بعد مرور أربعين عامًا من ثورة الفاتح، لا يمكن لنا إلا أن نقف بمصداقية وأمانة مع أنفسنا لنقدم رأيًا واضحًا لا نستهدف من ورائه إلا مصلحة الوطن وناسه وقيادته في كل مدنه وقراه ووديانه وصحاريه الممتدة الشاسعة، هذا الوطن الذي أفاق يوم 191969م على بيان أذاعته الإذاعة الليبية، وهو بحق ما أنوي أن استخدمه معيارًا وتقييمًا لوقفاتنا الأربع، لنقيس به مجمل ما تحقق وما لم يتحقق من الأهداف والمبادئ التي سطرت في ذلك البيان الذي خرج الناس في كل المدن والقرى والنجوع والبراري، في تلك الأيام، لتؤيد ما جاء فيه، وتؤازره بكل قوة وجدية دون أن يعرفوا أسماء وانتماءات أصحاب ذلك البيان التاريخي، علاوة على من قام بقراءته، فالناس لم تكن تعرف الأسماء ولكنها خرجت تهتف للمبادئ والتوجهات. إن الحديث عن الإيجابيات والإنجازات منذ ذلك الوقت، حتمًا سيتناولها بكل تفاصيلها الدقيقة الإعلام الرسمي المرئي والمسموع والمقروء أيضا، وسيتحدث عنها المسئولون التنفيذيون، وسيشيد بها السياسيون والثوريون وغيرهم من الكتاب الجدد الراغبين في اللحاق بركب المديح والإطراء، وبالتالي فلن أستطيع أن أقدم الجديد إذا ما تناولت هذا الموضوع من تلك الناحية؛ لأنني لن أكون أكثر منهم دراية بذلك الطريق. إن الأربعين عامًا الماضية عملت فيها عامين مسئولا تنفيذيًا مباشرًا عن قطاع الشباب والرياضة، وعشر سنوات في قطاعات مختلفة، عملت فيها مسئولا تنفيذيا غير مباشر ومعاونًا للمسئولين التنفيذيين في قطاعي الضمان الاجتماعي والقوى العاملة، هذه المدة وهذه المواقع مكنتني، ولو قليلا، من الحديث بمصداقية عما يجول في خاطري من حديث حول هذه المسيرة بإيجابياتها وسلبياتها؛ ولكني لن أكون وصيًا ولا أدعى الإلمام الكامل بمجريات الأمور أو بما يتم في المطبخ السياسي، خصوصا بعدما بعدت عن هذا الميدان منذ فترة؛ ولكني سأحاول أن أقدم اجتهادًا معظمه ينقل ويعبر عن رأي شعبنا الليبي من مواطنين مثقفين ومهاجرين؛ لأن الخبرة العملية التي اكتسبتها في عملي بالمنظمات الدولية مكنتني من النظر إلى ليبيا الحبيبة عن بعد وهي داخل الدائرة الكلية، هذا البعد سمح لي بالمقارنات والمعادلات بين مجتمعنا والمجتمعات الأخرى الشبيهة بظروفنا وواقعنا، من حيث الإمكانيات الاقتصادية والمقومات المجتمعية الأخرى، بالتالي أصبحت الصورة أكثر وضوحًا عندي. وأعترف هنا قبل الخوض في الموضوع أنني لا أدعى المعرفة الكاملة بكل خبايا الأمور، ولكن رأيت من واجبي الديني أمام الله والناس في وطننا الحبيب- ليبيا- أن أقدم كلمة أرى فيها واجبًا يمليه عليَّ محبة الوطن واحترام ناسه بمختلف مواقعهم ومكانتهم، لعلها تعود بالخير على البلاد والعباد وأولياء أمرهم بمختلف مواقعهم، لأن الأمر في الواقع يجب أن يؤخذ من منطلق الحرص الشديد على مصالح ليبيا دون أية مؤثرات وتوجهات أو طموحات أخرى.. ولي في هذا المقال أربع وقفات أرمم فيها ما تشعث من آمال عقدها الشعب على ثورته المجيدة: الوقفة الأولى: بادئ ذي بدء، علينا الاعتراف بمبالغتنا الزائدة عن الحد في نظرة التضخيم لبلادنا التي وضعناها في مصاف البلدان العظمى