هل برلمان 2010 سيكون صورة مختلفة عن أي برلمانات سابقة.. وهل ستأتي الانتخابات لمجلس الشعب بعناصر جيدة علي مستوي من الكفاءة سواء الرجال أو النساء؟ هل تجربة انتخابات الكوتة أمام المرأة فرصة لها لاستعراض قدراتها.. وإمكانياتها علي خدمة الجماهير وسن القوانين والتشريعات لصالح الأسرة المصرية.. وهل سيقدم الحزب الوطني وأحزاب المعارضة والتيارات السياسية وجوها نسائية تدعم التجربة وتجعل الناس يؤمنون بضرورة تمثيلها المناسب في مجلس الشعب من خلال 64 مقعدا الكوتة غير المقاعد الأخري؟ هذه الانتخابات تأتي والشارع المصري في حالة غليان من ارتفاع أسعار السلع والخدمات موجات الفساد والانحراف وعدم قدرة الحكومة علي الإصلاح وتخفيف الأعباء عن محدودي الدخل ومواجهة أزمة البطالة.. رغم ما تعلنه الحكومة من إنجازات هذه الانتخابات تأتي مع إغلاق الفضائيات وسيطرة رأس المال والسلطة علي الصحف المستقلة. هذه الانتخابات تأتي وقد صدر حكم أيضا من مجلس الدولة بضرورة إلغاء الحرس الجامعي وما يحدث في انتخابات اتحادات الطلبة أن تتم كلها بالتزكية!! تأتي انتخابات هذه المرة في جو مشحون لاختيار 444 مرشحا مع 64 مرشحة من كوتة المرأة في جميع المحافظات ليصل عدد النواب كلهم إلي 518 بالإضافة إلي النواب العشرة الذين يعينهم رئيس الجمهورية بحكم الدستور. في وسط هذه الأجواء وبفطنة وذكاء د. إيمان بيبرس رئيس جمعية نهوض وتنمية المرأة كانت الندوة المحايدة التي دعت إليها بعض المرشحات من الحزب الوطني وأحزاب المعارضة كالوفد والتجمع. وكان التوقيت مناسبا لأن يوم الأربعاء غدا سيعلن الحزب الوطني أسماء مرشحيه ومرشحاته والتي تأمل د. مني مكرم عبيد مرشحة الوفد أن يترك لهم الحزب شيئا في الكوتة ولا يستولي عليها كلها لوحده. الندوة التي دعت إليها د. إيمان بيبرس باسم "كوتة المرأة.. آلية جديدة لزيادة نسبة تمثيل المرأة في البرلمان".. ودعت إليها الخطيب المفوه والسياسي القديم د. علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني الديمقراطي والذي تتلمذ علي يديه آلآلاف ليتحدث للمرشحات والإعلام ويرد علي كل الاستفسارات والمشاكل التي تدور في أذهان المرأة المرشحة في هذه التجربة الجديدة "الكوتة". بدأ الدكتور علي الدين هلال باستعراض الآراء المعارضة لنظام الكوتة للمرأة.. والتي يرددها بعض الرجال بل بعض الكتابات النسائية أيضا منها حق المرأة في الترشيح عن طريق الكوتة حق لا تستحقه لأنها نالته بدون تعب منها.. أو الرأي القائل بأنه لا توجد كفاءات تمكن المرأة من البرلمان أو ليس لها تجربة ناجحة في المجالس النيابية أو القول الشائع بأن هذا غير دستوري ولا أساس له في الدين ولا الشرع. ويقول د. علي الدين هلال إن نظام الكوتة الذي تم تشريعه ليس بجديد فقد نادي به المجتمع المدني منذ 15 عاما وتبناها المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة ليصبح تمثيل المرأة مناسبا لعددها كنصف المجتمع.. وهذا النظام الذي يعرف بالتمييز الإيجابي يصدر قانونا لصالح فئة مستضعفة حتي تحصل علي حقوقها.. وهذا حدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية في قانون الحقوق السياسية بإعطاء تمييز إيجابي للسود. وهذا التمييز الإيجابي نحن وافقنا عليه من خلال اتفاقية دولية للأمم المتحدة "سيداو" بالمساواة بين المرأة والرجل في المواطنة في الدول التي لها ظروف اجتماعية أو ثقافية يحض الدول باستخدام التمييز الإيجابي ليضمن للمرأة الحق.. إذا ممارسة التمييز الإيجابي بالقانون هو ضمان لتحقيق المواطنة. وعندما يتدخل المشرع بقانون يتدخل بقوة التشريع لضمان المواطنة.. وهذه التجربة تمت في عهد الرئيس السادات وكان الاعتراض عليها ليس دستوريا بل بسبب بعض الإجراءات التنظيمية. وأعلن بقوة د. علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني من يقول إنه غير دستوري فليتقدم للمحكمة الدستورية. وهذا القول بأنه