■ عندما وقع زلزال أكتوبر 92 وخرجت مصر كلها فى حالة ذعر وانهارت المنازل وتصدعت العمارات وتوالت القوانين والقرارات والفرمانات حتى وصلت إلى قرار الحاكم العسكرى ، ووقتها اعتبر الجميع أنه الضوء الأحمر وجرس الإنذار وإن الكل إنتبه حكومة وشعباً ولكن هيهات وعلى رأى اللى قالوا – رجعت ريما لعادتها القديمة – ومن يومها وحتى الأن مروراً بخمسة عشر عاماً حدثت العديد من الإنهيارات والآلاف من المخالفات ومئات آلاف من التعديلات على أراضى الدولة والأشخاص والشركات ، وملايين من حالات الفساد والرشوة والجشع وغياب الضمير والجميل فى دولتنا أن الصدفة هى سيد الموقف والقرارات العشوائية والمنفعلة هى توابع أى أزمة أو كارثة تحدث ، ونجد أن مجموعة من القوانين تم سنها و اعتمادها ودخلت بسرعة حيز التنفيذ " علشان ياحرام الناس ماتت ولا اتنصب عليها ولا حتى حصلت لها كارثة " ولكن سرعان ما يختفى كل شئ وسبحان الله أنعم على الإنسان بنعمة النسيان ، وده عندنا فى بلدنا ربنا أنعم علينا منه بسخاء ، فبمجرد ما الموضوع يبرد ويطلع له كام قانون وما يتنفذوش طبعاً وربنا يخلى لينا الأخوة المحامين اللى بيدرسوا الثغرات قبل ما يدرسوا القوانين نفسها ، أمال يعنى الناس تشتغل إزاى ، المهم أن الأمور بترجع تانى وكان شيئاً لم يكن والحياة طبيعية والمحظور مباح واتوكل على الله وربك يسترها ونرجع تانى نشتغل بقانون البركة وسياسة سلمها لله وهى تمشى ، واحنا لا سمح الله مش بنعترض على قدرة ربنا ولكن ربنا نفسه طلب منا أن نعقل الأمور وننظم أعمالنا . وعلشان الأمور تكون أوضح إحنا مش قصدنا هنا بس المبانى وانهيار العمارات ، واحنا أشرنا فى البداية للزلزال ، علشان كلنا وقتها اعتبرناه وقفه صريحة مع النفس للدولة ولينا اعتبرنا اللى جاى بعده حياة جديدة وحلمنا اننا داخلين مرحلة جديدة وكل سنة جديدة الكلام بيكتر على التنظيم والتخطيط والخطط والبنية التحتية وغيرها كتير ، وفى النهاية مش عايزين نقول مفيش تغيير ولكن التغيير لا يتماشى تماماً مع عدد السنوات ومع كيان الدولة المصرية ، قيس على ذلك كل شئ فالعشوائية والصدفة لا تزال هى القاسم المشترك الأعظم فى جميع ما يحدث لنا من كوارث فى حياتنا ، ونروح بعيد ليه إذا كانت الحكومة نفسها عندها تجاوزات بينها وبين بعضها ، فما بالك بالشركات والتجار والأفراد نفسهم منتظرين منهم إيه والموضوع مش سهل والحل مش فى إيد الدولة أو الحكومة لوحدها ولكن الحل فى التعاون بين أجهزة الدولة والمجتمع المدنى ومن ورائهما فئات الشعب فلا يجوز لدولة أن تعيش لأكثر من ربع قرن تحكمها الصدفة وإذا كان قانون الطوارئ نفع خلال ربع القرن الماضى فى السيطرة على بؤر الفساد والإرهاب كما تدعى الحكومة ولولاه لما كنا فيه عليه الآن من نعيم وإستقرار أمنى على حد قولهم وإذا كان صدور قانون الإرهاب حالياً يستعد للإنطلاق فعلى الدولة أن تهتم أيضاً بسرعة إصدار القوانين أو تفعيل القوانين الحالية و التى من شأنها تنظيم وإدارة العلاقات داخل الدولة حتى نصل إلى الإستقرار الإجتماعى والإقتصادى والمعنوى فليس من المعقول أن نطالع فى الجرائد يومياً التحذيرات و القضايا من نصب وتوظيف أموال بالمليارات وفلان العلانى بيحذر مش عارف مين فى التعامل على الأرض الفلانية ، والهيئة أو الجمعية العلانية تحذر كل من قرأ الإعلان العلانى بخصوص المشروع إياه لأنهم ميعرفوش عنهم حاجة ومؤسسة إعلامية يتظاهر أفرادها احتجاجا على شوية بلطجية علشان يبتعدوا عن أرض ملكهم والغريب أنها مش أول مرة وأنهم المرة اللى فاتت نفدوا بجلدهم وقدروا يقيموا عمارتين على أرض أخرى وعايشين تمام وعايزين يكرروا الموضوع ماهو البحر بيحب الزيادة وكأن الملكية فى مصر تأتى بقوة السلاح والمحسوبية وأن الأوراق والمستندات دى مش كفاية دى مجرد شكليات ونروح بعيد ليه ما هو أنت لو ربنا كرمك وإشتريت حتة أرض فى الساحل الشمالى أو فى الطريق الصحراوى بتلاقى الحكومة نفسها بتقولك اشتريها من واضعى اليد وبعدين تعالى اشتريها مننا منتظر إيه بعد كده والمشكلة موقفتش عند الملكيات ولا الأمور اليومية ولكن خلينا نراجع نفسنا والقرارات اللى بتصدر عن الحكومات المتلاحقة هتلاقى معظمها ردود أفعال لمواقف بتحدث بالفعل وآخرها شركات المياه واللى كلنا بنقول عليها مياه معدنية وفى الأخر بعد السنين دى كلها وبعد ما الناس اتضخمت ثرواتها فى التجارة فى النصب على الناس يقولوا لأ دى معظمها إن لم يكن كلها غير مطابقة ومنها ملوث .. طيب لو الناس ضميرها خلاص مات فين دور الدولة والأجهزة الرقابية ولا هى بس بتظهر فى تحصيل الجبايات ( قصدى الضرائب ) وياريت الكل بيتساوى مكانش ده بقا حالنا دول ناس وناس وفى النهاية لو مش هنفعل القوانين والناس كمان يصحى ضميرها يبقى فعلاً مافيش فايدة .