السياسة علم وفن ، هكذا يرد اى باحث فى الشأن السياسى حينما يتم توجيه السؤال له عن نظرته للسياسة ، فهى العلم الذى يقوم على النظريات التى تم اختبارها واثبتت جدواها فى النتائج ، ومع تطور العصر تتطور معها ألية الفن اى المهارة فى استخدام تلك السياسة من اجل تصحيح الاوضاع القائمة او استحداث اوضاع تعمل على تحقيق الاهداف التى تسعى اليها السياسة بكفاءة وفاعلية . اتذكر مشهد من فيلم مصرى يسمى " ابراهيم الابيض " ، ولمن لم يشاهد الفيلم فإنه يحكى قصة بلطجى شهير تعوّد على خوض التجارب الدموية والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة ، كان لهذا البلطجى فلسفة خاصة به شأنه فى ذلك شأن امثاله من البلطجية فى ان حمل السلاح الابيض له فنونه واستخدامه له اصوله ، فغايته فى معركته لا ان يقتل الخصم بل يكتفى " بتعويره " بعلامة مميزة تعرّف كل من يراه بأن تلك العلامة التى فى جسمه كتبها له ابراهيم الابيض ، ولان ابراهيم الابيض يستخدم سلاحه بفكر ودراية وفن قال كلمة شهيرة يمكن استخدامها فى السياسة الا وهى " وانا فى خناقة انا مبخافش الا من الغشيم لانه لو خبطك هيقتلك " ، وفى عالم البلطجة هى ليست غاية بل الغاية هى احداث العاهة المستديمة . ومقياسا على ذلك فى الشأن السياسى فإن لعبة السياسة اقرب فى التشبيه بمن يلعب بالسلاح الابيض ، فإما ان يمارس تلك اللعبة بوعى واقتدار وكفاءة تجعله قادر على مسك السلاح الابيض بطريقة معينة لا تؤذيه وفى نفس الوقت لا تقتل غيره حتى لا يكوّن له عداوات مع اصدقاء غيره ، او ان يمارس لعبة السياسة بغباء سياسى يؤدى الى تصنيفه على انه " غشيم " يؤذى نفسه ويؤذى من حوله نتيجة غشامته فى ادارة المواقف بكل ما يلزمها من قواعد واجراءات . حال مصرنا الحبيبة اليوم ليس بخير ، فاللاعب السياسى المتحكم فيها " غشيم " ليس لديه الدراية العلمية بالسياسة وادارة الدولة بشكل متكامل ، وايضا فاقد تماما لفن ومهارة التعامل مع مستحدثات السياسة ناهيك عن ضعف قدرات التصور الكلى السياسى والادارى على مستوى القواعد والاجراءات ، فهو لا يستطيع حماية نفسه وفى نفس الوقت بغشمه يتفاوض على الملأ لأن يكيد او يحيك او يقتل غيره ، وقتل غيره سيؤدى الى التكالب على قتل هذا الغشيم من القوى التى تنتظر الدخول اليه بأى صورة ممكنة . لا اتصور على الاطلاق ان يذاع ملف امن قومى مصرى على الملأ امام اعين العالم شرقه وغربه ، شماله وجنوبه للتباحث حول ملف سد النهضة الاثيوبى المزعوم ، لن اتحدث فى الكفاءة والاختصاص المفقود تماما للحاضرين للاجتماع المنعقد برئاسة رأس الدولة المصرية ، بل اتحدث عن غشمهم الغريب تجاه التباحث حول الاجراءات المتخذة تجاه الدولة الاثيوبية ، اعتقد مثل هذا الفعل لم ولن يحدث فى اى دولة فى العالم او فى اى زمن حكم فى العالم غير ما وجدناه فى حكم الاخوان وتابعيهم ، اسذاجة هى ام ماذا ؟!!! الحقيقة لا استطيع توصيف تلك الحالة الا بأنها حالة " غشم سياسى " مقياس على البلطجى الغشيم الذى ان اخطأ اصاب نفسه وقتل غيره فيتكالب عليه الغير ليقتلوه .. نحن نعيش زمن الرويبضة بحق كما قال المصطفى رسولنا الكريم - صلَّ الله عليه وسلم ، وبحق نحن فى انتظار الساعة لان الامر بالفعل وسّد لغير اهله .. لكِ الله يا مصر