د. محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر أصدرت جبهة علماء الأزهر بيانًا أمس الثلاثاء أكدت فيه أن فتوى مجمع البحوث الإسلامية الأخيرة هي الكفر بعينه وذلك لأن الجدار العازل هو في حقيقته إعلاء لمقتضيات السياسة الاستعمارية الكافرة التي وضعت تلك الخطوط الوهمية لتمزيق الأمة حتى يسهل عليهم فيما بعد عصور الاستقلال الزائف ابتلاع الدول مرة ثانية على ما عرف تاريخيا بخطوط "سايكس بيكون"، فجاء هذا الجدار محققا للاستعمار غايته في الأمة على حساب دين الله الذي قال فيه (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) (المائدة:48) وإن من مقتضيات حكم الله في تلك القضية هو قوله جل جلاله(وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون:52) لذا فالجدار وصانعيه ومنفذيه والمدافعين عنه يحكمون في الأمة بما يوجب الكفر لمستحليه حيث قال تعالى(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44) وقد كان من هؤلاء المدافعين من قام على رؤوس الأشهاد بسب الدين للمنكرين لهذا الصنيع في مجلس الشأن أن أنه من أرفع المجالس، فإذا بهم يسلكونه سبيل أحط المجالس بالصمت على تلك الجريرة، فإن سب الدين معلم فاضح من معالم الردة، والمدافع عن هذا المجرم والحامي له شريك له في الإثم والحكم .كما أن في هذا الصنيع حصار للمستضعفين والمجاهدين مما يؤدي يقينا إلى قتلهم صبرا بسبب دينهم وجهادهم وقد قال تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) بالإضافة لذلك فهذه الفتوى تعد تمكين للصهاينة واليهود فإنه قتال في سبيل الطاغوت وقد قال جل جلاله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) . وتعد قلبا للحقائق بالكذب المدفوع بدافع الحرص على متاع الدنيا الزائف بكل صنوفه، فإن الذي يهدد أمن مصر القومي هي إسرائيل وليس إخواننا وعشيرتنا من أبناء غزة المجاهدين. ويكمل البيان: ليس من معنى هذا أننا ندعو لتدليل من يثبت عليه جرم في حق مصر أو في حق غيرها من الدول ذات الاحترام المشروع والأفراد المعصومة دماؤهم وأموالهم فمثله ينبغي أن يعرض على قضائها النزيه ليقول فيه حكمه ولا نقبل أن يعامل المجرم من العرب وغيرهم مثلما يعامل به أبناء القردة والخنازير الذين يقبض عليهم متلبسين بأشنع الجرائم ثم تعفو عنهم الدولة مجاملة لإسرائيل وفي استحلال الكذب ثبوت الردة والكفر كما أن في هذا الصنيع تقطيع للأرحام التي أمر الله أن توصل . وهذا الأمر هو الذي به محق الله الأمم قبلنا حيث قال تعالى لهؤلاء الذين وقع سادتنا فيما وقعوا فيه من قبل نحو أهليهم وذرا ريهم وكل هذا قد كان في تلك السياسات الجائرة خذلناهم و طاردناهم خوفا منهم وحاصرناهم ثم علَّقناهم في المعابر ومنعناهم من التواصل مع ذويهم وانشغلنا بقتالهم وحصارهم ورميهم بالنقائص عن قتال عدونا وعدو الله وعدوهم ثم سوّقنا ظلمنا لهم بكلام السياسة الفاجرة والسياسيين الذين انقلبوا على دينهم ودين الأمة بعلم أو بغير علم وحملنا الذين كان ينبغي أن نصون ولو في الظاهر مكانتهم لصالح الدولة والأمة حملناهم على العبث بمقتضى وظائفهم والعبث بدينهم ودين الأمة.