إذا شئنا الصراحة.. فإنه لايمكن تجاهل كل هذا الارتياح الشعبي الذي استقبل به الحكم ببطلان عقدمدينتي, وذلك بغض النظر عن الجدل القانوني الذي أحدثه الحكم, وعن المأزق القانوني والاقتصادي الذي وجدت الحكومة نفسها فيه بعد البطلان. والواقع ان الناس لايعنيها في كثير أو قليل أي قانون كان الاولي بالتطبيق عند تخصيص كل هذه الأراضي لمدينتي أو لغيرها, ولكن الناس بالفطرة, تشعر بقلق إزاء الأرباح المتولدة عن الاتجار في أراضي الدولة سواء بالمضاربة أو بالاستثمار خلال السنوات الأخيرة, وفي حالة مدينتي فإن الخبراء هالهم ارتفاع سعر بيع الوحدات السكنية بها والذي بدأ بنحو3 آلاف جنيه للمتر المربع ويصل الآن إلي7 و8 آلاف جنيه, هذه الأسعار بحسابات السوق تعني ان نسبة قيمة الأرض في سعر المتر المربع مباني تتراوح مابين ألف و3 آلاف جنيه.. فكيف إذا يكون سعر متر الأرض في المشروع؟! هنا جوهر المشكلة. وهي تتعدي مدينتي لتشمل كل المشروعات العقارية الفاخرة التي جري تخصيص اراضيها بأسعار زهيدة للمستثمرين والذين يقومون ببيعها للناس بأسعار فلكية قلبت اسواق العقارات في مصر رأسا علي عقب في فترة زمنية لم تتجاوز5 سنوات. ومع ذلك فإن حالة مدينتي وأخواتها أفضل بكثير من الذين يلهثون وراء تخصيص الأراضي من الدولة ثم يعيدون بيعها لآخرين محققين ارباحا هائلة دون جهد سوي استثمار بعض الاتصالات وبعض العلاقات, وهي أيضا افضل كثيرا من حالات يتم تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي باسعار رمزية كما في حالة أراضي الوليد بن طلال في توشكي والتي تسلمها قبل12 عاما ولم يفعل بها شيئا, وهو يبحث الآن عن شريك ليبيع له الأرض من الباطن!!.. من اجل هذه التجاوزات والمفارقات الاقتصادية شعر الناس بالارتياح عندما أبطلت المحكمة عقد مدينتي, وسوف يكون الناس أكثر ارتياحا وأمانا عندما يرون قانونا موحدا وواضحا يتم في إطاره تخصيص أراضي الدولة للمستثمرين بعدل ونزاهة وشفافية, اما المستثمرون الحقيقيون فمازالوا يبحثون عن قواعد مبسطة وموحدة وتعاملات تتسم بالشفافية للحصول علي احتياجاتهم من الأراضي, ولاننسي أن الذي فجر قضية مدينتي هو مقاول سعي لشراء قطعة ارض من الدولة فرفضت التخصيص له.. فجري ماجري.