غدا يحضر إلي مصر رجل غير مرغوب فيه وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونقول لذلك الرجل مقدماً لاجئت أهلا ولا نزلت سهلا في مصر وفي نفس الوقت اجدني اشفق في كل مرة يأتي فيها هذا النتنياهو إلي مصر علي الرئيس حسني مبارك واتعجب من قدرة الرئيس علي الحديث مع هذا الرجل القمييء الذي لا يمتلك أي مشاعر إنسانية حيث كشف عن ذلك في كل تعاملاته مع الشعب الفلسطيني المحتل. لقد عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأساليب مختلفة عن قرفه واستيائه من استقبال نتنياهو ولكن الرئيس الأمريكي أجبر من قبل اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة وغيرها من دول العالم علي تصنع الترحاب بهذا النتنياهو في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة. الرئيس الأمريكي وجد نفسه في وضع يجبره ليس فقط علي حسن استقبال نتنياهو.. بل وصل الأمر بالرئيس الأمريكي أن يتنصل ويعتذر عن اسم والده "حسين" لأنه مسلم.. فاللوبي الصهيوني الأمريكي يضغط علي أوباما وكأنه من أصل أوباما المسلم واسم والده المسلم يعتبر جريمة لابد أن يكفر أوباما عنها طوال حياته. لقد صرح أوباما للقناة الثانية الإسرائيلية ان سياسته لكسب صداقة المسلمين هي من أجل حماية إسرائيل والدول الغربية بل انه صرح أيضا بأن اسم "حسين" وهو اسم والده يسبب له أزمات كثيرة. نحن لا ندين الرئيس الأمريكي بل نشك في انه كان جادا فيما قاله في خطابه بجامعة القاهرة ولكن الرئيس الأمريكي أصبح مجبرا علي تنفيذ سياسات ربما يكون غير مقتنع بها ولكن في النهاية يتحول من متعاطف مع القضايا العربية العادلة إلي أداة في أيدي الصهيونية العالمية التي تحركها إسرائيل. علي العرب وبالأحري علي الحكام العرب أن يقنعوا بأن حل القضايا العربية ليست في أيدي الرؤساء الأمريكيين وليس أوباما وحده فالرئيس جون كيندي لقي مصرعه لأنه حاول أن يفهم المشكلة الفلسطينية علي حقيقتها. لا أدري متي سيكتشف العرب ان مقولة 90% من أوراق الحل بأيدي الولاياتالمتحدة ولا ندري إلي متي يقتنع العرب بأن طريق المفاوضات والتقرب من الولاياتالمتحدةالأمريكية لن يفيد. الرئيس الأمريكي طلب من إسرائيل وقف البناء في المستعمرات كذلك طالب الرئيس الأمريكي بوقف هدم منازل الفلسطينيين في القدس ولكن إسرائيل مستمرة في سياستها الاستيطانية وفي التوسع في بناء المستوطنات والاستيلاء علي أملاك الفلسطينيين في القدس. الدول الأوروبية كشفت كذلك عن مواقفها المتخاذلة تجاه إسرائيل وان كنا لا ننكر مواقف الشعوب الأوروبية التي شاركت في قوافل انقاذ الفلسطينيين في غزة وما تقوم به الجماعات المؤيدة للقضية الفلسطينية في أوروبا. الاتحاد الأوروبي حذر إسرائيل من مواصلة مخططات هدم المباني في القدسالشرقية.. مفوضة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي "كاترين اشتون" صرحت في بيان للاتحاد يرفض كل الأنشطة الاستيطانية في القدس وغيرها من المستوطنات ولكن إسرائيل لم تعبأ بمثل تلك البيانات حتي الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" عبر عن قلقه لما يحدث في القدس واعتبر ان الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في القدس مخالفة للقانون الدولي ولرغبات السكان الفلسطينيين ولكن تلك التصريحات لم تجد أي اعتبار من جانب إسرائيل. والغريب ان تصدر عن الولاياتالمتحدةالأمريكية بيانات تدين فيها ظاهرة تزايد هدم منازل الفلسطينيين في القدسالمحتلة ودعت جميع الاطراف إلي تجنب أعمال يمكن أن تقوض الثقة والمضحك في الأمر توجيه أمريكا البيان لجميع الاطراف وكأن الطرف الفلسطيني يشارك في عمليات هدم المنازل الفلسطينية. والغريب أيضا أن يعلن الرئيس الأمريكي أمام نتنياهو بالإشادة بما وصفه تقدم حقيقي لرفع الحصار عن أبناء