أسعار الذهب اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025 فى مصر والعالم    مجموعة "كايرو ثري إيّه" تدعم وحدة زراعة الكبد في مستشفى الناس بمبلغ 50 مليون جنيه    بعد غلق آلاف الأجهزة المُعفاة المباعة.. شريف عامر لمتحدث تنظيم الاتصالات: لا يوجد قانون يمنعني من بيع هاتفي    كم سعر الذهب اليوم في مصر؟ تحديث جديد لأسعار العيارات في الصاغة    متبرع ثري يمنح 130 مليون دولار لتعويض رواتب العسكريين أثناء الإغلاق الحكومي    مصادر دبلوماسية ل«الشروق»: واشنطن تستضيف اليوم اجتماعا لممثلين للآلية الرباعية حول السودان    مندوب مصر بمجلس الأمن: مصر تحذر من عدم تنفيذ كافة البنود باتفاق شرم الشيخ للسلام    روما يسقط على ملعبه بخسارة مفاجئة في الدوري الأوروبي    نادر العشري: الزمالك يحتاج إلى مدرب قوي الشخصية.. والأهلي لن يجد بديلًا لعلي معلول بسهولة    المؤبد لتاجر جملة وسائق لحيازتهما 150 طربة حشيش و4 أسطوانات هيروين بالبحيرة    ما حقيقة منح يوم افتتاح المتحف المصري الكبير إجازة رسمية للموظفين؟    حنان مطاوع: سأقدم دور حتشبسوت.. وهذا موقفي من الذكاء الاصطناعي    زاهي حواس يكشف عن أغرب الاكتشافات الأثرية مع عمرو الليثي الاثنين    ريم مصطفى تبرز إطلالتها الساحرة فى مهرجان الجونة عبر جلسة تصوير جديدة    لماذا لم تتم دعوة الفنان محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يرد    بلجيكا تمتنع عن دعم مصادرة الأصول الروسية في القمة    مستشار الرئيس الفلسطيني: هناك تصريحات مشجعة من حماس بشأن تسليم غزة وسلاحها للدولة الفلسطينية    ماكرون: العقوبات الأمريكية ضد روسيا تسير في الاتجاه الصحيح    أسامة كمال: أوروبا عايشة في أمان بفضل مصر.. والتجربة المصرية في ملف اللاجئين نموذج إنساني فريد    النيابة الإدارية تختتم البرنامج التدريبي لأعضائها في مجال الأمن السيبراني    بعد المشاركة في مظاهرة بروكسل.. أمن الانقلاب يعتقل شقيقا ثانيا لناشط مصري بالخارج    مدرب بيراميدز يتغنى بحسام حسن ويرشح 3 نجوم للاحتراف في أوروبا    انتخاب إدريس الهلالي نائبا لرئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو    إنزاجي يضم 10 أجانب قبل مواجهة اتحاد جدة    وزير صهيونى يسخر من السعودية: "تطبيع بلا شروط" أو استمروا بركوب جمالكم    من "أزمة عصر وأشرف" إلى هروب الأبطال.. الاتحادات الرياضية في مرمى الاتهام    رئيسة معهد لاهوتي: نُعدّ قادةً لخدمة كنيسة تتغير في عالمٍ متحول    نهاية أسطورة «المخ».. تاجر الهيروين يقع في قبضة مباحث بنها.. وقرار من النيابة    أظهرا حبهما علنًا.. محكمة تُلزم 2 «تيك توكر» بالزواج بعد نشرهما فيديو «مخالف للآداب»    5 ساعات خطِرة.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: حافظوا على سلامتكم    النيابة الإدارية تختتم دورة «آليات التحقيق والتصرف» بالمنيا    إصابة 10 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالشرقية    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025    ترامب يعفو عن مؤسس منصة بينانس في أحدث خطوة لتعزيز صناعة العملات المشفرة    أسماء المرشحين بالنظام الفردي عن دوائر محافظة الإسماعيلية بانتخابات مجلس النواب 2025    الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي: وحدة الكنيسة ليست خيارًا بل طاعة لنداء المسيح    محمد ثروت عن مشاركته في فيلم «أوسكار.. عودة الماموث»: شعرت بالرهبة من ضخامة المشروع    هتصدع وأنت قاعد معاهم.. 