أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ بعد إعلان مجلس الشورى طرح قانون لتنظيم الحق في التظاهر في الأماكن العامة في مصر، وهو ذات القانون الذي طرحته وزارة العدل منذ فترة، ورفضته القوي السياسية والمجتمعية آنذاك وطالبت وزارة العدل بتعديله، ولكن من الواضح أن وزارة العدل ترغب في أن تسير في ذات الطريق ولم تلتفت إلى مطالب القوي السياسية الأخرى وتقوم بتعديل القانون ليأتي متسقا مع المواثيق والاتفاقيات الدولية. فقد تضمن القانون الجديد الذي طرحته وزارة العدل لمجلس الشورى النص في مادته الخامسة على أنه "لا يجوز تنظيم مظاهرة إلا بعد تقديم إخطار بذلك إلى قسم أو مركز الشرطة المزمع بدء المظاهرة في دائرته، وذلك قبل موعدها بخمسة أيام على الأقل"، وهو أمر يتعارض بشدة مع رغبة بعض القوي السياسية في بعض الأحوال في تنظيم مظاهرات كرد فعل لبعض الأحداث الطارئة مما يعد هذا غل ليد المعارضة عن تسيير أي مظاهرات إلا بعد خمسة أيام من تاريخ الإخطار بها، ثم جاءت المادة السادسة لتضع هي الأخرى عدد من الشروط الإدارية من قبيل أن يتضمن الإخطار مكان المظاهرة، وميعاد بدايتها ونهايتها، والأسباب التي دعت لتنظيم المظاهرة، والمطالب التي ترفعها، وخط سير المظاهرة المقترح، والأعداد المتوقع مشاركتها فيها، وهذه عبارة عن مجموعة من القيود التي تحد من فعالية المظاهرات التي هي قامت في الأساس للضغط على الحكومات للانصياع إلى مطالبها، وبالتالي فالحكومة تسعي إلى تفريغ الحق في التظاهر السلمي من مضمونه الأساسي وهو القدرة على التأثير على صانعي القرار فيما يتعلق بمطالبهم. كما تضمن المشروع المقترح قيداً آخر وهو ما جاء في المادة التاسعة بالنص على أن "يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص أن يعترض على المظاهرة بطلب يقدم إلى قاضى الأمور الوقتية بإلغائها أو إرجائها أو نقلها لمكان أو خط سير آخر، متى وجدت أسباب جوهرية لذلك. ويصدر قاضى الأمور الوقتية قرارًا مسببًا بذلك على وجه السرعة"، مما يعطي لوزير الداخلية أو مدير الأمن الحق في الاعتراض على المظاهرات ولم يحدد على وجه أساسي الأسباب المحددة التي تجعله يعترض على المظاهرات، وإنما استخدم المشرع عبارات فضافضة وهي " أسباب جوهرية" وهنا فلم يحدد المشروع الأسباب الجوهرية التي تدفع وزير الداخلية للاعتراض؟!، وكذا ما نصت عليه المادة العاشرة "يحدد المحافظ المختص بالتنسيق مع وزير الداخلية حرمًا معينًا لا يزيد على خمسمائة متر لإقامة مظاهرة أمام أي من المواقع الآتي" وهو حيز ضيقا للغاية أمام المتظاهرين لممارسة الحق في التظاهر السلمي وخاصة أن معظم المظاهرات تتجه للمناطق المحددة في هذه المادة لمطالبة المسئولين بالاستجابة إلى مطالبهم، وكذا المادة الثامنة عشرة والتي أعطت لقوات الأمن الحق في " إطلاق طلقات الخرطوش في الهواء" وهو أمر في غاية الخطورة لطالما وقعت حالات قتلي وإصابات نتيجة استخدام طلقات الخرطوش حتى ولو كانت في الهواء مما يجب معه حذف هذا البند من هذه المادة احترام لحقوق المواطنين وحقهم في الحياة. وأكد حافظ أبو سعده رئيس المنظمة أن الحق في التظاهر السلمي أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية، كما أن هذا الحق ساهم بلا شك في تغيير مسار الحياة السياسية المصرية، لأن الشعب المصري انتفض بكل فئاته للاعتراض على الاستبداد السياسي الذي حكم الحياة السياسية المصرية وقاموا بثورة 25 يناير والتي غيرت مشهد الحياة المصرية. وشدد أبو سعده على أن سن قانون للتظاهر السلمي في هذه اللحظة الخطيرة من الحياة المصرية على هذا الشكل هو بمثابة قيد على نحو فج للحق في التظاهر السلمي من أجل غل يد المصريين على الاعتراض على كيفية إدارة شئون البلاد ومحاولة لتقنين سيطرة فصيل سياسي واحد بعينه على الحياة السياسية. وطالب بالعدول عن هذا القانون وسن قانون جديد للتظاهر السلمي يأتي متسقا مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي كفلت الحق في التظاهر السلمي بما يبرز أن الثورة قامت وحققت أهدافها في تحقيق الديمقراطية وليس بالرجوع للخلف إلى عصور من القمع والاستبداد. كما أكد أنه سبق لها وأن تقدمت بمشروع قانون لتنظيم الحق في التظاهر السلمي الذي انطلقت منه على التأكيد على أن هذا الحق هو ترجمة حقيقية للحق في المشاركة في الشأن العام عبر التعبير الجماعي عن الرأي، وأن هدم هذا الحق يقوض الأسس التي لا يقوم بدونها نظام للحكم، لكون هذا الحق مستندا في الأساس إلى الإرادة الشعبية، ولا تكون الديمقراطية فيه بديلا مؤقتا، أو إجماعا زائفا أو تصالحا مرحليا لتهدئة الخواطر.