بدون مقوِّمات واقعية ملموسة تأهلها لذلك، بل سخرنا إعلامنا وكل برامجنا العقائدية لترسيخ "أننا رواد حضارة جديدة عالمية، وأنه من ليبيا سيأتي الحل النهائي لمشاكل البشرية كافة لهذا الكون، وأننا نتحمل مسئولية تحرير العالم وسنقوده للانعتاق النهائي". أتفق مع الجميع أنه من الناحية النظرية لا أحد ينكر أن الهدف السامي في الحكم هو الوصول إلى أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، ويعلم جميع المفكرين بالعالم أنه هدف يسعى إليه كل عشاق حرية الشعوب، ولكن الساسة كيَّفوا أشكال سلطة الشعب المختلفة عالميًّا بما يخدم وصولهم للسلطة واستمرارهم فيها، ولابد من الاعتراف بأن النظرية شيء براق وجميل دائمًا، خاصة في الأمور الإنسانية؛ ولكن التطبيق الواقعي شيء آخر، وفي بعض الأحيان إذا دخلت فيه مصالح القوى المتعددة تكون نتائجه سيئة للغاية، وانعكاساته تكون أسوأ على المجتمع وسلطته. نحن- سادتي- بلد تبلغ مساحته 1.759.540 كيلومتر مربع، وعدد سكانه 6.310.434 مليون نسمة، ونعتمد في اقتصادنا على النفط الذي نصدر منه يوميًّا 2 مليون برميل، ويبلغ الناتج القومي حوالي 90 مليار دولار، وموقع ليبيا الجغرافي في منتصف الوطن العربي بين شرقه وغربه من قارة إفريقيا، ونحن- بدون شك- جزء من الوطن العربي الكبير الذي لم يتمكن من الأخذ بوسائل وأساليب النمو ليلحق بالدول النامية السائرة في طريق النمو، وبالرغم من إمكانياته الكبيرة التي تتوافر بها كل عوامل النهوض الاقتصادي والاجتماعي على كافة المستويات إلا أن بلدنا- وبلدان كثيرة نامية- لا تتقدم. ونحن في بلد لو قسناه ببلدان كثيرة في العالم يعتبر بلدًا صغيرًا، يمكن من خلال مقوماته الاقتصادية هذه، إذا توفرت لها حسن الإدارة، والتركيز على احتياجات البلاد وأفراد المجتمع في المدن والقرى من خدمات وتنمية بشرية واقتصادية واجتماعية دون إسراف وتبذير، ودون اختراق لقواعد وأصول التعامل في النواحي المالية لدرء الانحرافات والفساد المالي- حتما أن نكون في مصاف البلدان التي قضت على الأمية اللغوية والمهنية، وتستخدم أحدث وسائل التكنولوجيا العصرية في تعليم أبنائها، والمحافظة على صحتهم، وبالتالي كنا سنكون من الدول التي زاد متوسط عمر الإنسان فيها بفضل الرعاية الصحية، وليس العكس كما هو حاصل الآن، والحقيقة أنني صدمت بأحد التقارير البحثية العالمية الصادرة عن إحدى وكالات الأممالمتحدة بأن ليبيا من الدول المهددة بالانقراض لتأخر سن الزواج، وزيادة ظاهرة الطلاق، وارتفاع نسبة الموتى قياسًا بالمواليد، وأيضا في تقارير أخرى تشير إلى أننا من أكثر الدول التي يتفشى فيها الفساد المالي والإدارى.. ورغم التنبيهات والتوجيهات المباشرة وغير المباشرة من قيادة البلاد المعلنة على الملأ، إلا أن الأمر في كل عام يزداد سوءًا؛ لذلك فإننى أعتقد أنه آن الأوان أن نقف، نعم نقف، بجدية لنهتم بليبيا: بالمدن، والقرى، والنجوع، والمواطن الليبي واحتياجاته، بل نوقف نزيف إهدار الثروات التي توضع في مشروعات هلامية غير مبنية على أسس علمية صحيحة؛ ولا يتبع فيها الضمانات المعتادة في صرف الأموال، بحجة