5 أبراج بتحب تتكلم كتير    «محمد عبدالوهاب كان هيعملي أغاني».. فردوس عبدالحميد تروي بدايتها في الغناء (فيديو)    وزير الآثار ووزير الثقافة الإيطالي يعقدان مؤتمرا صحفيا حول معرض كنوز الفراعنة    راقب وزنك ونام كويس.. 7 نصائح لمرضى الغدة الدرقية للحفاظ على صحتهم    تنظيم قافلة خدمية شاملة لأهالي قرية حلازين غرب مرسى مطروح    إكرامي: سعداء في بيراميدز بما تحقق في 9 أشهر.. ويورشيتش لا يصطنع    النيابة تكشف مفاجأة في قضية مرشح النواب بالفيوم: صدر بحقه حكم نهائي بالحبس 4 سنوات في واقعة مماثلة    الهيئة الوطنية للانتخابات: 10 محظورات في الدعاية لانتخابات مجلس النواب 2025 (تفاصيل)    نصائح مهمة لتجنب الإصابة بالتهاب أوتار الجسم    قرار من مجلس الوزراء بإسقاط الجنسية المصرية عن إبراهيم عوني وكارلوس لوسي (تفاصيل)    ما الدعاء الذي يفكّ الكرب ويُزيل الهم؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم بلغة الإشارة    مصطفى مدبولي يتابع الموقف المالي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وتعظيم إيراداتها    هل تأخير صلاة الفجر عن وقتها حرام؟| أمين الفتوى يجيب    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    الكشف على 1102 مواطن خلال قافلة طبية مجانية بأبو السحما بالبحيرة    الشيخ خالد الجندي: الطعن فى السنة النبوية طعن في وحي الله لنبيه    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    ترامب: لا نعتزم تدريب الآخرين على استخدام صواريخ توماهوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسد المرعب - د. محمود خليل – المصرى اليوم
نشر في مصر الجديدة يوم 04 - 04 - 2010

يتصور الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التعليم، أن بإمكانه إصلاح ماكينة المدارس التى أصابها العطب بمجرد اتخاذ بعض القرارات التأديبية لمعاقبة القيادات والمدرسين والإداريين الذين لا يؤدون واجبهم على النحو الأكمل.
فالوزير يرى أن المدرسة الجيدة قيادة جيدة، وبمجرد تغيير مدير مهمل على رأس أى مدرسة فإن الحال سوف ينصلح تواً. وقد شدَّدت إحدى الصحف القومية الكبرى على هذا المعنى فى معرض متابعتها لقرار الوزير بنقل مدير مدرسة «الخلفاء الراشدين» بحلوان، و93 من العاملين بها عقاباً لهم على ما رصده من إهمال خلال زيارته المفاجئة لها.
وذكرت الصحيفة فى اليوم التالى للزيارة أن المدرسة «الأسوأ» تحولت بقدرة قادر إلى «الأفضل»، وأن حضور الطلاب والمدرسين بلغت نسبته 100%. وقالت فى افتتاحيتها تعليقاً على ذلك: «إن صفحة جديدة تُكتب الآن فى تاريخ التعليم المصرى»، بعد أن عاد الانضباط إلى مدارسنا الحكومية بسبب رعب مدرائها ومدرسيها وإدارييها من تلك اللحظة التى سوف «يطب» فيها الوزير ليمطرهم بسيل العقوبات فى حالة التقصير.
ومع تقديرى للإجراءات الميدانية التى يعتمد عليها الدكتور أحمد زكى بدر فى متابعة أحوال المدارس ومواجهة الإهمال والتسيب الذى يظهر فيها، إلا أننى أرى أن الأسلوب الذى يسلكه فى المواجهة يحتاج إلى نوع من المراجعة.
وأن الوزير بحاجة إلى التخلى عن منطق القوة ليستبدله بمنطق العدل إذا كان جاداً بالفعل فى الإصلاح. فالعدل هو طريق من يريد الإصلاح الحقيقى، أما القوة فهى طريق من يريد الاستعراض. وقد ظهرت ملامح منطق القوة الذى يعتمده الوزير فى تلك القرارات السريعة التى اتخذها «ع الواقف» لتأديب المدرسين والإداريين المهملين أو المقصرين فى أداء واجبهم .
والدكتور «بدر» يعلم- أكثر من غيره- أن جانباً من اعوجاج الأوضاع التعليمية فى المدارس يرتبط بالوزارة نفسها . وقد ذكر مدير مدرسة «الخلفاء الراشدين»- بعد أن ذهب عنه الرعب الذى انتابه أثناء لقاء الوزير- أنه سبق أن أرسل إلى هيئة الأبنية التعليمية يطلب مده بأجهزة جديدة للمعامل، لكن أحداً لم يستجب له، وأن القصور فى النظافة فى المدرسة يعود إلى عدم كفاية العمالة، حيث لا يوجد سوى عاملتين للنظافة تقومان بخدمة 1500 طالب.
