المسئولية عن الثقافة لا تحيط بها رأس واحدة بهذه العبارة افتتح وزير الثقافة فاروق حسني لقاؤه برواد معرض القاهرة الدولي للكتاب مؤكداً أن المسألة نسبية فلكل شخص رؤيته ومعارفه التي يؤثر بها علي المجتمع وأن الثقافة هي العملية المستمرة التي تبدأ من حب الإنسان للمعرفة والابتكار وتنتهي برحابة لايمكن أن نحيط بها بشكل أو بآخر، فالمجتمع هو الذي يحيط بالثقافة والرؤي. وأضاف: الثقافة ليست إبداعًا ولكنها الآلة التي تضخ الإبداع وهي السلوك الحضاري للبشر ومحصلة لكل تجربة للإنسان ورؤاه وكل ما قابله في الحياة سواء كان عقلانيا أو عاطفيا أو غير ذلك . وقال : لست مسئولا عن الثقافة ولكن علي النشاط فالحركة الثقافية مسئولية الشعوب بكافة مفكريها ومبدعيها. وأوضح أن مصر دولة متنوعة امتصت كافة الحضارات لتقدم حضارتنا المصرية. وذكر الحضارة الفرعونية التي قدمت طرحها في الأدب والعمارة وكافة الفنون مؤكدًا علي أن المجتمع المصري يستطيع تصدير كل فنون الثقافة، فقد مرت علينا كافة الثقافات الأخري الفارسية واليونانية والرومانية والقبطية والعربية. وعن مستقبل المعرض قال فاروق حسني إن المعرض الذي له ماض عريق سيكون له مستقبل مشرق.مؤكدًا أن معرض الكتاب يتميز بوجود العاملين معًا: التجاري والثقافي. وأشار إلي حالة المعرض قبل توليه الوزارة وكيف كان مخصصًا لبيع الكتب فقط، وعندما لاحظ كم الرواد الذين يتدفقون إليه كان لابد من الاستفادة منهم وتقديم الزاد الثقافي إليهم والذي سيعود بدوره علي المجتمع. وكشف الوزير عن عملية نقل المعرض إلي مكان آخر في دورته القادمة يتسع فيه النشاط وبصيغه لم يتم معرفتها بعد.
وقال إن مستقبل المعرض مستمر طالما وجد الابداع الأدبي والفكري وأن المعرض حق من حقوق المواطن ولا يلغي بقرار من الدولة حتي يتيح له شراء الكتب ويلتقي بالمثقفين.
وعن وجود نية بفصل التجاري عن الثقافي في المعرض وإمكانية أن تتخلي الدولة عن دورها لصالح إحدي الجهات?أجاب الوزير: تعودنا علي جمع التجاري والثقافي في الوقت الذي لم يكن هذا متاحًا قبل توليه الوزارة.
وأوضح أن المسألة إذا آلت لأصحاب دور النشر فسوف ينقلب المعرض إلي الشكل التجاري البحت مؤكدًا أن وظيفة الدولة خدمة المجتمع بالعمل الثقافي ودعم أنشطته ليقدم للمواطن بأجر رمزي. وأضاف: لا أعتقد أن دور النشر سيكون لها الحق في السيطرة علي المعرض لأن ترتيب النشاطات والندوات لا يستطيع تنظيمها الناشر. واستطرد: الوزارة تقوم بعمل شيئين: توفر الاعداد والعتاد الثقافي للمجتمع من بنية تحتية هي الآلة الضخمة وتنتجها وزارة الثقافة ولكن وزارة الثقافة لا تنتج ثقافة ووظيفتها اختيار العناصر الجيدة من الانتاج الثقافي كي تقدمها للمجتمع وشدد علي أن الدولة لابد أن تبحث عن رموز جديدة في كافة العمل الثقافي. ولذلك فإنه عندما يتحدث أحد عن تراجع ثقافي تشهده الساحة فهو مخطئ لأنه يقصد أننا نعاني من تراجع ابداعي. والإبداع ينتشر من خلال الأوعية الثقافية.. قال الوزير: نحن في حاجة لايجاد المحرك الثقافي الذي يدرك ويتفحص الموجود في المجتمع وهذا يحتاج لتربية كوادر ثقافية تضع الترجمة الثقافية بتصورات معينة وهذا موضوع علمي أكثر منه أدبيا أو فكرية. وأضاف: لابد من اختيار هذه الكوادر بجدية بعيدًا عن المحاباه وهذا يعطي للثقافة حقها نحن شعب متنوع بدرجات معرفة وتعليم متفاوتة ولابد من وضع الاستراتيجية الثقافية من خلال ما هو موجود لصالح المجتمع. هذه الوزارة في خدمة الجميع ولا تعتمد علي فكر بعينه وليس هناك أي انتقاء، لأن الفكر يجب طرحه علي المجتمع مثلما استقبلته الوزارة.