السرعة والإنجاز قبل مناسبة بعينها. وعلى جميع المسئولين أن يتركوا كراسيهم وينزلوا إلى الشوارع، ليعيشوا مشاكل المواطنين في المناطق الشعبية بالمدن، وأن يتفقدوا حال القرى وسكان الصحاري والوديان، وأن يعملوا من أجل إنهاء مشاكلهم وتقديم الخدمات الإنسانية اللازمة لهم. وعلينا أن نبتعد عن الإقليمية الضيقة، والنظرة القبلية الأضيق من سم الخياط، كلنا مواطنون ليبيون، والوطن لنا جميعا، وخيراته تعمنا جميعا، لا فرق بين غرب وشرق، أو جنوب وشمال؛ لأن الأصل أن الوطن الرءوم هو ليبيا، وهو يضمنا بجميع أطيافنا القبليه والسياسية، ونحن نعمل من أجله، فلولاه لن نكون؛ ونحن بدون ليبيا وانتمائنا لها ولشعبها الطيب- ما كان لنا موقع قدم، لا في إفريقيا، ولا في العالم، فجذوع الشجرة الليبية نمت وترعرعت فى هذا الوطن، وبفضل خيراته وتفرعاتها وغصونها في الوطن العربي وفى إفريقيا امتدت، ويفترض أن يشاركنا في قطف ثمارها العالم كله باعتبارنا جزءًا منه، وتربطنا علاقات تكامل اقتصادي بيننا وبين دول العالم خاصة في زمن العولمة القادم بخطى حثيثة نحونا، شئنا أم أبينا. آن لنا أن نهتم ونعي أن ليبيا والمواطن الليبي هو شعارنا أولا وأخيرًا، ومن خلال هذا المنظور دون غيره نقدم مساعدتنا، ومن خلاله فقط نقيم علاقاتنا ونحدد أُطرَها، فمصلحة ليبيا ومواطنيها فوق كل اعتبار. الوقفة الثانية: عشنا تخبُّطًا اقتصاديًا نقلب فيه أمر الاقتصاد غربًا وشرقًا، وما بينهما، وأصدرنا سيلا من التشريعات المنظمة للحركة الاقتصادية، ولا يمر عام إلا ونغيرها بتشريع آخر، ولو كنا دولة غير نفطية وحدث لنا هذا التخبط لكنا من أفقر الدول فى العالم؛ لأن التقلبات فى التوجهات الاقتصادية جعلت منا حقيقة حقل تجارب غريبًا ومخيفًا، وأصبحت بيئتنا الاقتصادية بيئة طاردة لرأس المال المستثمر الذي يرغب فى استثمار طويل الأمد، وأصبحنا بيئة خصبة للسُرَّاق- تجار اقتصاد الفرص والمناسبات- فمن أمثلة ذلك أممنا التجارة، وعيَّنا التجّار فى مؤسسة الأسواق العامة (التاجر الوحيد المحتكر) فى البلد، ورغم أنها كذلك إلا أنها أفلست؛ نتيجة الفساد وسوء الإدارة الذي بلغ أنه في بعض الأعياد وأمام الأسواق العامة كان الموظف المختص يرمى للمواطنين شنطًا بلاستيكية بها مجموعة من ملابس الأطفال بأحجام مختلفة وبمبلغ مقطوع، وتجد المواطنين فى ساحة السوق يغيرون المقاسات، هذا المنظر الذى لم يحدث حتى في الدول الشيوعية الفقيرة جدًّا وقت انتشار التوجه الاقتصادي الشيوعي. ومن زاوية أخرى نعلن عن قانون للتطوير العمراني ويبدأ الناس فى استلام التسهيلات ويقومون ببناء المساكن على أراضيهم بهذه التسهيلات، وبعد سنتين يصدر أمرًا بإلغاء القانون وتأميم هذه الأملاك. هذه الأمثلة وغيرها أفقدت الدولة مصداقية توجهاتها الاقتصادية أمام المواطن والمستثمر على السواء، كما أدت إلى تعثر الاقتصاد كثيرًا.. ورغم أننى أعلم جيدًا أن كثيرًا من التوجهات الثورية فى الأمور الاقتصادية كان هدفها الوقوف مع الفقراء؛ ولكن التنفيذ القاصر، وأيضا والحذَّاق ممن يستغلون الفرص، حولوا الأمر إلى غنائم لهم، فازداد