لا يمكن دفن الرؤوس في الرمل: قضية بناء جدار على الحدود الغزية المصرية ساخنة وحساسة ومثيرة للعواطف والاتهامات. النقاش حولها يتصاعد في كل المواقع الإخبارية في العالم. وأنتقل الآن إلى دوائر منظمات حقوق الإنسان والقانون الدولي. تُحسن الحكومة المصرية صنعاً عبر مواجهة القضية مباشرة بإعادة النظر في كل الفكرة، عوض إضاعة الجهد في محاولة دفنها تحت السطح، أو التهرب منها، أو التظاهر بأنها غير موجودة. لقد انقضى منذ عهد بعيد زمن التستر على خبر ما أو دفن موقف معين وحجبه عن الرأي العام. ففي عالم الفضاء الألكتروني المفتوح ما عاد في إمكان أحد التعامي عن أي خبر وموقف. الأحكم والأكثر احتراماً للذات والآخرين هو المواجهة والصراحة، وليس السقوط في حبائل التفكير الرغبوي بأن «يمر الموضوع» بأقل زوبعة ممكنة. خلال السنوات الثلاث الماضية تراكمت قناعة قانونية لدى الكثير من منظمات حقوق الإنسان العالمية بأن هناك جريمة جنائية دولية اسمها الحصار على قطاع غزة، وفي الإمكان بناء قضية قانونية ضد المتسببين بها والمشاركين فيها. إذا تم بناء الجدار الفولاذي المقترح في الوقت نفسه الذي يتواصل فيه خنق القطاع عبر المعابر الأساسية، رفح مع مصر وأيريز مع الضفة الغربية، ستصبح الأرضية الحقوقية لرفع مثل تلك القضية قوية. وعندها ستكون ورطة الجميع فعلاً كبيرة لأن انفتاح المرافعة القانونية على أكبر مدى ممكن من المتورطين المُحتملين في جريمة الحصار سيشمل الكثيرين. بناء جدار يضرب في عمق الأرض بهدف سد شريان الحياة الوحيد للغزيين وإغلاق كل الأنفاق التي عبرها يمر قوت الفلسطينيين في غزة هو، وبكل ضبط الأعصاب الممكن، إجراء يدمر موقف وسمعة مصر: أخلاقياً وقيمياً وإنسانياً وسياسياً واستراتيجياً، قبل أن يدمر حياة مليون ونصف مليون من البشر في قطاع غزة. لا يمكن تبرير إحكام الحصار المفروض على الفلسطينيين هناك منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف بأي مسوغات مهما حاولت أن تكون «مُبدعة». ليس فقط الرأي العام العربي هو من يرى في الجدار الفولاذي الذي يريد أن يُطبق على غزة استكمالاً لجريمة حصار وصفها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر ب «أنها أبشع جريمة ضد الإنسانية يشهدها ويصادق عليها العالم المتحضر اليوم». بل إن جمعيات النشطاء السياسيين وشرائح واسعة من الرأي العام الغربي ومنظمات حقوق الإنسان والقانون ترى أيضاً الرؤية نفسها، وبعضها اتخذ فوق ذلك مواقف أقوى وأشد حتى من كل المواقف العربية ضد الجدار المُفترض. لن تكرر هذه السطور ما بات معروفاً وما كتب بوجه حق في نقد هذا الجدار من منظور آثاره التدميرية على حياة الناس في قطاع غزة. لكنها ستناقش موقعه وأثره في سياق الصراع على النفوذ الإقليمي وعلى قيادة المنطقة العربية ومصر تقع في قلب هذا الصراع، وكيف يستنزف الفولاذ الذي سيستخدم في بناء الجدار الفولاذ المطلوب وجوده في موقف وموقع مصر الإقليمي. ضمن تأمل آليات وأطراف ذلك الصراع وعلاقة مصر به وأثر الجدار عليه، من المطلوب أن تدرك دوائر صنع القرار في القاهرة الأمور التالية: أولاً: قضية فلسطين واستمرار الاحتلال والغطرسة الإسرائيليين هي بوصلة القيادة الإقليمية. شئنا أم أبينا، مللنا من القضية أم لم نمل، طالت أم قصرت، برزت قضايا وحروب أخرى «تنافس» على