قد كفاكم وقد كفانا.. لم يعد في الوقت متسع.. ولا في القلب خفقان.. جفت دمائنا.. وتصلبت الشرايين.. وصرنا خشبٌ مسندة.. تقتاتها النار.. ويطرحها الغزاة سقالات يدوسونها بأحذيتهم لقتل أهلنا في فلسطين والعراق وسوريا وجنوب لبنان. آه يا وطني.. وآه لرجل مثلي يتأوه كما تتأوه الثكلى عند فقد فلذة كبدها، آه لرجل صمت ولم يستل سيفا أو يشرع بندقية في وجه أعداء الوطن. لعلكم تذكرون صيحة الإعلامي الكبير الأستاذ "حمدي قنديل" بالأمس القريب في نقابة الصحفيين بصوته الجهوري المميز "لم يعد الصمت ممكنا"، كان نداء عاما بطياته تخصيص للأحرار من غير تجريح للمتخاذلين والخونة حكام الوطن العربي. وصباح اليوم رن النداء في أذني بصوته الرخيم عبر الهاتف في شكل رقمي محدد "الإسرائيليون قتلوا 16 فردا من أسطول الحرية"، أمسكت على نفسي حتى انتهت المكالمة القصيرة، وصرخت في شقتى المتواضعة "لم يعد الصمت ممكنا"، وذهبت أجرد حسامي من غمده (أسحب لوحة مفاتيح الحاسوب لأكتب وأوزع ما أكتب وهذا دفاع الضعفاء). وندمت وتساءلت في حسرة: كيف ضاع كل هذا العمر مني دون أن أذهب إلى الحدود مع فلسطين .. اخترقها أقتل الصهاينة ..وأنال الشهادة كي لا أرى هذا اليوم الأسود. حكام عرب ..أقل ما يوصفون به وبرفق أنهم خونة. وعدو صهيوني يمارس الإرهاب ويقتل العزل من فوق ظهر سفن الإغاثة في أسطول الحرية. هل رأى العالم إرهابا أسوأ من ن الذي تمارسه الصهيونية؟ وهل هناك فجرا "أوسخ" مما يقوم الكيان الصهيوني ضد العزل سواء في فلسطين أو فوق ظهر السفن؟ ليس لدى ما أقوله، ولست بناصح أحد، لكن لدى شوقا وأمنية أن ننزل إلى شوارع جمهورية مصر العربية منذ الآن ونتظاهر ضد الإرهاب الإسرائيلي الذي منع وصول أسطول الحرية إلى غزة وقتل كثيرا من أفرادها العزل، كل حسب ما يرى، المهم ألا تنام أعيننا قبل أن يجف دم شهداء أسطول الحرية، وهذا أبسط حقوقهم وحقوق أشقائنا الفلسطينيين في غزة المحاصرة. لنفترش أرض شوارع مصر أو قيعان سجونها أو نتوسد ترابها مع الشهداء والصديقين.. كفانا .. ولا خوف بعد اليوم. إلى الشوارع.. أعرف ربما نموت برصاص شرطة نظام مبارك، الذي هدد به عدو الشعب وأحد المنتمين إلي حزب مبارك، ما المشكلة.. في كل الحالات نحن في عداد الأموات!! فلماذا لا نموت واقفين؟! دفاعا عن حق ومبدأ.. احتراما لأبنائنا حتى لا نورثهم ذل القيد من بعدنا.. احتراما لكينونة بشرية تمتهن كرامتها دوما. فلتعم المظاهرات كل شوارع مصر، ليل نهار ومنذ الآن، من أجل شهداء أسطول الحرية، ونصرة فلسطين، وكسر حصار نظام مبارك الخائن عن غزة. مظاهرات لا هوادة فيها.. تصون ملكية الشعب وتحافظ على مؤسسات الدولة. تظاهرات صارخة: "لا".. وألف "لا" .. فقد مضى زمن التقاعس والخوف على الحياة .. وليكن ما يكون، إن أرادت شرطة مبارك تحويل الشوارع إلى أنهار دم، فللسياف ما يريد، ودماؤنا لم تجف، وهي دوما معينا لا ينضب لتطهير الوطن من زمرة الخونة في سدة الحكم. فلتعم المظاهرات وتستمر.. واجب مفروض علينا، لا تسجيل موقف وإبراء ذمة والوقوف ساعة ثم الانصراف. إن فرقتنا الشرطة فلنذهب لمكان آخر، ولا نستبعد الذهاب لقصر الرئاسة في مصر الجديدة ولو بأعداد قليلة في حالة سد كل منافذ التظاهر في شوارع القاهرة.