الفقراء فقرًا، وظهرت فئة من الأغنياء الجدد المنتفعين- بكل صراحة وشفافية- يختلفون كثيرًا عن أغنياء ليبيا زمان تلك الأسر الغنية التى كان معروفا عنها أنها تعطي حق الفقراء فى مالها، بل وتتسابق فى ذلك حتى وإن احتسب البعض هذه التصرفات تحت مسمى الرياء؛ ولكن الفقراء كانوا يصطفون طوابير أمام مكاتب وبيوت هذه الأسر ليستلموا نصيبهم السنوي من الزكاة، أما أغنياؤنا الجدد فزكاتهم "شيكا" للمغنية المشهورة فلانة، وسيارة "بي إم دبليو" للراقصة أو عارضة الأزياء أو المذيعة فلانة. أريد هنا أن أنصح، إن جاز لي هذا التعبير، بضرورة أن نقدم توجُّهًا اقتصاديًا واضحًا غير مزاجى مستقرًا ثابتًا، لا توجد به شوائب ولا نجعل منه "اقتصاد القطة" التي أشار إليها الدكتور العيساوي فى مقاله الشهير، الذي حاول فيه بمصداقية أن يقدم النصح للإدارة التنفيذية لعجلة الاقتصاد الليبي. إن دولاب الاقتصاد الليبيى لا يتحمل مزيدًا من التخبط، وما علينا الآن إلا أن نبدأ في تقليص دور الحكومة فى هذا الشأن، بحيث يصبح منح التراخيص ومراقبة الجودة والدفاع عن المستهلك ودعم الاحتياجات الضرورية للأسر المحتاجة ومحاربة الاحتكار والاستغلال، لأن القضاء على الوسطاء وتلاعبهم لا يتأتى إلا بإطلاق حرية العمل، خاصة بالنسبة للمؤسسات العالمية الكبيرة، فلنعلن بجراءة قائمة مدروسة للمؤسسات العالمية بمختلف جنسياتها- باستثناء الإسرائيلية- أن السوق الليبي مفتوح لها شريطة التزامه بتشغيل وتدريب الليبيين ودفع الرسوم المقررة عليه من أجل التراخيص، ونلغي السمسرة، ولنشعر هذه المؤسسات أنها تعمل في بلد يحترم نفسه ويحترم من يعمل فيه ولا يمد مسئولوه أيديهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة لهذه الشركات للحصول على رشاوى مقابل التسهيل لها في الحصول على تراخيص المشروعات التي تفتح لشبابنا فرصًا للعمل والتدريب والتطوير. الوقفة الثالثة: ستكون لمعالجاتنا للشكل الثوري لظاهرة الفقر، كظاهرة اجتماعية، هذه المعالجات هى أيضا نتاج للبيروقراطية، والحجج المختلقة التي أبردت حرارة التوجيهات الخاصة بتوزيع الثروة، وحولتها إلى جليد فقد من خلاله الليبيون والليبيات الأمل فى تحسُّن أحوالهم المعيشية، بل إنهم وقفوا فى المؤتمرات الشعبية الأساسية يرفضون شروط "النسيب الكاره" التي قدمت لهم فى مذكرات توزيع الثروة. إن عدم وجود عدالة في توزيع المشروعات التنموية والخدمية وتركيزها في مناطق دون غيرها أدى إلى الشعور بالغبن عند أصحاب المناطق المحرومة، وأصبحوا يطلقون على المناطق التى تشهد مشروعات تنموية ب"الجماهيرية الشقيقة"، هذا التعبير هو نتاج لتصرفات إقليمية عنصرية لبعض مسئولينا التنفيذيين، تحتاج إلى وقفة جادة لنقول لهم: قفوا، فإن خيرات ليبيا لكل الليبيين، وكفانا عنصرية وإقليمية ضيقة. إن معالجة الفقر تعني أيضًا معالجة ظاهرة البطالة بين الشباب، وهذا الأمر ليس صعب المنال وفقًا لإمكانيات ليبيا، بل نحتاج فيه لإرادة سياسية قوية، ولتعاون الجميع من خلال تسخير الإمكانيات من أجل خلق فرص عمل جديدة للشباب، وتضييق الهوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، ولا