دبلوماسيا... لا مجال للحديث عن منع الرئيس "أحمدي نجاد" من دخول مصر لحضور مؤتمر القمة الإسلامية، التى تترأس "إيران"، دورتها الحالية. ولكن ثوريا، فإن زيارة الديكتاتور الإيراني مرفوضة بكل المقاييس. إن مصر ثورة 25 يناير، التى انتفضت ضد نظام سلطوي قاهر لشعبه، قامعٍ للحريات عبر تحويل سلطات الأمن إلى تنظيم إرهابي رسمي، تستنكر أن يحل على أرضها من لا زال محسوبا على الأنظمة الديكتاتورية التقليدية، التى تم تشكيلها في المنطقة على مدي العقود الأخيرة، لكي تنفذ تعاليم وتعليمات "شرقية وغربية"، دخيلة، تستهدف تحويل الشرق الأوسط إلى مائدة شطرنج كبري، ممتدة من أدناها عند الخليج إلى أقصاها لدي المحيط. وقد تورط النظام الإيراني، كغيره من الأنظمة الفاشية التى حكمت – ولا زال بعضها يحكم – شعوب المنطقة، في تنفيذ أهداف أصحاب تلك الأجندات السياسية، على حساب مصالح المنطقة وشعوبها. من هذا المنطلق، يمكن تفسير الدعم غير المحدود، الذي قدمته طهران لحليفتها دمشق، طوال العامين الماضيين، حيث قدمت الأولي للأخيرة مساندات ومساعدات عسكرية ولوجستية وسياسية واقتصادية، إما مباشرة، أو غير مباشرة، عن طريق الضلع الثالث في المثلث الشيعي، حزب الله. ولعل هذا الخط الساخن بين دمشق وحزب الله، كان السبب في استثارة العدو الصهيوني، الذي وجه ضربته العسكرية الأخيرة ضد الأرض العربية في سورية، وهو ثمن إضافي يدفعه السوريون فوق تضحياتهم اليومية، في سبيل تحرير بلادهم من طغيان عدوهم القريب، استعدادا لمنازلة لم يتحدد موعدها بعد، ضد عدوهم الأبعد – وهو الأخطر بكل تأكيد – في تل أبيب. وبالتزامن، فقد بلغ ظلم نظام طهران لشعبه، منتهاه، بأن تعدي حدوده الداخلية، وأحكم قبضته على مواطنين، هم معتبرين – وفقا للقانون الدولي كلاجئين – داخل الأراض العراقية، بتحالف ذي خلفية شيعية، مع نظيره في بغداد. حيث وكإحدي نتائج الاحتلال الأمريكي الغاشم لثان أكبر دولة بالمنطقة وأكبر دولة خليجية، بحجة ثبت بطلانها مرارا وتكرارا، وهي امتلاك العراق لأسلحة نووية، تحولت الأخيرة إلى كيان ثلاثي الإثنية، وأصبحت الغلبة والسلطة الأكبر للقوي الشيعية، بزعامة "المالكي" وحكومته، وهي بدورها، تمارس ذات السياسات القمعية ضد اللاجئين الإيرانيين السنة، في مخيمات ليبرتي وأشرف، بذات المنهجية التعسفية التى تمارسها سلطات نظام الملالي في إيران، ضد المواطنين في منطقة سهول الأهواز ذات الأغلبية العربية السنية. إن الأوكسيجين السياسي الذي تحتاجه طهران بشدة حاليا، وتأمل أن تتلقاه من القاهرة، استغلالا لمناسبة فرضتها الأجندة الدبلوماسية الدولية، لن يكفي لضخ الحياة طويلا في شرايين المشروع التوسعي الإيراني، على حساب شعبه ثم على حساب دول المنطقة. ليس فقط لأن جميع النظم التى تشكلت بعد ثورات الربيع العربي، في مصر وتونس واليمن وليبيا، سرعان ما اتضح أنها لم تعبر بالقدر الكافِ عن أحلام من غرسوا البذرة الأولي لهذا الربيع، وبالتالي فهي لن تستمر طويلا في مواقعها على قمة السلطة، ولكن أيضا لأن جميع النظم التقليدية، التى لا تزال يقاوم "شيوخها" ورؤساؤها من أجل البقاء، في سدة الحكم، هم أيضا بطريقهم إلى زوال قريب، في ظل تسارع الخطي باتجاه الانتهاء من إعادة رسم ملامح المنطقة، تطبيعا مع أسس المشروع الصهيو – أميركي، تحت شعار "الشرق الأوسط الجديد"، وحيث ستكون المعركة القادمة هي الفاصلة، بين إرادات الشعوب، وبين رؤوس الكيان الشيطاني وأذنابه في المنطقة....... وإن غداً لناظره قريب.