يبدو أن "نجيب جبرائيل" محام البابا وذراعه القوى، قد بدأ يتضخم شعوره بالذات وبأنه أقوى من أجهزة الدولة الرسمية، لدرجة أنه توجه مؤخرا إلى كبار المسئولين الأمنيين فى البلد بالتوبيخ، وذلك فى أعقاب اعتقال أعداد من التابعين للكنيسة المصرية فى الإسكندرية، متلبسين بالقيام ب"التبشير" فى أوساط الشباب المسلم، وهو ما يعد – فى الظرف الراهن – نوعا من الاستفزاز غير المقبول، خاصة وأن الاحتقان المتصاعد على الساحة الدينية فى مصر لا يحتمل مثل هذه السلوكيات المثيرة لغضب (الآخر). والمعروف أن الظرف الراهن ذاته كان السبب فى توقف جميع أعمال الدعوة إلى الإسلام من جانب كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بما فى ذلك الأزهر الشريف وذلك لأول مرة فى تاريخه. بل أن الطوائف الإسلامية، على مختلف توجهاتها بدءا من جماعة التبليغ والدعوة، مرورا بجماعة الإخوان "المحظورة" وحتى المنتمين للطرق الصوفية، كلها تواجه حاليا ما يشبه الحصار الأمنى على أنشطتها الدعوية، بلغت حد إغلاق المساجد الرئيسية بدعوى منع عقد جلسات دينية بها فى أعقاب الصلوات، بل وحظر إقامة حلقات الذكر الصوفية لأول مرة فى الأضرحة الشهيرة بالحسين والسيدة زينب، وذلك منذ أكثر من خمسة قرون. المؤكد الآن أنه لن يمر وقت طويل قبل أن يواجه "نجيب جبرائيل" تبعات أفعاله الاستفزازية، والتى كان آخرها رفع دعوى للنائب العام ضد الكاتب "يوسف زيدان" بحجة ازدرائه للديانة المسيحية أثناء حديث عفوى بينه وبين الإعلاميين فى إحدى الندوات التى عقدت بصحيفة "اليوم السابع"، وهى التهمة التى أعلن "زيدان" براءته التامة منها، ومشددا فى الوقت نفسه على رفضه لكل محاولات التدخل من جانب مفكرين كبار بهدف قبول الصلح مع "جبرائيل" وهو ما يعنى أن "يوسف زيدان" يريد أن يحفر "جبرائيل" قبره بيده، وأن ترتد سهام دعواه القضائية إلى نحره، تماما كما استطاع كاتب آخر تعرض للسهام المسمومة ذاتها، وبنفس التهمة الباطلة، ألا وهى ازدراء الديانة المسيحية، وهو الكاتب والدبلوماسى المصرى "محمد السادات" الذى واجه بشجاعة دعوى قضائية أقامها ضده "جبرائيل، فى محكمة القضاء الإدارى، حيث تمكن مؤخرا من الحصول على حكم لصالحه بإعادة توزيع كتابه الشهير "من دلائل عظمة الرسالة المحمدية والبشارات بها في كتب أهل الكتاب"، وهو الكتاب الذى واجه حملة شعواء من "جبرائيل" فى محاولة منه لإجبار الهيئة العامة للكتاب على وقف توزيعه، قبل أن تتحطم محاولاته تلك على صخرة القضاء المصرى النزيه.