تبدأ الادارة بالتخطيط ، والتخطيط فى ابسط تعريفاته انه عملية تحديد الاهداف والتنبؤ بما سيكون عليه المستقبل من اجل الاستعداد له ، وعلى المستوى الكلى وهو مستوى ادارة الدول فإن عملية التخطيط تكون عملية شاملة تسعى لبيان مواطن القوة والضعف فى البيئة الداخلية للدولة ، وعلى مستوى البيئة الخارجية يسعى التخطيط الى اقتناص الفرص الممكنة ، وكذلك درء المخاطر والتهديدات المحتمل وقوعها . ولا شك فى ان تؤتى ثمار التخطيط فى ابعادة الداخلية والخارجية ، لا بد من وجود القناعة الكافية بأهمية التخطيط ودوره فى حشد الموارد والامكانات بطريقة تحقق معها الكفاءة والفاعلية ، لذا لابد من ان يعى المخطط الجيد امور خمسة عندما يخطط : اولا : التحديد الدقيق للاهداف الموضوعة حيث لا يتم وضع اهداف عشوائية ، لا تراعى الابعاد السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية والثقافية .. فمنهج العشوائية سيضر اكثر مما ينفع لانه يهدر الموارد المادية والمعنوية كالوقت الذى تقضيه الدولة فى النهوض والاستقرار على كافة الاصعدة ولا اخفى على القارىء ان جزء كبير من تأخر الدلة المصرية فى فترة ما بعد الثورة يرجع الى عدم التحديد الدقيق للاهداف الموضوعة وفقا للامكانات المتاحة ، حتى وان تم وضع اهداف فأن متخذ القرار بالتخطيط يبالغ فى وضعه للاهداف ، والدليل على ذلك برنامج المائة يوم المزعوم ، فما تم تنفيذه من ذلك البرنامج لا يذكر ، لانه ببساطة لم يراعى ابعاد التخطيط من ناحية ، كما ان المخطط تعامل بمفهوم الادارة على المستوى الجزئى وليس المستوى الكلى . ثانيا : القياس هناك مبدأ فى الادارة يقول " لو استطعت ان تقيس ، استطعت ان تدير " ، وهذه المرحلة مرتبطة جدا بالمرحلة الاولى فى ان عملية وضع الاهداف بالأساس تراعى المواقف المادية والمعنوية المختلفة على ارض الدولة وخارجها ، وقياس تلك العوامل يفيد جدا فى حالات تعديل النظام المدار المتبع او الابقاء عليه كما هو ، او فى موضوعات التطوير والتحسين المستمر كتغذية عكسية تفيد فى اقتناص الفرص ودرء المخاطر ان حدث ذلك . ثالثا : القابلية للتحقيق مصيبتنا فى دولتنا اننا نسبح فى الاحلام الوردية ، ولعل اخطر ما يحدق بنا فى هذا الامر هو " المجاملة " التى نراها من هنا وهناك لمتخذ القرار ، فالدولة المحترمة هى من تتبع العلم وتسير فى طريقة وتطبق هذا العلم بفن يسمح معه بإدخال التعديلات المناسبة فيما تتطلبه ظروف كل دولة ، ولكن للاسف الواقع يحكى عن المجاملات الطائفية او الحزبية ويتجاهل تماما ما يقوله المنطق والعقل كى تسير الدولة فى اتجاه البناء باحترام القانون بسيادته ، واحترام شعبها بتوظيف قدراتهم المختلفة لخلق المكون الوطنى المنشود . رابعا : الواقعية والموضوعية فى مقال سابق يوصف الحالى النفسية للشعب المصرى فى فترة ما بعد الثورة تنبأت انه فى ظل عدم ايجاد الحلول المناسبة سينقسم الشعب على نفسه من ضمن هذه الانقسامات تقسيم " الاسترضاء " ، وهم الذين يرسمون لأنفسهم مدينة خيالية يعيشون فيها بمفردهم ، ويضعون ما بها من قوانين واجراءات ما هو يتناسب معهم فقط وفى حدود ضيق افقهم ، ولعل الشواهد كثيرة على هؤلاء بدءا ممن يريدون هدم الحضارة الى الذين يريدون تقمص دور رجل المستحيل للتعامل مع ملف المياة مع اثيوبيا . خامسا : ادارة الوقت احد الموارد الهامة التى تبعث بالجدية لعملية التخطيط السليم ، فخطة دون وقت محدد لتنفيذها هى خطة عشوائية ومفرغة من عامل القوة بها ، ولعل حكومة مصر الحالية ابرز مثال واقعى على ذلك ، فالتعامل مع الملفات المتعددة يتم بطريقة بدائية جدا وتقليدية حتى فى اوج الظروف ، فما معنى تخاذل القيادة السياسيةو الحكومة مع ملف امن قومى ، والتعامل معه بمنتهى الاستفزاز الوقتى ، فبناء السد يتم بوتيره سريعة وهؤلاء ينادون بحوار وطنى .. كيف ذلك ؟!!!! فى النهاية ،، يجب على كل فرد فى مصر بدءا من رأس الدولة نزولا الى كافة افراد الشعب مؤيد ومعارض ومحايد ، ان يقف مع نفسه وقفة صادقة ويسأل نفسه ، الا تستحق مصر منا ان نفعل من اجلها الصحيح والكثير ؟!!! كفانا مبالغة ومجاملة ،، اخطأت القيادة السياسية كثيرا كثيرا ، ومارست المعارضة معارضة سلبية كثيرا كثيرا ، ومكث حزب الكنبة فى سلبيتهم كثيرا كثيرا .. فإلى متى ؟!! اننتظر حتى لا نجد وطنا يضمنا ، ام ننتظرا حتى نعود الى عصور الاحتلال واخطرها احتلال الاحلام . افيقوا يا شعب مصر ، سيحاسبنا الله على اننا سمحنا للصوص الاحلام ومغتصبى الارادة بهتك عرض المحروسة .