ترؤس الأجندة الإقليمية أم لم تبرز، تظل قضية فلسطين (طالما لم تحل) هي الباروميتر الذي يحكم من خلاله الرأي العام وغيره على أهلية ودور وموقع هذا البلد أم ذاك. هناك بطبيعة الحال كان وما زال استثمار وتوظيف سيئ لهذه القضية من قبل أكثر من طرف، عربي وغير عربي، خلال العقود الماضية. لكن ذلك التوظيف لم يغير من تلك الحقيقة الموضوعية. تخسر مصر بجسامة عندما يراها الرأي العام العربي والإقليمي تتخذ موقفاً لا ينسجم مع ذلك الباروميتر. ثانياً: تتفاقم الخسارة في ظل الوضع الإقليمي الراهن الذي يشهد تصاعداً متزايداً للنفوذ التركي والإيراني. البلدان يتسابقان في تقديم مواقف إقليمية ودولية تكون بوصلتها قضية فلسطين، ويكسبان على الأرض كل يوم موقعاً جديداً. خلال سنوات الحصار على قطاع غزة تمكنت أنقرة وطهران من سحب البساط تدريجاً من تحت أقدام الدول العربية الكبيرة. وصارت أنقرة على وجه التحديد وكأنها الممثل الرسمي الإقليمي والمسموع باسم قضية فلسطين. تقول لا كبيرة لإسرائيل، وتقول لا كبيرة للولايات المتحدة عندما تصل الغطرسة والتوحش الإسرائيليان حدوداً لا تُطاق. ثالثاً: استندت وتستند أنقرة في اتخاذ مواقف قوية من إسرائيل (وبعض السياسات الغربية) إلى مسوغ الرأي العام الشعبي في تركيا. منذ قرار رفض السماح للقوات الأميركية باستخدام قواعد تركية خلال الحرب على العراق سنة 2003، وصولاً إلى إلغاء المناورات العسكرية المشتركة مع إسرائيل أخيراً، كانت حكومة أردوغان تكرر بأنها تأخذ بالحسبان مزاج الشعب التركي وأنها لا تتخذ مواقف يرفضها شعبها. قبل وخلال وبعد حرب غزة ارتفعت وتيرة الخطاب التركي/ الأردوغاني الناقد لوحشية إسرائيل. وعندما رُوجع وأنتقد من قبل الولاياتالمتحدة وبعض الأوروبيين كان تبريره الدائم والقوي بأن هذا هو جوهر السياسة الديموقراطية: انسجام التوجهات الحكومية في القرارات الكبرى مع التوجهات الرئيسة للشعب. وهذا ما يجب على مصر قوله بالفم الملآن لأي طرف من الأطراف وإزاء أي طلب من الطلبات التي تتناقض كليها مع إرادة الشعب المصري. رابعاً: مسوغ السيادة الذي يتم الإشارة إليه تكراراً من قبل بعض الناطقين، وأن مصر وكأي بلد آخر من حقها أن تمارس فوق أرضها ما تراه مناسباً لمصلحتها وأمنها القومي هو مسوغ حقيقي من ناحية نظرية ولا يمكن رفضه. لكن هناك كثيراً من النقد الشديد والتحفظات القوية على قرار بناء الجدار تضعف من ناحية عملية هذا المنطق. فلم يعد سراً أن مقترح بناء الجدار الفولاذي أُقر في الأيام الأخيرة لحكم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، في أعقاب جريمة الحرب على غزة في آخر 2008 وأوائل 2009. وأن حكومته قدمت ذلك المُقترح كهدية وداعية لتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، وكجريمة أخيرة في سلسلة جرائمها التواطئية بحق الشعب الفلسطيني. تستطيع مصر وبكل اقتدار أن ترفض فكرة بناء الجدار على أكثر من أساس. الأول هو أنه ضد أبجديات وجدان شعبها وأنه سيثير حنق الرأي العام المصري والعربي. خامساً: من المهم أن يدرك كل من يريد مصلحة مصر أن جدار غزة إن تم فعلاً بناؤه ستتم توأمته مباشرة، شئنا أم أبينا، مع جدار الفصل العنصري الذي يقطع أوصال الأرض الفلسطينية في الضفة الغربيةوالقدس. وبطبيعة الحال سيكون أثر هذه التوأمة الكريهة