذكر أن هناك 5 معايير أساسية أستخدمها الحزب الوطني في إختياره لمرشحيه، وهذه العوامل هي : معيار تصعيد الشباب حيث أنهم نواة الغد، ومعيار تصعيد القيادات المحلية، ومعيار الشعبية أي يكون المرشح ذات شعبية واسعة داخل دائرته، معيار النظافة القانونية فقد استبعد الحزب كل من صدرت عليهم أحكام نهائية أو معروف عنهم التجاوزات القانونية، وأخيرا عامل القدرة على خدمة الدائرة فيجب على النائب أن يخدم دائرته وليس أن تخدمه الدائرة . وذكر د. جهاد عودة أن هذا الإختيار تم على ثلاث المرحلة الأولى هي إستقصاء الرأي بعمل إستقصاء من خلال عينة وهو مستمر حتى بعد الإختيار ، أما المرحلة الثانية فكانت المجمع الموسع ويمكن أن يطلق عليه المستوى الوسيط لقيادات الحزب ومنهم قيادات المجتمع المحلي، وأخيرا مرحلة التنظيم القاعدي وهي الإنتخابات الداخلية في الحزب من خلال كل وحدة حزبية ويتم الانتخاب في نفس اليوم داخل كل الوحدات على مستوى الجمهورية. وناقش عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام معايير إختيار الأحزاب السياسية في مصر لمرشحيها في ضوء معيار كل حزب ومعيار البيئة الإنتخابية التي تفرض على الأحزاب أساليب إختيار المرشحين وعمل مجمع إنتخابي حديث ثم في نفس الوقت عمل توكيلات لأمين تنظيم الحزب في تجربة غير مسبوقة بين الأحزاب المصرية وكأنها عقود إذعان ، والمشكلة أن الحزب الوطني ولد داخل السلطة ورغم أن بالحزب الوطني شخصيات إصلاحية إلا أن صيغة الحزب الوطني غير إصلاحية وربما انعكست هذه الإشكالية في طريقة تعامل الحزب وباقي الأحزاب مع هذه الانتخابات. أما فيما يتعلق بحزب الوفد فرغم الصورة الكبيرة لدى الرأي العام ولدى النخبة السياسية التي أعطاها الحزب للشكل الديمقراطي الذي تمت به إنتخاباته الداخلية والتي نتج عنها خسارة رئيس الحزب فلم تنعكس هذه الصورة على إختيارات الحزب لمرشحيه في هذه الإنتخابات الحالية، وهناك مثال حيث أن ترشيح منير فخري عبد النور في دائرة جرجا يعطي إشارة للعودة للعصبيات ورغم وجود شخصيات وقيادات في حزب الوفد لديهم القدرة على العمل بالواقع السياسي المصري والمزج بين الدور السياسي والخدمي، إلا أن الوفد تراجع عن معايير الإختيار عن السياسي القادر على التواصل مع المواطنين وله رؤيا وحس سياسي. ويرى الشوبكي أن حزب التجمع كان لديه مجموعة من الكوادر التي لديها القدرة على المزج بين السياسي والخدمي وان كان عددهم قليل... وصيغة نواب الغد التي قدمتها رؤية حزب التجمع ليست سيئة وتعتبر شئ ايجابي خصوصا إذا أمتلك النائب رؤية وحس سياسي، وجزء من أزمة إختيارات حزب التجمع انه يختار مرشحين في ظل عملية انتخابية طاردة للسياسة وشعارات حزب التجمع " الخبز للفقراء والحرية للشعب" أنها نفس الشعارات التي لم تتغير منذ السبعينات ولكن البيئة الإنتخابية هي التي تغيرت وربما بشكل غير صحي نتيجة صعود رأس المال وهيمنة الصرف العشوائي لنواب شراء الأصوات تراجعت السياسة في الانتخابات وتراجعت معايير النائب الخدمي السياسي. وخلص الشوبكي إلي أن الحزب الوطني هو الذي حدث آليات اختياراته ولكن في ظل صيغة سياسية للحزب الوطني غير أصلاحية ولا تصلح للاستفادة من هذه الآليات التنقية بينما حزبي التجمع والوفد لديهم صيغة سياسية تسمح لهم باختيار أفضل المرشحين ولكن الآليات المستخدمة للحزبين ظلت تقليدية.