عندما تتساقط الثلوج على سهول شرق قازاخستان ينطلق صيادون تعاونهم نسور بحثا عن فرائس، ويتعقب الصيادون اثار الحيوانات على الجليد ثم يطلقون نسورهم الضخمة في الهواء لصيد الثعالب والارانب. وقال بورزان يشمتوف هو صياد يبلغ من العمر 62 عاما بينما وضع نسره على كتفه "الصيد حياتي." وأضاف يشمتوف الذي يعمل في غير أوقات الصيد كسائق سيارة أجرة في الما اتا المركز التجاري في قازاخستان "هذا النسر هو حياتي." ويرى كثيرون في قازاخستان في الصيد بواسطة النسور رمزا لماضي البداوة لبلادهم وعودة الى زمن جميل قبل أن تتحول تلك السهوب الى ساحة معركة جغرافية وسياسية بين قوتين اقليميتين متنافستين هما روسيا والصين. وخلف عقدان من النمو الاقتصادي أعقبا استقلال قازاخستان عن حكم موسكو عام 1991 جيلا من الشباب يقودهم البحث عن هوية جديدة لهم الى النظر بعمق أكثر في تاريخ بلادهم. وقالت دينارا سريكباييفا التي تدير متحفا للصيد بواسطة النسور في قرية نورا "كانت كل هذه الاشياء منسية أيام الاتحاد السوفيتي لانه كان يجب أن يؤمن الجميع بالشيوعية." وأضافت في كلمة بمبنى بيت الثقافة الذي يعود لايام الحكم السوفيتي للبلاد حيث كان الموظفون يلقون محاضرات أمام القرويين حول الجنة الشيوعية الموعودة أن الصيد بواسطة النسور تحول الى رمز لهذا التحدي الجديد بحثا عن هوية. وقالت "أصبح الاطفال يرون الامر لطيفا. انه جزء مهم من أصلنا البدوي ونحن فخورون به كثيرا. ويسمى الصيادون المهرة الذين يستخدمون النسور "بركوتشي" بلغة قازاخستان وهم خمسون فقط في البلاد التي تستغل ثروتها النفطية في التحول من جمهورية سوفيتية كامنة الى مجتمع استهلاكي حديث. وغالبا ما يجتمع الصيادون عند التلال المتجمدة على حدود قازاخستان مع الصين والبعيدة عن مدن مثل الما اتا ويركبون السيارات الفارهة ويرتادون المقاهي الحديثة لاختيار صاحب النسر الافضل. ونسر قازاخستان من أشرس الانواع في العالم ويصل باع جناحيه الى 6.6 قدم ويملك مخالب حادة للغاية كما أن لديه القدرة على الهبوط بسرعة قطار سريع تصل الى 190 ميلا في الساعة. وفي مسابقة أقيمت في الخامس من ديسمبر كانون الاول راقبت لجنة من المحلفين بوجوه صارمة على التلال بينما أطلق صيادون العنان لنسورهم في الهواء. وأعد قرويون وجبات الكباب في أكشاك في الهواء الطلق وأذاعت مكبرات صوت أغان فلوكلورية وتابع سائحون المشهد في ذهول مستخدمين مناظير. وفرض حظر على الصيد بواسطة النسور أيام الحكم السوفيتي وكان من الممكن أن تختفي هذه العادة تماما ما لم يحافظ عليها أشخاص من عرق قازاخستان في الصين ومنغوليا. ودفنت مواهب أكثر من مليون شخص في قازاخستان مع أصحابها خلال مجاعة سببها السوفيت في الثلاثينات عندما أطلق جوزيف ستالين حملة جماعية أدت الى محو قرى بأكملها في قازاخستان وأوكرانيا وروسيا. وقال يبيميس عليم خانوف وهو مسؤول حكومي عن احياء نشاطات رياضية وطنية "مع الجوع والقمع ومبدأ الجماعية لم يكن لدى الناس وقت للقلق بشأن نسورهم." وأضاف "كانت مأساة. لكن التقليد في طريقه للرجوع. ورثه أبناؤنا وبناتنا." وارتفع عدد النسور المدربة في قرية نورا وحدها الى 30 نسرا بعدما كانا نسران فقط منذ عام 1990. ويبدو أن الحياة تدور في قرية نورا حول هذا النشاط فحتى محطة الحافلات في القرية تعرض لوحة فسيفساء كبيرة لنسر محلق. وعشية مسابقة جديدة للنسور اجتمعت أسر أمام أكواخها للمشاركة في احتفالية وقاموا بطهي وجبة تشتهر بها البلاد متحدثين عن النسور. وقال باجدات موبتيكيكيزي الذي يعمل في تنظيم مسابقات النسور "لا يملك أحد الاموال هذا العام بالطبع فهذا وقت أزمة.. انه أمر صعب لكننا سنفعل أي شيء لاطلاق العنان لنسور الصيد في الهواء."