أريد أن أكرر ما نشرته في مقال سابق بعنوان: "الأساليب التنفيذية للحد من مشكلة الباحثين عن العمل في ليبيا". وعلينا أن نعي أن الطريق الصحيح من أجل أن نبني ليبيا بحق هو العمل على إعادة الثقة بين المواطن وإدارة البلاد، مهما اختلفت مسمياتها، وأن لا يشعر بوجود وساطة ومحسوبية في الحصول على حقه، من خلال توفير فرصة عمل لائقة وكريمة، خاصة وأنه يعيش فى بلد ترفع شعار " الشعب السيد"، و"المواطن سيد كريم مصان الحقوق في بلده". الوقفة الرابعة: أن العدالة قيمة ترقى، في معظم الأحيان، عن كل القيم الإنسانية الأخرى، فشعور الإنسان بالعدل والأمن والأمان، وبأنه يتعامل مع الآخرين وفقا لقواعد تسري عليه وعلى غيره، وأنه وَهُمْ أمام القانون سواء، فهذا يزيد من شعوره بالانتماء لبلده وقيادته، ويعزز ثقته في توجهات الإدارة، وهذا الموضوع فى غاية الأهمية لأننا بعد أربعين عامًا مازلنا في حاجة ماسة لأن يتدخل قائد الثورة شخصيًّا ليوجِّه أوامره بمعاقبة أية ممارسات لا إنسانية تهين كرامة المواطن من قبل كافة عناصر الأجهزة الأمنية بمختلف تخصُّصاتهم، هذا المواطن حتى وإن كان منحرفًا أو مجرمًا، فهو إنسان قبل كل شيء، والتعامل معه يجب أن لا يمس كرامته أو حقوقه الإنسانية، وعلينا أن ننفذ أقصى العقوبات ضد كل من يمارس ذلك ضد المواطنين، وليكن هناك غرفة عمليات وخط ساخن يبلغ المواطنون من خلاله عن أى تجاوزات أو خروقات تجاههم، وتؤخذ كل البلاغات مأخذ الجد، حتى وإن كانت كيدية. وكذلك فإن إدارة الدولة عليها أن تسعى للرفع من مستوى الهيئة القضائية، وتطوير الإجراءات الإدارية فى محاكمنا، وأيضا معالجة قضية التباطئ وطول مدة التقاضي، التي تسهم في ضياع الحق أحيانًا، بل وزيادة معدل الجريمة في أحيان أخرى؛ حيث يسعى كل من له حق لأخذه بيده، ومن الأهمية بمكان تنقية السلك القضائى من الشوائب، وقصر دور القاضيات من النساء على قضايا الأسرة وبعض قضايا الأحوال الشخصية، وسبب إثارتي لذلك الملف نجده عند إدارة التفتيش القضائي التي تعلم ما يحدث فى محاكمنا، حيث تحتاج هذه الهيئة بحق إلى وقفة جادة للترميم والتصحيح. إن هذا العمل الذي يحد من تجاوزات أفراد وعناصر الأجهزة الأمنية وتنقية المحاكم وتنظيمها، يحتاج لتدخل مباشر من قيادة البلاد، وكذلك ضرورة أن نسعى إلى إلغاء كافة المظاهر السيئة فى السجون والمعتقلات، وهدم غرف ومبانى الاعتقالات، والسجون سيئة السمعة، وبناء مراكز إصلاح وتأهيل تتوافر فيها كل الوسائل والسبل للمحافظة على آدمية الإنسان، ولا يتم القبض على أي مواطن إلا وفقًًا للإجراءات القانونية المعروفة، وإلغاء كافة الإجراءات الاستثنائية قولا وفعلا، وقفل ملفات تجاوزات الماضي لا يتم إلا من خلال معاقبة المخطئين في حق الناس والوطن، كما قال تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}. وختامًا ليبيا لنا جميعًا، وحبنا لها هو الذي علمنا حب الأمة العربية، وكما أنه من بنغازى وحواريها تعلمنا الوطنية، فمن ليبيا ومدنها وقراها تعلمنا الانتماء للأمة العربية الإسلامية. WWW.DRIBRAHIMGUIDER.COM