تواجه القضية الفلسطينية في هذه المرحلة تطورات خطيرة.. القيادات الفلسطينية منقسمة علي نفسها وكل فيصل فلسطيني يبحث عن مصالحه الخاصة. بالنسبة للعرب فلا حول لهم ولا قوة. فهم أكثر ضعفا من الفلسطينيين والجمود العربي هو الظاهرة السائدة واللامبالاة العربية هي طابع المرحلة. الضعف العربي والابتعاد عن القضية الفلسطينية هو العامل الأساسي الذي يشجع إسرائيل علي التصرف بحريتها رغم ما نقرأه في هذه الأيام عن تكديس السلاح في دول الخليج العربي والذي كان آخره ما نشر نهاية الأسبوع عن موافقة الولاياتالمتحدةالأمريكية بصفقة أسلحة قيمتها 60 مليار دولار شملت طائرات مقاتلة من طراز "إف-15" وطائرات الهليكوبتر "الأباتشي" الي جانب صواريخ مضادة للردارات وقنابل موجهة بالليزر وصواريخ "هل فاير" للمملكة العربية السعودية لو استطاع الفلسطينيون ممن يتبنون مبدأ المقاومة الحصول علي ربع هذه الأسلحة التي تكدسها السعودية لتحررت فلسطين ولذهبت إسرائيل إلي الجحيم. الأمر الأخطر أن ملايين بل مليارات الدولارات التي دفعتها أيضا دول الخليج في الإمارات وغيرها لشراء أسلحة ليست من أجل فلسطين أو العرب.. ولكنها تخزن فقط في تلك الدول لاستخدامها في ضرب إيران عندما تقرر الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل. قبل اتفاقيات السلام والمفاوضات المتكررة من أجل ذلك السلام الوهمي كانت المقاومة هي قناعة الفلسطينيين والعرب.. اليوم وبعد أن تكثفت اللقاءات والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. اختلطت الأمور وأصبحت المفاوضات بلا معني إلا لمساعدة إسرائيل علي كسب الوقت والتوسع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. الفلسطينيون وقبلهم العرب يعلمون تماما أن تلك المفاوضات ليست إلا مهزلة لايمكن أن تحقق أي تقدم للقضية الفلسطينية. تلهف العرب للمفاوضات يكشف ضعفهم بسبب ما وصلوا إليه من تشرذم. المفاوضات بالنسبة للمسئولين العرب ليست إلا أسلوبا لتهدئة الشعوب العربية وإيهامها بأن حكامهم يشاركونهم الاهتمام بالقضية الفلسطينية. المفاوضات هي وسيلة تخدير الجماهير العربية. ولكن ذلك التخدير لايمكن أن يبقي إلي الأبد. بالنسبة لإسرائيل المفاوضات والمباحثات هي فرصة لكسب الوقت لكي تتوسع في احتلال المزيد من الأرض والعمل علي مضاعفة المستوطنات. يهودية إسرائيل إسرائيل لديها القدرة باستمرار لطرح مشروعات خبيثة لتحقيق اهدافها.. بالأمس طرحت إسرائيل فكرة يهودية دولة إسرائيل.. واليوم تطرح إسرائيل مشروعاً جديداً هو تبادل الأرض. يهودية دولة إسرائيل الهدف منها طرد 3.1 مليون عربي من مسلمين ومسيحيين ظلوا يعيشون في إسرائيل منذ عام .1948 ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي صرح بوضوح. بأن بلاده وهي تدعو الي يهودية الدولة تتطلع الي نقل ذلك العدد من الفلسطينيين الي الدولة الفلسطينية مقابل الاحتفاظ بمستوطنات الضفة الغربية. بدلا من السعي إلي حل يقوم علي أساس الأرض مقابل السلام. كان اختراع إسرائيل لفكرة يهودية الدولة. مدخلا جديدا لإسرائيل لتجعل من الوصول الي أي حل أمرا مستحيلا. فلا يمكن لأي عربي حتي ولو كان محمود عباس القدرة علي قبول مبدأ يهودية دولة إسرائيل لان ذلك يعني طرد كل عرب فلسطين الذين يمثلون 20% من سكان إسرائيل. شعار يهودية الدولة في إسرائيل يعني أيضا اغلاق الأبواب نهائيا أمام حق العودة للفلسطينيين الذين رحلوا بالقوة خارج فلسطين. و السؤال هو.. ماذا يبقي للفلسطينيين في أراضيهم إذا كانت إسرائيل بعد كل مرحلة من مراحل التفاوض تسطو علي جزء من الأرض الفلسطينية؟ إسرائيل تستخدم أساليب متعددة لإرباك العالم بالنسبة للقضية الفلسطينية لكي تصور للرأ ي العام العالمي أنها تسعي للسلام. هذا بالنسبة للجانب الإسرائيلي. بالنسبة للجانب العربي فإن العرب وبكل أسف لم يعودوا يمتلكون أمور أنفسهم عندما أعلنوا باستمرار. أن 99% من أوراق الحل في يد الولاياتالمتحدةالأمريكية. كل المفاوضات التي جرت خلال السنوات الماضية بالنسبة للقضية الفلسطينية هي مسرحيات عبثية. العرب يستغلون المفاوضات لايهام شعوبهم بأنهم مهتمون بالقضية الفلسطينية. اليوم تتحدث إسرائيل عن صداقتها ببعض الدول العربية بينما الشعوب العربية تعيش فترة من الإحباط وفقدان الأمل. اسلوب المفاوضات تحول الي عملية إذلال للفلسطينيين ولا يستطيع أي منصف أن يلوم الفلسطينيين الذين تركوا سلاح المقاومة. لأن توازن القوي بين إسرائيل والفلسطينيين غير عادل. ففي الوقت الذي تتسلم فيه إسرائيل أحدث الأسلحة والصواريخ والطائرات الأمريكية لايجد المقاومون الفلسطينيون الطعام والشراب. هناك بعض الدول العربية تتبرع لمشروعات في الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الأوروبية بملايين الدولارات. ما يجعلنا نتساءل عن موارد الجامعة العربية التي لم تتسلمها الجامعة منذ عدة سنوات؟ لابد أيضا أن نعترف بأن هناك عناصر فلسطينية. أصبحت تسعي الي التفاوض والتقرب من أمريكا وإسرائيل ليس من أجل مصلحة فلسطين ولكن لمصالح شخصية دون الاهتمام بالمفاوضات إذا فشلت. تبادل الأراضي الغريب في الأمر. أن محمود عباس أبومازن الذي يعارض فكرة يهودية الدولة وفكرة تبادل السكان. صمت تماما تجاه فكرة تبادل الأراضي التي أخرجتها إسرائيل من جرابها. فكرة تبادل الأراضي هي فكرة إسرائيلية خبيثة ظهرت عام 2008 وكانت جزءا من مبادرة بوس بيلين وياسر عبدربه. والتي أحيطت بسرية تامة. ولكنها تسربت تدريجيا للرأي العام من جانب إسرائيل. كان اختراع إسرائيل لفكرة تبادل الأرض مدخلا جديدا لإسرائيل لكل تجعل من أي اتفاق أمرا مستحيلا. ان هذه الفكرة أو الاختراع الإسرائيلي الذي خرج للرأي العام يمثل تفريطا في الثوابت الفلسطينية.. وقبول هذه الخطة أو الفكرة يعتبر تنازلا عن حق عودة اللاجئين الي ديارهم التي طردوا منها عام .1948 تبادل الأراضي يمهد عمليا لتبادل السكان. فهو ليس مطلبا بريئا لأن إسرائيل تريد نقضي القانون الدولي الذي يعتبر الضفة الغربية وغزة أرضا محتلة. كما أن إسرائيل تسعي في نفس الوقت نقض القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية. القاضي بأن تلك الأراضي الفلسطينية محتلة ويجب الانسحاب منها. إسرائيل تسعي بذلك إلي نسف كل القواعد القانونية الثابتة.. وقبول العرب تلك الخطة يعني تصفية القضية الفلسطينية واغلاق ملفها الي الأبد.