سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبراء إعلام يحذرون من المزيد في الأيام القادمة وبخاصة قنوات نقد الحكومة وصحف مهاجمة الرئيس.. خطة النظام ل "تركيع" الصحافة وتكميم الإعلام قبل إنتخابات الرئاسة القادمة
يعيش الوسط الصحفي والإعلامي حالة غليان هذه الأيام بعد الإطاحة بعماد الدين أديب من قناة الاوربت، وإقالة إبراهيم عيسي رئيس تحرير صحيفة الدستور الخاصة من منصبه، وأخيرا وضع الرسائل النصية القصيرة التي ترسلها الصحف كخدمة سريعة للأخبار تحت رقابة وزارة الإعلام ووزارة الاتصالات. وهذه الأمور التي أعتبرها خبراء تركيع للصحافة والإعلام، وعودة صارخة لنظام الرقيب على الصحف من خلال النظام المصري الحاكم. وذلك قبل انتخابات مجلس الشعب الشهر المقبل، والانتخابات الرئاسية العام القادم. وما حدث هذه الأيام ارجع الذاكرة إلي ما حدث عامي 2004 و2005 وقت إنتخابات الرئاسة ووقتها استغرب البعض من الانفراجة التي سمح بها النظام الحاكم في الحريات الإعلامية، وتصادف في هذه الوقت ظهور حركات معارضة مثل حركة كفاية التي كانت صرخة قوية في وجه النظام الحاكم لتقول له "كفاية" أي ارحل ولا نريدك. وفي هذه الأثناء بدأت تظهر مجموعة من البرامج أطلق عليها برامج "التوك شو" وهي البرامج التي تلقي الضوء على قضايا ومشاكل المجتمع المصري السياسية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية فظهرت برامج العاشرة مساءا، و90 دقيقة، والبيت بيتك والذي تطور إلى مصر النهاردة، والقاهرة اليوم. وظلت هذه البرامج التي ظهرت تباعا تناقش القضايا اليومية للمواطن المصري، ولكن في الإطار الذي لا تهاجم فيه شخص الرئيس مبارك أو أدائه ولكن يجوز أن تهاجم وزيرا ما أو تنتقد أدائه. الدكتور صفوت العالم الأستاذ بإعلام القاهرة يري أن برامج التوك شو أو الصحافة تتلخص مشكلتها في معالجة القضايا بنوعية الضيوف، فإذا كانوا لا يمثلون سوي طرف واحد من المشكلة، فستكون المعالجة أحادية قاصرة، وإذا كان العكس فسوف يكون هناك موضوعية وهو أمر يتوقف على المسئولين عن البرنامج أو الصحيفة وتوجهاتهم ولكن الواقع يقول إن عصر الرئيس مبارك وخصوصا في الخمس سنوات الأخيرة شهد حرية إعلامية وصحفية غير مسبوقة ومن الصعب أن نحكم على النظام أن كان سيتراجع عن هامش الحرية الذي أتاحه أم لا لان إغلاق برنامج أو إقالة صحفي ليست نهاية العالم، فبرامج التوك شو مازالت موجودة ومازالت تناقش القضايا المطروحة على الساحة ولا ينبغي لنا أن نتعجل في الحكم على الأحداث، ونحن لا زلنا نرى برامج تنتقد الحكومة وأحيانا النظام وصحف فيها كتاب يهاجمون شخص الرئيس مبارك أحيانا وليس مجرد انتقاد أداء الحكومة أو انتقاد سياسة الدولة. وأضافت الدكتورة سهام نصار أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إلى أن الأهم بتلك النوعية هو الابتكار شكلاً وأداء وطرح قضاياهم العامة وممثلة لكل الاتجاهات والتيارات، بينما يؤكد كل القائمين على تلك البرامج أن ما يهمهم هو السبق والعمل على أن تكون وعاءً للجميع يطرح كافة القضايا، ويلتزم الصدق والموضوعية. وأوضحت انه بات من المؤكد أن اهتمام المواطن بمتابعة الأخبار قد ارتفع مؤخراً بعد أن صده التكرار والرتابة عنها طويلاً، وأصبح من المعتاد الآن أن يسرع وزير بمداخلة هاتفية لتوضيح لبس بعد أن كانت إطلالة المسئولين قاصرة على البرلمان لإلقاء بيانات الحكومة. وصار المواطن على علم بالجهة التي يقصدها للشكوى بديلاً عن كبتها وهو ما قد ينتج عنه انفجارا اجتماعيا خاصة مع تزايد المشاكل الاقتصادية والأعباء المعيشية التي بدأ يتكبدها المواطن من غلاء أسعار وبطالة وغيرها من المشاكل التي باتت تؤرق المواطن البسيط. وترى الإعلامية هويدا طه أن برامج التوك شو تعتبر ظاهرة عارضة نتجت حينما وجد النظام الضغوط الخارجية كبيرة عليه من قبل الرئيس الامريكي بوش وأيضا الضغوط الداخلية والتي تبلورت في ظهور حركة كفاية عام 2004 ونتج بعدها سلسلة من الحركات الأخرى، وكان آخرها الجمعية الوطنية للتغيير فكان لابد من احتواء صوت الشعب الغاضب عن طريق هذه البرامج أو الصحف ولكن هذه البرامج رضيت بان تكون أداء في يد النظام وخاصة أن من يملكها مجموعة من رجال الأعمال الذين تربطهم بالنظام مصالح كبيرة فتواطأت مع النظام ورجال الأعمال وشاركت في عملية تنفيس غضب الشعب لضمان استمرار التحكم في صمام تنظيم الغضب لان الكبت يولد الانفجار ومبارك تعلم كثيرا من تجربة انتفاضة الغلاء أو "الخبز" عام 1977 في عهد الرئيس أنور السادات نتيجة غلاء الأسعار والتي كادت أن تطيح بالنظام وقتها لأنه لم تكن هناك أي وسيلة لتنفيس غضب الشعب وقتها فكان الانفجار، ولكن في ظل وجود هذه المعادلة الصعبة وهي انه لكي تنشئ فضائية فلابد من تمويل سواء كان حكوميا أو كان من رجال أعمال مرتبطين بالنظام فلابد من خيار ثالث ألا وهو إطلاق فضائية شعبية تكون بعيدة عن سطوة رجال الأعمال الذين تربطهم بالنظام مصالح خاصة وعن النظام الحاكم الذي لم يعد يتحمل النقد، لتنشر بين عموم الناس دعوة الإصلاح السياسي والتغيير الذي يجمع المخلصون جميعا وانه لا بديل عنه لإصلاح مشاكل.