في أحد دروس اللغة العربية في أحد الصفوف المليئة بالأسى والدموع المغموسة بالذل والاستكانة والحزن والمسكوبة في نهر الانتصارات الخالد للأمة العربية, طلب المدرس من أحد التلاميذ أن يعرب عبارة (عشق المسلم أرض فلسطين) وقف الطالب متنهدًا حزيناً متأوها مرتجفًا وأنظاره شريدة هنا وهناك خجلا شاعرا بالأحباط مترددا متتأتأ قائلا: عشق: فعل جاري صادق خارج من الصدر ساكن في أسفل القلب لاعتبارات سياسية, وهو مبني للمجهول لتوجهات أمنية, معطوف على أمل العودة الحتمية، مفتوح وقتا انتظارًا لظهور الجيل الفاتح في آخر الزمان, وهو من الأفعال المحظورة عالميا لدلالة إرهابية. المسلم: فاعل عاجز مغلوب على أمره وحرف الميم شفوي, والسين لفظة معطش غير مشبع سفلي الحركة ومطبق اللسان محكم الإغلاق, ملتزم بالقوانين والمواثيق الدولية والمعاهدات الحقوقية لخبر مؤخر متكلا, تقديرا وتعظيما لظهور الجيل الفاتح في آخر الزمان, شاجبًا مستنكرًا أي خطوة في طريق تحقيق الأمل، وهو مرفوع للصمت الظاهر عليه منذ غياب الضمير العالمي المستتر خلف الأمم الملتحفة في أحضان مجلس الأمن, مع بروز الرفع للأحكام العرفية في حالة الخروج عن النص. أرض: مفعول به مُصادَر مغصوب مستباح محتل لأمد طويل لستين عامًا من المعانة والتهجير, وعلامة الاغتصاب علم إسرائيل المغموس بالدماء والإجرام والقتل والتنكيل والسلب والنهب والظاهر على الحرم الإبراهيمي وسفوح الجولان وفي جنين ودير ياسين وقبية والخليل والقدس ويافا وحيفا وعكا والناصرة وتل الربيع,وهي أرض كلمة ممنوعة من الصرف العربي للاستغناء لأنها أصبحت أراضي أعجمية لتغيير أسماء الأنهار والبحيرات والقرى والتلال والجبال والسفوح والمدن. فلسطين: اسم كنعاني يبوسي سامي عربي قديم جديد عريق تعج بقبور الآباء والأجداد وشواهدهم, وهو مضاف لإرث بني إسرائيل المزعوم المبني على جماجم الأنبياء والمرسلين, وهي ملتصقة بالتلمود والتوراة المزيفة والمزورة والأسفار المكتوبة بخط اليد وبالحبر المسموم من ألأحبار والحاخامات المجرورة من بولندا والنمسا وروسيا, وهي أرض مجرورة من أراضي عربية وعلامة الجر الكسرات المقدرة في الحروب السابقة مع المفعول لأجله, وفلسطين اسم علم موعود مطلق لوعد بلفورالمشئوم. وبعد أن سمع المعلم هذا النوع الجديد من الإعراب قال للتلميذ: يا ولدي لقد جددت لي فنون النحو وقانون اللغة. قال المدرس: يا ولدي إليك محاولة أخرى... "صحت الأمة من غفلتها" أعرب... قال التلميذ: صحت: فعل ماضي ولّى على أمل أن يعود. والتاء: تاء التأنيث في أمة لا تكاد ترى فيها الرجال. الأمة: فاعل هدَّه طول السبات حتى أن الناظر إليه يشك بأنه لا يزال على قيد الحياة. من: حرف جر لغفلة حجبت سحبها شعاع الصحوة. غفلتها: اسم عجز حرف جر الأمة عن أن يجر غيره. والهاء ضمير ميت متصل بالأمة التي هانت عليها الغفلة، مبني على المذلة التي ليس لها من دون الله كاشفة.. قال المدرس: مالك يا ولدي نسيت اللغة وحرفت معاني التبيان؟ قال التلميذ: لا يا أستاذي... لم أنسَ لكنها أمتي... نسيت عز الإيمان، وهجرت هدي القرآن... صمتت باسم السلم، وعاهدت بالاستسلام... دفنت رأسها في قبر الغرب، وخانت عهد الفرقان... معذرة حقاً أستاذي، فسؤالك حرك أشجاني... ألهب وجداني، معذرة يا أستاذي... فسؤالك نارٌ تبعث أحزاني، وتهد كياني... وتحطم صمتي، مع رغبتي في حفظ لساني... عفواً أستاذي... نطق فؤادي قبل لساني... عفواً يا أستاذي!