وتحدث الوزير عن انخفاض العمل الثقافي في الفترة التي كانت فيها دار الكتب مجرد جزء بسيط من هيئة الكتاب ولكنها اليوم واحدة من أهم دور الكتب في العالم أكد الوزير أنه منذ توليه المسئولية شرع في خطة أخذت فترة طويلة حتي يتم تنفيذها وتم فيها عمل بنية تحتية تحقق ما يمكن تخيله فتم إنشاء المكتبات ومراكز الإبداع وغير ذلك والتي تحتاج في تمويلها إلي ميزانية كبيرة مع الأخذ في الاعتبار أن جميع الحكومات في العالم تعتبر الثقافة مجرد فعل زائد عن الحاجة ولكن في مجتمعنا لابد من تدخل الدولة لأن طباعة الكتب وإنشاء المسارح وغير ذلك أشياء مكلفة.
وأكمل الوزير: تم إنشاء 540 قصرًا للثقافة، واستعدنا القصور المهدمة وتمت إقامة المسارح في الأقاليم مع الاهتمام بالمجتمع المدني ومنظماته الثقافية، كما ارتفع مبلغ التفرغ الذي يمنح للمبدع بنسبة عالية حتي يكون هناك أبداع حقيقي وتطرق الوزير إلي تغطية تكلفة الإنتاج الثقافي والتفكير في إنشاء صناديق التنمية الثقافية لإقامة الأنشطة والبنية التحتية.
وأضاف: تم وضع المشروعات العملاقة التي سوف تسمع من في آخر أركان الأرض مشيرًا إلي المشروعات الثلاثة: متحف الحضارة الذي تم الانتهاء من 90% منه ولم يتبق سوي 6 شهور علي افتتاحه وأحياء القاهرة التاريخية وسيتم قريبًا افتتاح الجزء الأكبر من شارع المعز الذي يحتوي علي 33 أثرًا.
حول سؤاله عن معاناة المبدعين وتسولهم العلاج من الدولة وتحديد مكان المعرض في دورته القادمة قال فاروق حسني: إن التأمين الصحي مكلف جدًا ورغم ذلك ليس هناك فنان أو مبدع لم تقف الوزارة خلفه وتسانده وتعينه علي المرض.
وعندما سئل الوزير عن السبب في انحصار الثقافة المصرية أكد الوزير علي أن الثقافة عملية ابداعية تبدأ بالتعليم ولابد أن تتكاتف فيها كافة الوزارات. وحول أهمية الترجمة والسبيل إلي التركيز عليها تحدث الوزير عن مشروع القرن بترجمة 2000 كتاب موضحًا صعوبة المسألة التي تدور في 27 لغة وحق الملكية الفكرية وهو يذكر مشروع طه حسين الذي طمح لترجمة 1000 كتاب ولم يقدم سوي 600 كتاب فقط كما تطرق إلي جهود المجلس الأعلي للثقافة والمركز القومي للترجمة.
وفي مداخلة لأحد الحضور تحدث فيها عن أهمية العقيدة والدين والإيمان بالله وأثر ذلك علي المعاملات الاسلامية في كافة المجالات قال الوزير: إن الله سبحانه وتعالي موجود بداخلنا جميعًا ولكن لا أحد يستطيع تخمين النيات وأن العقيدة نقطة إيمانية نلجأ إليها في المحن. وعن دور الدولة في تشجيع الانتاج الثقافي أشار الوزير: إلي أن الوزارة دعمت ستة أفلام بملايين الجنيهات كما انتجت فيلمًا وسوف تقوم بانتاج آخر هذا العام وتحدث عن دعم ورش العمل في الأوبرا التي تقدم انتاجها البشري للسينما والتليفزيون. وأن الوزارة تشجع كل عمل مدني يهتم بالثقافة.