غزة المحاصرين والذين يبيتون في العراء بعد هدم منازلهم.. ثم يصر العالم والرئيس الأمريكي علي منع دخول مواد البناء إلي غزة ولكن يتم السماح لدخول الشيكولاتة وغيرها من المواد الترفيهية التي لا يفكر فيها أبناء غزة الجائعون. حضور نتنياهو إلي القاهرة إذا حضر لطلبه مساندة مصرية لإقناع الفلسطينيين للدخول في مفاوضات بدون اطار محدود ودون التزام بما يتم التوصل إليها. ياسر عبدربه أمين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اشار إلي أن وزير الدفاع الإسرائيلي لم يعط اجابات واضحة خلال اجتماعه برئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض حول الاستفسارات الفلسطينية. إسرائيل تريد الاستفادة من عمل الوقت من أجل الوصول إلي فترة انشغال الأمريكيين بالانتخابات المقبلة مما يتيح للإسرائيليين مجالاً للتهرب والمماطلة. إسرائيل تعرف جيدا ماذا تريد.. إسرائيل تريد الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلي المفاوضات المباشرة لكسب الوقت وتهدئة الرأي العام العالمي الذي استفزته العملية الإسرائيلية الإجرامية ضد قافلة الحرية. إسرائيل تحاول اقناع الولاياتالمتحدة بأنها خففت الحصار علي غزة.. فالولاياتالمتحدة شعرت خلال المرحلة الماضية ان تصرفات إسرائيل يمكن أن تسيء إلي الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط فالولاياتالمتحدة لها جيوش في العراق وافغانستان وبدون مساندة من دول المنطقة فإن الأمريكيين سواء من المدنيين أو العسكريين معرضون للخطر في كل وقت. إسرائيل شعرت بوجود عدم رضا عن توريطها للولايات المتحدة فعلي سبيل المثال.. يمكن لتصرفات إسرائيل تجاه تركيا أن تتغير السياسة التركية تجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية. الولاياتالمتحدة نشعر بأن التهور الإسرائيلي في الدول المجاورة لها يمكن أن يؤثر علي موقف تلك الدول من السياسة الأمريكية تجاه ايران في الوقت الحاضر. وفي محاولة من إسرائيل لتذكير الولاياتالمتحدة بخدمات إسرائيل لها.. نتنياهو أشار في لقاءاته الأخيرة بالولاياتالمتحدة إلي ما قامت به إسرائيل لأمريكا من خدمات. الإسرائيليون يذكرون الولاياتالمتحدة بما قدموه من خدمات مثل قيام إسرائيل بتدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981 مشيرين إلي أن هذه العملية هي التي مهدت لغزو العراق دون أن تخشي الولاياتالمتحدة من رد فعل نووي من جانب العراق. كذلك تذكر إسرائيل الولاياتالمتحدةالأمريكية بما قامت به إسرائيل من تدمير المشروع المفاعل النووي السوري المزعوم عام .2007 ولكن رغم ما عدده نتنياهو من افضال إسرائيل علي الولاياتالمتحدة فإن هناك اليوم شعورا لدي المسئولين الأمريكيين وقطاعات من الشعب الأمريكي بأن إسرائيل أصبحت عالة علي الولاياتالمتحدة مما جعل جماعات اللوبي الصهيوني تنشط لتحسين صورة إسرائيل أمام الشعب الأمريكي. إسرائيل وضعت الولاياتالمتحدة في وضع لا تحسد عليه فهي لا تستطيع قبول اساءة العلاقات مع تركيا بعد مجزرة قافلة الحرية ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع اتخاذ موقف من إسرائيل يمكن أن يثير اللوبي الصهيوني داخل الكونجرس الأمريكي وخارجه. بالنسبة لنا نحن العرب يجب أن نعي ما يدور حولنا لأن الولاياتالمتحدة لن تقدم لهم أي مساعدات فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني.. الأمل في موقف امريكي مساند للقضية الفلسطينية غير موجود.. والأمل في ان تضغط أمريكا علي إسرائيل غير موجود كذلك ان لعبة المفاوضات هي التي مكنت إسرائيل من الاستحواذ علي مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية بل ان إسرائيل بدأت تفكر في التوسع خارج الأراضي الفلسطينية إلي أراضي الدول العربية المجاورة وفي مقدمتها أراضي سيناء.