طويل الأمد وبالغ السوء على مصر وموقعها وسمعتها. وتمتد جوانب هذه التوأمة الآن وكما نشهدها في أكثر من قراءة حقوقية نقدية إلى سجالات نظرة القانون الدولي إلى جدار غزة ومخالفته لمبادئ حقوق الإنسان. لا نريد أن يستمر بناء هذا الجدار سيء السمعة والأثر، ولا أن تتطور الأمور لتصل ببعض الجمعيات الحقوقية لرفع قضية ضده وضد مصر أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ميلاد السيد المسيح الفلسطيني .. والطريق المسدود- الفضل شلق- صحيفة السفير اللبنانية وجهت نخبة من المسيحيين الفلسطينيين رسالة أو نداء استغاثة إلى مسيحيي العالم. الرسالة يغلفها الحزن، بل اليأس، من عالم يحكمه نظام ظالم، يظلم الفلسطينيين بجميع أديانهم ويظلم البشرية في جميع أنحاء الأرض؛ يظلم فقراء العالم الأول المستفيد من النظام، ويظلم ويستغل فقراء العالم الثالث، الذي يدفع ثمن النظام. تعتبر الوثيقة أن «الاحتلال العسكري لأرضنا هو خطيئة»، وأهميتها تأتي من رصدها «للمرحلة التاريخية». تدعو لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وهي سألت النصح «فلسطينيين وعرباً ودوليين». وتعلن في المقدمة «انتماءنا المسيحي وانتماءنا الفلسطيني» كما تؤكد على وصول «مأساة شعبنا الفلسطيني إلى طريق مسدود». فالواقع الفلسطيني: جدار فاصل، مستوطنات، حرية دينية مقيدة، لاجئون أسرى، تفريغ القدس وهي قلب واقعنا، استخفاف إسرائيل بالشرعية الدولية، تمييز، هجرة، مقاومة، وصراع داخلي بين الفلسطينيين. تحت عنوان «كلمة إيمان» تتحدث الوثيقة عن الله الواحد؛ ابنه الوحيد، روح القدس. الله كلَّم البشرية في أرضنا، أما الأصولية فهي تحمل لنا الموت والدمار. لأرضنا رسالة كونية شاملة. الوعد لن يكون لبرنامج سياسي. ارض الله... ارض المحبة والسلام.. وضعنا فيها شعبين. صلتنا بهذه الأرض حق طبيعي؛ واستخدام الكتاب المقدس لمواقف سياسية يحوّل الدين إلى إيديولوجيا بشرية. أما عن الرجاء، فقد كثرت المبادرات والمؤتمرات؛ رغم ذلك يبقى رجاؤنا قوياً... بعد ذكر تجبر القوى، والحيرة والانقسام في الموقف الفلسطيني، وتعدد المراكز اللاهوتية والحوارات المتعددة بين الأديان، تعلن الوثيقة «صمود الأجيال وتصميماً على تخطي أحقاد الماضي، ذلك أن كنيستنا كنيسة بشر، رسالة نبوية، تعلن كلمة الله. مناداة بملكوت الله.. تبشّر بالملكوت... مملكتي ليست من هذا العالم». ثم تستنتج أن ظروف الكنيسة قاسية. تدعو الوثيقة للمحبة. أحبوا بعضكم... لا تردوا الشر بالشر. تؤكد على أن الاحتلال الإسرائيلي شر تجب مقاومته. هو شر وخطيئة. ضرورة تجنب القوة العسكرية، دعوة للمقاطعة الاقتصادية. مجتمع جديد لنا ولخصومنا. توجه الوثيقة كلمتنا لأخوتنا: الطريق مسدود... انقسمنا. ندعو إخوتنا للصمود. عددنا قليل؛ المسلمون ليسوا هدف قتال أو إرهاب بل هم هدف سلام وعنوان حوار، ولليهود: اقتتلنا لكننا قادرون على المحبة والعيش معاً. توجه الوثيقة كلمتنا لكنائس العالم: شكر على التضامن... تعالوا نعرفكم على حقيقة واقعنا ونستقبلكم مصلين. تؤكد الوثيقة في النهاية على أن الدولة الدينية، اليهودية أو الإسلامية، تخنق الدولة وتحصرها في حدود ضيقة وتجعلها دولة تفضل مواطناً على مواطن... القدس هي القاعدة الروحية لرؤيتنا ولحياتنا كلها... فيها اليوم شعبان وثلاث ديانات وعلى ذلك يجب