تتجدد بين الحين والآخر مطالب النساء في مصر بالمساواة بين الرجل والمرأة فى عقوبة الزنا ، ورغم أن الموضوع قديم وتم تناوله فى الأفلام المصرية فى الثمانينات ، إلا أن المصريات لديهن إصرار علي محاولة الحصول علي قانون يساويهن بالرجال في عقوبة الزنا دون كلل ، ومؤخراً خرجت علينا الدكتورة فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومي للمرأة تجدد طلب المجلس في المساواة بين الجنسين " الرجال والنساء " في عقوبة الزنا. الدكتورة فرخندة أكدت أن الدستور في مصر لا يوجد به تمييز بين الرجال والنساء ، لكن الممارسة الحقيقية لبنود الدستور تكشف في بعض الأحيان عن بعض الثغرات القانونية ، لذا لا بد من سن تشريع جديد يساوي مساواة فعلية بين الرجال والنساء في كافة الحقوق والواجبات وعلي رأسها عقوبة الزنا التي تري فيها إجحافاً للمرأة . وعن دور المجلس في دعم تلك القضية قالت الدكتورة فرخندة : إن المجلس يختص بمراجعة كافة مشروعات القوانين المتعلقة بالمرأة ، وذلك قبل عرضها علي البرلمان " مجلسي الشعب والشورى " ، ويقوم بإبداء الرأي حول ما يراه يحتاج إلي تعديلات قبل عرضة علي البرلمان حتى يخلو القانون من أي تمييز ضد المرأة ، كما أن المجلس يقوم بمراجعة القوانين السارية بالفعل ويقدم مقترحاته لتعديلها .. مؤكدة نجاح المجلس في تعديل بعض القوانين والتشريعات التي أصبحت أكثر إنصافاً للنساء في مصر بعد تعديلها. كما أكدت أن المجلس القومي للمرأة طالب بتعديل القانون بما يقضي بالمساواة بين الرجل والمرأة في عقوبة الزنا وفق ما تراه الشريعة الإسلامية ، وليس كما ادعي البعض بأن التعديلات المقترحة تتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية. " مصر الجديدة " استطلعت آراء علماء الدين وفقهاء القانون وأساتذة علم النفس والاجتماع حول مدي إمكانية تعديل القانون ، ليساوي بين الرجل والمرأة في حد العقوبة المشرعة لجريمة الزنا ، وحول البنود التي يري المطالبون بالتعديل بأنها ظالمة للمرأة ومنصفة للرجل فكانت الآراء: الدكتور عبد الرحمن أبوعميرة عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط قال : أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عندما ذهب إليه أحد الأشخاص يخبره بأنه شاهد امرأة تزني لم يتعجل عليه الصلاة والسلام الرد وإنما سأله : وهل شاهدها أربعة شهود : فقال له :لا، فرفض الرسول تطبيق حد الزنا عليها ، وهذا يوضح أن الشريعة الإسلامية وضعت شروطا قاسية لتوقيع هذه العقوبة علي الرجل أو المرأة ، مثل توفر أربعة شهود تمكنوا من رؤية الواقعة بوضوح وبتفاصيلها ، وبالتالي فإن القتل عندما يكون معتمداً علي الشك وليس اليقين يكون قتلا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، وأضاف أبو عميرة : إن هذه الثقافة الإيمانية لا مكان لها في مجتمع قبلي كمجتمعنا ، حيث إنه باسم الشرف وغسل العار ترتكب 29% من جرائم القتل في مصر ، والمسألة هنا لا تتعلق بكم الضحايا وإنما في القيم التي يزعم البعض أنها مستمدة من الإسلام بينما هي أبعد ما تكون عن الشريعة الإسلامية . وأشار إلي أن الظاهرة السلبية في مجتمعنا هي أن هناك الكثير من العوامل التي تشجع علي عدم إعطاء المرأة حقوقها الكاملة ، وبالتالي استحالة تساويها بالرجل ، ويأتي علي رأسها الطبيعة الذكورية للمجتمع الذي نعيش فيه ، وهذه الطبيعة لا تري في المرأة سوي جانب الجنس حيث يتم النظر إليها علي إنها سلعة تباع وتشتري وليس لها قيمة أو كرامة آدمية ، ومن هنا يأتي التمييز الصارخ ضد المرأة وهذه أمور مخالفة