وحول من تأثر في عمله من المثقفين الكبار ذكر فاروق حسني ثروت عكاشة وكيف تم تعيينه كأصغر مدير لقصر ثقافة واعتبر ذلك ثورة حقيقية.
وعن المشاكل التي تواجهها قصور الثقافة في الأقاليم أكد الوزير علي أن هذه القصور تحتاج لمن يديرها وأن الموظفين فيها يقومون علي خدمة المبدع وطالب بعدم النظرة السطحية لمبدع الأقاليم قائلاً أن مبدع من الأقاليم وكل الكبار أتوا من هناك يحيي حقي وطه حسين لأن الابداع يتخطي الحدود.
وعندما أثني أحد الحضور علي صلابته بعد هزيمة اليونسكو وخروجه من حالته سريعًا والانتصار للثقافة المصرية قال الوزير إنه لم يخرج مهزومًا وأنه كان يحتاج لصوت واحد لكي يفوز بالمنصب العالمي مشيرًا إلي القوي الصهيونية المضادة التي لا يمكن تخيلها وحجم الحرب التي واجهها وضرب مثالاً بأن ما كان يكتب ضده من مقالات تم رصدها من موقع XجوجلZ للبحث في يوم واحد تخطت 4500 مقال ومعني ذلك أن القوي الصهيونية العالمية قوية ولها خيوط عنكبوتية تلف الكرة الأرضية.
وعن قضية تجديد التنوير تحدث الوزير عن أهمية مؤتمر الثقافة المصرية لكل القائمين عليها حتي يتم الخروج بصيغة مستقبلية محترمة مؤكدا علي موعده في آخر مايو. أرامل شهداء محرقة بني سويف وأهالي الضحايا كانوا من ضمن الحضور وسألوا الوزير عن الحريق الذي رحل فيه 50 شخصًا والذي تم في أعقابه تقديم الوزير لاستقالته في حين أنه بعد أربع سنوات من المحرقة تم إحالة المسئول عن الحادث إلي المعاش وتجديد تعيين ثلاثة آخرين منهم وهو الأمر الذي يعد بمثابة إشعال حريق جديد في قلوب أسر الضحايا.
وعلق الوزير علي ذلك قائلا: بأن الحادث أدمي قلوبنا جميعًا وكان بمثابة صدمة وهمية تلقيناها ولم نحتملها. في الوقت الذي تؤكد فيه الحقائق أن القاعة التي كان فيها كل الأسماء المتخصصة في المسرح هي قاعة صغيرة جدًا كان لا يجب أن يتم العمل فيها وأن المسألة قدرية لأن مكان الحادث لا يصلح لتقديم أي شيء وهو عبارة عن قاعة معارض وليس فيه مفر. ولذلك فإن ما تم هو جريمة مشتركة وانتحار جماعي
وقال الوزير إنه قد استقبل في منزله الكثيرين من أسر الضحايا مؤكدًا علي أنه قام بكل جهد وأنه لا يعارض في تلقي أي طلب في هذا الشأن بشرط أن يكون معقولاً.
وطلب الدكتور أحمد مجاهد التعليق علي الموضوع قائلاً: أن الحادث يتعلق بشقين: جنائي وإداري أما الشق الجنائي فهو الذي انتهي ورأت اللجنة التأديبية التجديد للموظفين خمس سنوات لأن ذلك حق يكفله القانون الذي يؤكد علي أن المتهم برئ حتي تثبت إدانته كما أن الشق الجنائي الذي حكم علي المتهمين جعلهم يتقدمون بدعوي لإيقاف التنفيذ وقد تم قبولها وأضاف مجاهد نحن في دولة سيادة القانون. و اعتذر فاروق حسني للحضور في بداية حديثه عن التأخير واصفًا الطريق الذي أتي من خلاله بأنه يحتشد بكيلو مترات من السيارات، وقال إن الطريق أصبح باركن وليس وسيلة للمرور.