أن يرتكز «كل حل سياسي». ما انتهت إليه الرسالة، إلى مسيحيي العالم، لا يختلف كثيراً عن جوهر ما انتهت إليه المبادرات العربية التي أقرتها المنظومة السياسية العربية، وان اختلفت عن المطالب العربية في بداية الصراع. والمطالب العربية في بداية الصراع تبقى هي أساس الحق الفلسطيني والعربي، إذا أردنا مناقشة الأمر في إطار الشرعية الإنسانية أو الشرعية الدينية؛ إذ لا شرعية إنسانية ولا شرعية دينية لمبدأ سياسي يعترف بسلخ شعب عن أرضه أو بسلخ الأرض عن شعبها كما حدث في فلسطين. صدرت الرسالة في بداية شهر كانون الأول، الشهر الذي ولد في أواخره السيد المسيح، شهر الخلاص. يدرك كاتبو الرسالة أن الخلاص أصبح مستحيلاً أو شبه مستحيل. يطلبون تسوية من نوع ما، كما يطلب العرب الآخرون. لكن العرب، بمن فيهم الفلسطينيون لم يعودوا سداً يحول دون التسوية أو دون حل ما في فلسطين، بل السد هو إسرائيل، دولة ومجتمعاً، إسرائيل التي تزداد سياستها تطرفاً مع كل انتخابات نيابية تجريها. الانتخابات الإسرائيلية ديموقراطية (بين مواطني إسرائيل وحدهم) والتطرف الإسرائيلي حالة اجتماعية، ولا يقتصر على جماعات محدودة العدد. دعاة السلام في إسرائيل، أو على الأقل دعاة الحدّ من توسيع المستوطنات، هامشيون ولا يؤبه لهم. تشارك في هذا التطرف الشرعية الدولية وما يسمى المجتمع الدولي. الشرعية الدولية لا تأبه للدين، وان كانت مستعدة لاستخدامه عندما تدعو الظروف لذلك. محور هذه الشرعية إمبراطورية أميركية ترى في إسرائيل ضميرها الظاهر والمستتر، وترى في التطرف الإسرائيلي امتداداً لسياستها، وترى في الاستراتيجية الإسرائيلية أداة تنفيذية لها. ما كان يردده العرب منذ عقود عن «مخططات الامبريالية»، الرامية إلى تفتيت الأمة العربية وتمزيق أقطارها، أصبح أمراً واقعاً. نرى بلداناً عربية ترزح تحت الاحتلال، ودولاً عربية يفككها الاحتلال، ودولاً في طريقها إلى الاحتلال والتفكيك بفضل قواعد عسكرية لا يحصى عددها. رأينا هذه الإمبراطورية تضرب عرض الحائط بالإرادة الدولية في مؤتمر كوبنهاغن، وتستهين بالاستنتاجات العلمية عن مصير البشرية والكرة الأرضية في حال استمرّ نمط الاستهلاك الراهن وفي حال استمرّ تدمير موارد الطبيعة على وتائره الحالية. رأينا الإمبراطورية تفعل ذلك في شهر الخلاص، وبالرغم من الانتماءات الدينية المعلنة. ربما ظنّ بعض العرب أن خلاصهم ممكن بانتهاج طريق غير العرب الآخرين، أو بالاحتماء في زاوية يتخندقون ويتقوقعون فيها اتقاءً للضربات المحتملة والأكيدة. لكن الرسالة على حق في إعلانها الوصول إلى طريق مسدود. كل طريق مسدود يؤدي إلى انفجارات غير محمودة العواقب. وقد أشارت الرسالة إلى أخطار الأصولية. والأصولية تتوزّع على كل الأديان، وان بوتائر مختلفة. أصولية بلادنا ليست الأصل؛ هي ردة فعل على أصوليات أخرى مسيطرة على العالم.