غير دستوري لا يردده بعض العامة فقط ولكن للأسف بعض أساتذة القانون وذلك لمعتقدات سياسية خاصة بهم.. وقد تغيرت المادة لتعطي الحماية الدستورية.. فصدر القانون الجديد.. ليحمي المواطنة وشكل مصر في العالم كله.. لا شروط ولا تبرير ولا دفاع عنه. وعندما نستعرض تمثيل المرأة في برلمانات العالم سنة 2008 نجد أن هناك 28 برلمانا ترأسه امرأة.. وأن متوسط اشتراك المرأة في البرلمان 11%.. وعندما نستعرض تمثيل المرأة في بعض الدول الإسلامية.. نجد في باكستان 21.3%.. وأندونيسيا 11.3% ورواندا 48%.. والسودان 25% وتونس 22.8% وموريتانيا 17.9% وفلسطين 12.8% وسوريا 12%.. والجزائر 7% وليبيا 4.7% ومصر 2% فقط تأتي مصر بعد جميع الدول العربية. ونظام الكوتة للمعارضين لحق المرأة في التمييز الإيجابي يطبق في 97 دولة في العالم. والسؤال الذي طرحته النساء لماذا لفترة محددة؟ أنه يعطي فرصة للمرأة لإفراز قيادات جديدة وهي كمواطنة تستطيع أن تثبت كفاءتها وقدرتها من خلال 10 سنوات تتضح التجربة ويشهد الشارع المصري بعدها بمهارتها وكفاءتها وقد تتفوق بالأداء علي الرجال. وهذا التحدي أمام المرأة في برلمان 2010 وهو إنجاح التجربة.. وكذلك علي الأحزاب السياسية أن تضع شروطا وقواعد لمن ترشح نفسها.. فليس كل رجل وامرأة تستطيع خوض الانتخابات. إذا لم يكن لديه القدرة والتاريخ والكفاءة والتواصل مع الجماهير. وهناك كثير من المتربصين للمرأة لإثبات عدم قدرتها وعدم كفاءتها سواء في المجتمع المدني أو في الصحافة والإذاعة والتليفزيون أو في الأحزاب السياسية. وهذه الانتخابات فرصة لتطوير مهارات المرأة. وفرصة لتنمية الوعي السياسي لدي الناخبات.. وفرصة لإعادة رسم صورة المرأة في مخيلة المواطن المصري من خلال اهتمامها بكل القضايا التي تهم المواطن المصري سواء التعليم أو الصحة أو الخدمات أو حتي قضايا المرأة.. وبذلك تتغير الفكرة عن المرأة في ذهن الزوج والابن والأخ والأخت والأمي والمتعلم. مطلوب من النائبة أن تتحدث في كل القضايا التي تهم المواطن. فرص المرأة تزداد.. وتجربة الكوتة تدعونا إلي أن نطالب بدور للأحزاب السياسية.. والجمعيات الأهلية والإعلام. وكانت مبادرة د. إيمان بيبرس هي المبادرة الأولي لجمعية أهلية لتثبت أن هناك نماذج نسائية أثبتت وجودها فيما مضي كممثلة للشعب وقدمت إضافات جديدة للبرلمان. فكما قالت النائبة المخضرمة سهير جلبانة نائبة لعدة دورات في السبعينات والثمانينات أن هناك نائبات حفرن أسماءهن في مجلسي الشعب والشوري وآمنت بهن الجماهير في انتخابات 2000 وانتخابات 2005 من سوهاج وقنا والمنيا أما في الإسكندرية والقاهرة وعواصم الحضر حيث المرأة المتعلمة والطبقة الوسطي والطبقة الراقية فقد وجدت صعوبات لتصل لمجلس الشعب. وعندما نقول المرأة لم تفعل شيئا في البرلمان ولم يكن لها دور مؤثر وفعال علينا بالرجوع إلي مضابط مجلسي الشعب والشوري في سنة 1979. 1984 فنجد أسماء لم ينسها الرجل إلي الآن.. راوية عطية. فايدة كامل. نوال عامر. ليلي حسن. آمال عبدالكريم. ألفت كامل. كريمة العروسي.. ثم النائبة المحترمة بشمال سيناء ودورها التاريخي سهير جلبانة. ولكن ماذا نريد الآن في هذه المرحلة الحاسمة نريد من الشعب أن يحسن اختيار نوابه من الرجال والنساء.. وأن يقدم الحزب الوطني وأحزاب المعارضة والمستقلون المرشح المناسب. نريد مجلسا يشهد تمثيلا حقيقيا للرجل والمرأة بحيث تصل المرأة إلي مجلس الشعب وهي مرفوعة الرأس بأصوات الناخبين فلقد بلغت 52% من التعداد الأخير و30% من قوة العمل و40% من القوة التصويتية. نريد نجاحا "للكوتة" لتشهد علي كفاءة المرأة المصرية وقدراتها.. نريد النجاح لصاحبات التاريخ والقاعدة الجماهيرية والكفاءة. لا للأسماء الشهيرة فقط أو التي قد يلمعها الإعلام بدون وجه حق.. فالحياد والموضوعية مطلوبة في هذه المرحلة الانتقالية التي تشهد إصلاحا سياسيا وربما حرية تعبير أكثر. وديمقراطية نزيهة.