حينما يشعر المرء بأنه انخدع فى شخص او جماعة او مؤسسة ما فان رد الفعل الطبيعى هو اننا نتحول الى النقيض بعد اكتشاف خداعنا . ما اقوله هو عين ما حدث فى القرن الثامن عشر فى اوربا المسيحية . منذ اعلان المسيحية الديانة الرسمية فى اوربا عقب مجمع نيقية وبدأت الكنيسة الغربية فى مزاولة نشاطها وتفجرها فقد قامت الكنيسة بتحريم الطب ،واحتكار تفاسير الانجيل وفقا لاهواء الباباوات وحاربت العلماء واباحت قتلهم اذا اتوا بما يخالف تعليمات الكنيسة البعيدة كل البعد عن تعاليم المسيحية الطاهرة.. الباباوات احتكروا لانفسهم حق مغفرة ذنوب العباد ،واستغفلوا شعوبهم اشد استغفال حينما اوهموهم بأبشع خرافة عرفتها البشرية وهى خرافة "صكوك الغفران" وهى الخرافة التى كانت سببا فى هدم الدولة الدينية فى اوربا حتى ان الكنيسة نفسها تستحى اذا تم ذكر هذا اللفظ بل ان الكنيسة تلعن اليوم الذى تم فيه اختراع تلك الاكذوبة التى جعلت الكنيسة "فى وسط هدومها "امام الامم الاخرى. ظاهريا كانت اوربا امة دينية تتبع ملة الكنيسة المسيحية ،لكن واقعيا الكنيسة كانت اشد البعد عن المسيحية غير انه لم يكن يجرؤ احد من متبعى الملة المسيحية ان يتفوه بكلمة اعتراض واحدة ،لان اهل الحكم كانوا يتحدثون باسم الكنيسة ولذلك كان كلامهم مصبوغ بصبغة القدسية وهو ما يعنى عدم قابليته للمناقشة ، استمرت اوربا تحكم بنظام دينى كنسى لعدة قرون ،ولم تستطع ان تخرج من عباءة التدين الكنسى الا بعد ظهور الاسلام الذى رأت فيه دول اوربا النور الذى افتقدته الكنيسة بسبب غلائها فى معاملة شعوبها على خلفية رشحات الاسلام التى كانت تصل اوربا عبر الوفود التجارية تمكنت اوربا من التخلص من الحكم الدينى الكنسى واحداث الثورة الصناعية فى القرن الثامن عشر وتمكنت من كسر شوكة الكنيسة وتحرير العقل من سيطرة الباباوات عليه ،وعندما رأى شعب اوربا كم كان مضحوكا عليهم تحت وطأة الكنيسة كرهوا كل ما يمت بصلة للعقيدة وكرهوا التدين وانقلبوا على العقيدة وهمشوا الدين والقوه جانبا خوفا ان يتعرضوا مجددا لسيطرة وظلم رجال الكنيسة عليهم وتحولوا الى امة علمانية تدير شئون حياتها بقوانين وضعية واخرجوا الدين خارج الحياة وقصروا استخدامه فقط داخل الكنائس ودور العبادة . لم يكن اتجاه اوربا للعلمانية ومحاربة العقيدة بعد الثورة الصناعية بسبب عدم رغبتهم فى التدين لكن كان بسبب استخدام رجال الدين للعقيدة المحرفة ومغالاتهم فيها وتركهم لللعقيدة الاصلية التى لو تم تطبيقها لما تأخرت نهضة اوربا الى القرن الثامن عشر ولما حدثت تلك الكراهية من شعب اوربا تجاه الديانات . بالنظر الى ما احدثه الاخوان المسلمين فى مصر من حرق وتدمير لمختلف مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات ومحاكم وكنائس ومساجد وقتل وتمثيل بجثث الجنود وغيره من الافعال التى لم ياتى بها دين ولا تمت للاسلام بصلة لكنها للاسف تم الصاقها بالاسلام لان من قاموا بها يزعمون انهم يهدفون الى العمل بشريعة الاسلام ،فهل بعد ان قامت تلك الجماعات الارهابية بتصدير صورة مغلوطة عن الاسلام داخليا وخارجيا هل من الممكن ان نتحول الى دولة علمانية؟ الاجابة نعم.تحليلى الشخصى لمجريات الاحداث يشير بدقة الى ان المجتمع المصرى سئم من اقحام الدين فى السياسة "على اننى لست مع مقولة لا دين فى السياسة" الشواهد والتحليلات تؤكد اننا على اعتاب دولة علمانية خاصة بعد ان اصبحنا نرى ان ادارة مبارك الذى كان يعمل وفقا لنظام علمانى للدولة افضل من نظام الاخوان الذى اوهمنا ان هدفه النهضة والحكم وفقا للشريعة ولكن للاسف لم نرى منه سوى وجه البلطجة وتم التأكد ان الاخوان بعيدين كل البعد عن الاسلام ،اعتقد اننا مقبلون على نظام علمانى فى مصر خاصة بعد ان وجد الببلاوى ترحيبا كبيرامن قبل الشعب برجال الحكومة الذين اغلبهم من رجالات مبارك. اعتقادى ان الشعب المصرى نفسه سئم بعد تجربة الاخوان من كل ما له علاقة بالدين بعد ان رأى من يقولون "قال الله وقال الرسول"يهدمون ويحرقون ويقتلون،وينهبون"فى الوقت الذى لم يصدر عن العلمانيين اى تخريب او تدمير بالدولة . E-Mail:[email protected]