اغتيال المصالح العربية هدف.. لإيران وإسرائيل؟!- جلال دويدار- صحيفة الأخبار أسعدني جدا مبادرة أحمد أبوالغيط وزير الخارجية بنفي ما تردد إعلاميا علي هامش الجولة الخليجية المهمة التي قام بها الرئيس مبارك لكل من الإمارات والسعودية والكويت. كانت بعض وسائل الإعلام التي تعودت علي ممارسة الفبركة والتشويش علي التحركات السياسية التي تقوم بها مصر قد زعمت أن مباحثات الرئيس في الدول العربية الثلاث تناولت الوساطة بينها وبين إيران. ربطت هذه الوسائل بما ينم عن جهل وفي إطار دأبها علي اختلاق الأخبار والأحداث الوهمية بين تزامن جولة الرئيس والزيارة التي قام بها علي لاريجاني رئيس البرلمان الايراني لمصر من أجل المشاركة في اجتماعات اتحاد برلمانات الدول الإسلامية. أوضح أبوالغيط ان استجابة الرئيس مبارك لطلب المسئول الإيراني لقاؤه يدخل في إطار المجاملة، وأنها كانت بالطبع فرصة لينقل إليه وجهة نظره في الكثير من الأمور التي تتعلق بالأداء الإيراني. قال ان ما دار لم يتطرق إلي أي وساطة بين الدول الخليجية وإيران، مؤكدا علي الوقوف إلي جانب الدول العربية. وبحكم المسئولية القومية والعلاقات الأخوية الحميمة التي تجمع بينها وبين السعودية فإن مصر علي استعداد للمضي في دعمها ومساعدتها إلي أبعد مدي. مضمون هذا التصريح الذي أدلي به وزير الخارجية المصري يعكس عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربط مصر بالسعودية وبكل الدول العربية بما يخدم الأهداف القومية والأمن القومي العربي والمصالح المشتركة. انطلاقا من هذه الحقيقة فإن أي عدوان تتعرض له السعودية أو أي دولة عربية أخري يمثل بالنسبة لمصر خطرا يهدد أمنها القومي. من ناحية أخري فقد كان لابد ان يفهم الذين يحاولون الصيد في الماء العكر من خلال إشاعة الأخبار الكاذبة ان مصر وباعتبارها جزءا من منظومة الأمن القومي العربي ما كان لها أن تقوم بوساطة بين ايران ودول الخليج بينما هي في نفس الوقت جزء أصيل في معسكر هذه الدول العربية. هذا الوهم الذي تتحدث عنه وسائل إعلام بعينها يجعلنا نتساءل كيف تكون هذه الوساطة بينما إيران في جانب ومصر والسعودية وكل دول الخليج في جانب واحد آخر. هذا يعني استحالة أن تكون مصر طرفا في هذا الخلاف ووسيطا في نفس الوقت. ان ما يجب ان يقال في موضوع العرب وإيران هو ان مصدر الخلاف الناشب والذي أدي إلي توتر العلاقات إنما يعود إلي النزعة العدوانية الإيرانية القائمة علي الأطماع والتي تدفعها إلي التدخل في الشئون العربية. هذا الأمر كان واضحا تماما في استيلائها علي ثلاث جزر إماراتية بالقوة وكذلك تدخلاتها الدموية في العراق مستغلة ما أسفر عنه الغزو الأمريكي الإجرامي، وهدفها من وراء ذلك اثارة النعرة الطائفية سعيا إلي تمزيق أوصال هذا البلد العربي. هذه السياسة التخريبية التي قامت بها إيران في العراق تمتد جسورها حاليا إلي اليمن وإلي الحدود اليمنية السعودية من خلال عمالة جماعة الحوثي ومن قبلهما في فلسطين حيث استقطبت جماعة حماس الانقلابية لشق الصف الفلسطيني وتمزيق الأرض والشعب الواحد لصالح إسرائيل. هنا لابد أن يتبادر إلي الأذهان هذا السؤال: لحساب من كل هذه التحركات المريبة الايرانية في المنطقة العربية؟ بالطبع فإنه ليس صعبا أبدا ووفقا لتطورات الأحداث ان نقول ان هناك مصلحة مشتركة قد جمعت بين الأهداف الإسرائيلية والإيرانية تتمحور حول العداء للعرب مع التوافق علي تحالف غير مكتوب بينهما ركيزته اغتيال المصالح القومية العربية واشعال سباق التنافس حول من يفوز بالنفوذ وحق الهيمنة والسيطرة علي مقدرات الشرق الأوسط.. ليس من سبيل لمواجهة هذا التآمر الإيراني الإسرائيلي إلا بنبذ الخلافات والقضاء علي بؤر العمالة والسعي إلي مواجهة تلك الأخطار التي تهدد مستقبل الأمة العربية.