فهناك أوجه قصور متنوعة فى عناصر العملية التعليمية فى مصر. ونظرية العقاب لا يصح تطبيقها إلا فى حالة توافر هذه العناصر بصورة متكاملة. فعندئذ يحق للمسؤول أن يحاسب أى شخص بسبب تقصيره فى عمله بعد أن توافرت عناصر النجاح له .
على سبيل المثال ليس من حقى أن أحاسب طالباً على درجته الضعيفة فى مادة معينة، وأنا لا أساعده على فهمها، ولا أوفر له الكتاب المناسب الذى يصقل مهاراته فيها، ولا أوفر له المناخ المواتى للتعلم . فالعدل يقضى - فى حالة غياب هذه العناصر- بأن يعاقب المسؤول عن ذلك وليس المتضرر من عدم توافرها. وقد كان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، لا يعاقب من يسرق فى أوقات المجاعة، لأن من العدل أن يوفر المسؤول الطعام أولاً، ثم يعاقب من يسرق بعد ذلك.
من المؤكد أننى لست ضد التعامل الصارم مع الإهمال والتسيب، فالحسم مطلوب ولكن بشرط أن يتم بالعدل . ويخطئ من يظن أن الإصلاح يمكن أن يتحقق بالقوة، فلا سبيل إليه إلا بالعدل. والمدرس المصرى- شأنه شأن أبناء جلدته من المصريين- يشعر بالظلم المبين. ولست أريد أن أكرر كلاماً سئمنا من ترديده عن ضعف الأجور، وتكدس الفصول، وضعف المناهج، وحالة المهانة الاجتماعية التى يعيش فى ظلها المعلم بسبب تشويه صورته فى الأفلام والمسلسلات التى تجعله أضحوكة، وتغرى التلاميذ بالاعتداء أو التطاول عليه .
لقد قرأت الكثير من الأخبار عن عقوبات فرضها الوزير على مدرسين ومسؤولين بالإدارات التعليمية المختلفة بسبب الإهمال، لكننى لم أقرأ خبراً- فى حدود ما أتذكر- يشير إلى أن الوزير زار إحدى المدارس ووجد أن هناك جهداً يبذل- حتى ولو لم يكن كاملاً- من جانب القائمين عليها فكافأ مدرسيها وإدارييها ومديرها .
فإذا كان من حقك- كمسؤول- أن تعاقب، فمن واجبك أيضاً أن تكافئ فى حالة إجادة العاملين بأى مدرسة حكومية «بتغزل برجل حمار»!. فمعلمو مصر ليسوا بهذه الدرجة من السوء، إلا إذا كان الوزير لا يقتنع بنصائح قيادات الحزب الوطنى بضرورة النظر إلى النصف المملوء من الكوب. والدليل على أن هناك من يبذل جهداً داخل هذه المدارس المغضوب عليها أن نسبة كبيرة من أوائل الثانوية العامة عادة ما يكونون من طلابها.
العدل يتطلب ضرورة تفهم الأسباب التى تؤدى إلى تردى الأوضاع داخل المدارس التى تعد الوزارة نفسها مسؤولة عنها. العدل يقضى أيضاً بضرورة تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وليس مبدأ العقاب وحده. العدل يتطلب عدم «الاستقواء» على الأضعف وإهمال «الأقوى». والضعيف هنا هو المدرسة الحكومية، أما القوى فهو المدارس الخاصة والأجنبية.
لقد احترمت للغاية قرار الدكتور «بدر» بضرورة التزام المدارس الأجنبية بتحية العَلَم (من جانب الطلاب المصريين)، لكننى لم أسمع عن قيامه بفرض عقوبات على أى من المدارس الخاصة أو الأجنبية التى تهمل فى أداء هذا الواجب الوطنى والتربوى. والمعنى هنا أننا نتعامل بمنطق «إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف قطعوه».
إننى أخشى أن يكون الوزير قد آثر التعامل مع العَرَض، وليس مع أسباب المرض، تماماً مثل الطبيب الذى تذهب إليه شاكياً من الصداع فيرشدك إلى علاج مسكن، لأنه لا يريد أن «يصدّع» رأسه بالبحث فى الأسباب التى أدت إلى إصابة هذا الشخص أو ذاك بالصداع والتعامل معها .
وقد آن الأوان لأن يتخلص مسؤولونا من هذا الأسلوب، ويفهموا أن خوف المواطن من الأسد المرعب (أى السلطة) لم يعد بنفس الدرجة التى كان عليها فى الماضى بعد أن أدت سياساتها إلى زرع إحساس عميق بالضياع لدى الكثيرين. فالخوف لا معنى له عندما يصبح السيف مشرعاً فوق رقاب العباد.. يداوى رأس من يشكو الصداعا!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.