للإسلام ، ولم تكن موجودة في عصر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ولا صحابته. علي صعيد متصل أكد الدكتور عبد الفتاح الشيخ عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس جامعة الأزهر الأسبق أن الشريعة الإسلامية لم تفرق بين الرجل والمرأة في حد عقوبة الزنا حيث أن الله عز وجل قال في كتابه الكريم " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " ، وهذا النص القرآني الكريم صريح تماماً ولا يمكن التحايل عليه أو التلاعب به ، مما يؤكد أن الإسلام قد ساوي بين الرجال والنساء في عقوبة الزنا. وأشار الشيخ إلي أن الفارق بين الرجل والمرأة في حالة التلبس بجريمة الزنا ربما يكون في أمر واحد ، ألا وهو عندما يفاجأ طرف من الطرفين بالآخر وهو ينام مع غيره في سرير واحد ، فبالنسبة للمرأة عندما يراها زوجها في وضع مخل مع شخص آخر فهي بالطبع ترتكب جريمة الزنا ، أما إذا وجدت المرأة زوجها في سرير النوم مع امرأة أخري فليس بالضرورة أن يكون يرتكب فاحشة الزنا ، فربما يكون متزوجاً منها دون علم زوجته ، وهذا هو الفارق الذي جعل المشرع يفرق في العقوبة بين الاثنين حسبما أعتقد. من جانبه أكد الدكتور أسامة السيد أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن القانون الذي حدد العقوبات الخاصة بجريمة الزنا والذي تم تشريعة منذ عام 1937 لم يأتي مبنياً من الأساس علي الشريعة الإسلامية وبالتالي فهو مخالف للدستور ويجب الطعن في عدم دستوريته وليس المطالبة بتعديله ، ويجب نسفه من الأساس ليتم تشكيل قانون جديد يكون مبنياً على ما نصت عليه بنود التشريع الإسلامي الذي ساوي بين الرجل والمرأة في العقوبة ، ولم يجعل هناك أي تمييز فئوي. وأشار إلي أنه من الأفضل أن يتم إتباع الطريق الواضح من خلال تطبيق ما أمر به الله عز وجل في الحدود ومنها الزنا ، الذي أري أنه لو تم تطبيق العقوبة التي أمر بها الله عز وجل لكانت سبيلاً للهدي والنور في المجتمع ، فهي أفضل السبل لمواجهة انتشار الرزيلة التي استشرت في المجتمع وبات القانون غير قادر علي كبحها ، لذا لابد من العودة إلي كتاب الله وتنفيذ ما أمر الله به علي الجميع ، فنحن مسلمين في دولة مسلمة ودستورها مبني علي الإسلام ، فلماذا لا تطبق شرائع الإسلام كما جاءت ؟ ومن ناحيتها قالت أستاذة القانون بجامعة القاهرة الدكتورة فوزية عبد الستار : إن النص المتعلق بعقوبة من يقتل زوجته هو ومن يمارس معها جريمة الزنا ، إذا فاجأهما فقتلهما في الوقت نفسه في حاجة إلى إلغاء وليس إلى تعديل، لان أمر توقيع العقوبة أيا كانت من اختصاص ولي الأمر ولا يوقعها إلا هو ، كما أنه غير مباح لأي من الزوجين أن يقتل الآخر في آي حالة وبأي شكل من الأشكال ، خاصة أن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الرجل والمرأة لكنها تفرق بين المحصن وغير المحصن سواء للرجال أو النساء. وأشارت إلي أن التشريع الحالي من قانون العقبات فيه مواد تتعلق بجريمة الزنا سواء وقعت من الزوجة أو الزوج بها كثير من المفارقات الغريبة ، فبينما يعاقب بنص القانون بالحبس لمدة سنتين للزوجة يعاقب الزوج بالحبس ستة أشهر فقط ، كما أن الزوجة تعاقب بجريمة الزنا في مكان أمسك بها الزوج وهي تزني ، في الوقت نفسه لا يعاقب الزوج على جريمة الزنا إلا اذا كان على فراش الزوجية " بمنزله " ، وهذا يعني أنه حتي لو أن الزوج ارتكب جريمة الزنا في مكان آخر منزل الزوجية ، وأمسكت به زوجته متلبسا بالجريمة فلا يمكنها تقديمه للمحاكمة ، حيث إن الجريمة تمت في مكان غير منزل الزوجية.