نيلسون مانديلا الرجلان من خريجي المعتقلات ... والاثنان خرجا من غياهب السجن إلى كرسي الحكم ... وكلاهما كان من المضطهدين سياسيا في بلادهما، ولكن ثمَّة فارق كبير، بين الثنائي، هذا رجل أمة وذاك ابن "جماعته"... الأول: كان الاعتقال بالنسبة له شرفا لا يضاهيه شرف، خرج من السجن مباهياً، هازماً سجانيه بالقاضية التاريخية....... أما الآخر فقد هرب من السجن، في ظروف غامضة، ولا زال - وهو الرئيس - لا يجرؤ علي إعلان لا كيف خرج، ولا سبب اعتقاله. الأول: رفض عقد صفقات من أي نوع حتى لو كان الثمن هو الخروج من وراء القضبان، أما الثاني، فتتردد التقارير والأنباء والأقاويل يوما بعد يوم، علي مدي عامين ونصف العام، عن صفقات حزبه وجماعته مع النظام الذي كانوا معارضين له ذات يوم....... فإذا بالاثنين: النظامين القديم والجديد، في شراكة سياسية واقتصادية متينة، قائمة علي المصالح والتصالح، في إطار مبدأ مكيافيللي هو: "عفا الله عما سلف"، وليذهب كل ما قامت من أجله ثورة شعب بأكمله، إلى الجحيم، أو وكأن هذه الثورة قامت لتحرير الرئيس د. محمد مرسي وجماعته وحدهم، دونا عن بقية المصريين. الأول: وعندما تبوأ منصبه رئيسا لبلاده، توحد سكان البلاد تحت راية واحدة، لا فرق بين أسود ولا أبيض، لا فرق حتي بين المواطن الأصلي وبين الذين ساموا أبناء الأرض ويلات التفرقة العنصرية لعشرات السنين، لم يحاول "أسودة" المناصب، علي غرار "أخونة"، ولم يسعي لتمكين عشيرته ورفعهم فوق أعناق بقية شعبه....... أما الثاني، ففي عهده انقسمت مصر لأول مرة في تاريخها "المعروف" علي الأقل، إلى شعبين، إحداهما مسلم والآخرين من "الضالين"، وتحول النظام بحكومته ووزاراته إلى "جماعة" إخوانية كبيرة، مع إتاحة الفرصة للأقربين "السلفيين" بالمشاركة في المغانم، حتى ولو كانوا من الإرهابيين القتلة والمجرمين، أعداء الشعب والدين. إنها مقارنة لم تفرضها سوي اللحظات التي تبدو وكأنها الأخيرة في حياة المناضل الجنوب أفريقي "نيلسون مانديلا"، باعتباره رمزا للحرية والصمود في وجه العنصرية والاحتلال الأجنبي والاستبداد. عاش مانديلا وسيموت بطلا في نظر أمته وقارته والعالم أجمع. أطلقت عليه "عشيرته" لقب "ماديبا" أو "العظيم المبجل"، وهو لقب يطلق في جنوب أفريقيا على الشخص الارفع قدرا وأصبح مرادفا لاسم نيلسون مانديلا. بدأ مانديلا في المعارضة السياسية لنظام الحكم في جنوب إفريقيا الذي كان بيد الأقلية البيضاء، ذلك أن الحكم كان ينكر الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا. في 1942 إنضم مانديلا إلى المجلس الإفريقي القومي، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوب السنغال. وفي عام 1948، انتصر الحزب القومي في الانتخابات العامة، وكان لهذا الحزب ،الذي يحكم من قبل البيض في جنوب إفريقيا، خطط وسياسات عنصرية، منها سياسات الفصل العنصري، وإدخال تشريعات عنصرية في مؤسسات الدولة. وفي تلك الفترة أصبح مانديلا قائدا لحملات المعارضة والمقاومة. كان مانديلا في البداية يدعو للمقاومة غير المسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن بعد إطلاق النار على متظاهرين عزل في عام 1960، وإقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة. في عام 1961 أصبح مانديلا رئيسا للجناح العسكري للمجلس الإفريقي القومي. صرخة الحرية وفي فبراير 1962 اُعتقل مانديلا وحُكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة لفقها له الاحتلال البريطاني العنصري، وهي السفر غير القانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فحكم عليه بالسجن مدى الحياة. خلال سنوات سجنه الثمانية والعشرين، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري. وفي 10 يونيو 1980 تم نشر رسالة استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "إتحدوا . وجهزوا . وحاربوا . إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري". لا للصفقات في عام 1985 عُرض على مانديلا إطلاق السراح مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض الصفقة، وفضل قضاء حياته في المعتقل، علي مد يده لأيدي أعداء الحرية. وبقي في السجن حتى 11 فبراير 1990 عندما أثمرت مثابرة المجلس الإفريقي القومي، والضغوطات الدولية عن إطلاق سراحه ورضخ العنصري المحتل، فريدريك ويليام دى كليرك - رئيس الكيان العنصري السابق - معلنا ايقاف الحظر الذي كان مفروضا على المجلس الإفريقي. حصل نيلسون مانديلا مع الرئيس فريدريك دكليرك في عام 1993 على جائزة نوبل للسلام. شغل مانديلا منصب رئاسة المجلس الإفريقي (من يونيو 1991- إلى ديسمبر 1997)، وبالتالي كان أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا بعد تحريرها من العدو البريطاني الغاصب (من مايو 1994- إلى يونيو 1999). وشهدت بلاده خلال فترة حكمه انتقالا كبيرا من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية، وأصبحت سياساته شوكة في حلق وظهر الكيان الصهيو غربي بأكمله، حيث وطد علاقات بلاده مع أعداء الكيان، وبخاصة مع دول تعتبرها أمريكا ضمن ما تطلق عليه "محور الشر"، لمجرد أنها ترفض الخضوع لها، مثل كوبا وفنزويلا. جوائز الشرف العالمية في 1980, نال جائزة جواهر لال نهرو للسلام, وأول من نال جائزة القذافي لحقوق الإنسان. في 1990 ثاني أجنبي ينال أعلى تشريف هندي في 1991, بنهاية نظام الاحتلال العنصري المعادي للإنسانية نال جائزة البحث عن السلام. في 1992, رفض جائزة مصطفى كمال أتاتورك للسلام التي تقدمها تركيا احتجاجا على انتهاكات حقوق الإنسان آنذاك, ثم قبل الجائزة لاحقا 1999 في 1995, نال دكتوراه شرفية من جامعة واسيدا في 1996, شرف في البرتغال بوسام من رتبة Infante Dom Henrique. في 2001, أول شخصية حية تحصل على المواطنة في كندا في 2002, نال وسام الحرية الرئاسي من جورج دبليو بوش. وفي نفس السنة، عينته الملكة إليزابيث الثانية عضو من وسام الاستحقاق في 2004, نال جائزة الوعي الكوكبي من نادي بودابست. في 2006, نال جائزة سفير الوعي من منظمة العفو الدولية. في وقت من الأوقات، تلقى نيلسون مانديلا الكثير من الجوائز والإشادات لدرجة انه قرر عدم قبول المزيد، معتبرا أنه يجب تكريم الآخرين. في 10 نوفمبر 2009,أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 يوليو "اليوم الدولي لنيلسون مانديلا".