«الوطنية للصحافة»: بدل التدريب والتكنولوجيا عن شهر يولية 2025 الاثنين المقبل    الجبهة الوطنية بالبحيرة يناقش استعدادات الحزب لانتخابات مجلس الشيوخ    مصر للطيران للشحن الجوي تستقبل طائرتي «أنتونوف» عملاقتين    وزيرة التضامن تتفقد معرض «ديارنا للحرف اليدوية والتراثية» بالساحل الشمالي    فلسطين.. شهيد في قصف إسرائيلي على حي الدرج وسط غزة    مدير أمن القاهرة يصل لموقع حريق سنترال رمسيس بعد تجدده مرة أخرى    ثيو هيرنانديز: الهلال يملك مجموعة رائعة.. وجئت لتحقيق البطولات    نتنياهو: نأمل التوصل إلى صفقة بشأن غزة خلال أيام    سعر البطيخ والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 11 يوليو 2025    انطلاق معرض «ديارنا» للمنتجات البيئية اليدوية في مطروح.. صور    أخبار × 24 ساعة.. البنك المركزى يقرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض    أول تعليق من "خطة النواب" على قرار المركزي بتثبيت أسعار الفائدة    تعيين إسلام السباعى بهيئة مكتب الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية    وزير الري: مصر تأثرت بملء السد الإثيوبي والأمطار خففت حدة الأزمة    لبنان.. توغل جرافات إسرائيلية جنوب بلدة عديسة    الشركة المالكة للسفينة إيترنيتي سي: إنقاذ 10 أشخاص وفقد 10 آخرين بسبب هجوم الحوثي    عراقجي يعلن القبض على سائح ألماني-فرنسي اختفى في إيران منذ نحو شهر    "بيان حسم".. محاولة بث الحياة في تنظيم ميت    تقرير: النصر يبحث ضم وسام أبو علي    مجلس إدارة الزمالك يشكر الجنايني وإمام وميدو    رسميًا.. توتنهام يعلن التعاقد مع محمد قدوس    كيشو بطل أولمبياد طوكيو 2020 يعلن اعتزاله المصارعة    عرض روسي يشعل الصراع على ضم إمام عاشور من الأهلي (تفاصيل)    تقارير: ألفارو كاريراس إلى ريال مدريد    أمانة الشباب بحزب الجبهة تبحث تفعيل دور الشباب في العمل السياسي والحزبي    ذعر جديد في رمسيس.. حريق جزئي داخل السنترال يعيد كابوس الانقطاع    الحماية المدنية تحاول السيطرة على حريق داخل مصنع كيما بأسوان    لماذا تجددت النيران مرة أخرى فى سنترال رمسيس؟.. خبير تقنى يجيب    شخص يطعن آخر بسلاح أبيض لخلاف على مبلغ مالى فى سوهاج    «ده ملحقش يغير التيشيرت».. تفاعل مع فيديو «شهاب من عند الجمعية» بعد ضبط سائق توك توك    موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025.. خطوات الاستعلام    5 أبراج «أمهم داعيالهم».. مجتهدون لكن الأبواب تُفتح أمامهم ويجنون مالًا أكثر    مدحت العدل يحيي ذكرى وفاة شقيقه سامي العدل ب"قصيدة حب"    "هنكون تحت الأرض".. حارس مرمى الزمالك يثير الجدل بهذا المنشور    منة عرفة تنشر إطلالات جريئة مختلفة على البحر من إجازتها الصيفية والجمهور يعلق    لماذا حرم الله الربا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم من حج ولم يزر قبر النبي صلى الله عليه وسلم .. أمين الفتوى يٌجيب    حدث طبي نادر.. ولادة توأم ملتصق بمستشفى الفيوم العام    ساويرس و3 آخرين .. هؤلاء يملكون ثروة تعادل ممتلكات نصف سكان القارة السمراء    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. انهار مبنى على قوة عسكرية إسرائيلية فى غزة.. وزير دفاع الاحتلال: سنضرب إيران مرة أخرى إذا هددتنا..ماكرون يدعو إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطين من جانب باريس ولندن    سعر الذهب اليوم الجمعة 11 يوليو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    رسميا بعد قرار المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 11 يوليو 2025    لماذا نحتاج إلى الثقافة (9).. عندما تغيب ثقافتنا نتوهم فوز الآخر    «بعد 25 سنة بالقائمة الحمراء».. القصة الكاملة لإعادة موقع أبو مينا الأثري لسجل التراث العالمي باليونسكو    تعيش خارج مصر وتُعاني من اضطراب شهير.. 16 معلومة عن جنا عمرو دياب بعد أغنية «خطفوني»    خبير اقتصادي صيني: تسريبات ترامب "دعائية".. والصين ترفض الهزيمة الروسية    وائل القباني يطالب برحيل نجم الزمالك    طائرات بدون طيار وصواريخ.. القصف الروسى لأوكرانيا عرض مستمر    ما حكم إفشاء الأسرار الزوجية؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    خالد الجندي: إذا خاطب الله عبده يوم القيامة فهو في دائرة الأمن والأمان    الأرصاد تُحذر من حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات: «توخوا الحيطة والحذر»    ولادة نادرة لتوأم ملتصق بمستشفى الفيوم العام (صورة)    تعزز صحة الكبد- 3 توابل أضفها إلى طعامك    انتبه- 5 علامات مبكرة تكشف عن وجود ورم في معدتك    إطلاق الدليل التدريبي لمبادرة "دوي" الوطنية بطريقة برايل    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة ودورها الثقافي
نشر في مصر الجديدة يوم 27 - 01 - 2013

أن جزءاً من ثقافتنا الاجتماعية يشجع الفوضوية وتخطي حقوق الآخرين، مما يخلق روحاً من الانسحابية في بعض الأحيان لدى البعض، دافعاً إياه للاجتهاد الخاطئ لإيجاد فرصة تبدو عادلة بالنسبة له؛ متناسياً بها ما يسمى بالقانون ومتغاضياً عن مفهوم احترام القانون.
ثقافة احترام القانون لا تُعزز إلا من خلال دعم المجتمع واطلاع وسائل الإعلام؛ المرئية والمسموعة والمطبوعة؛ اللذين يلعبان دوراً أساسياً في بناء هذا الدعم وتعزيزه لحماية حقوق الإنسان، حيث يعمل نظام حكم القانون على إشراك جميع المواطنين في سَن القوانين وتطبيقها وتسري فيه القوانين بالتساوي على المواطنين، حيث لا تستطيع مؤسسات الدولة وحدها أن تضمن احترامها للقانون من دون الرغبة والقدرة لدى المواطنين على تدعيم حكم القانون، وهو نظام تحمي فيه القوانين حقوق كل فرد من أفراد المجتمع، متيحاً السبل للمشاركة والأنصاف والحماية، وفي الواقع لعل حكم القانون السبيل الوحيد الذي يضمن قيام آلية تُخول جميع المواطنين ضمان حقوقهم ومتابعة مصالحهم، حيث يحظى جميع أفراد المجتمع بفرصة المشاركة في التعريف بنطاق تطبيق القوانين والإشراف عليه. أما مفهوم ثقافة احترام القانون والذي يساعد على تفسير سبب التباين بين نص حكم القانون على الورق وتطبيقه على أرض الواقع مما يعني أنه لا يتمتع بثقافة داعمة لحكم القانون، ومنح المواطنين دوراً مهماً لتحسين نوعية الحياة في مجتمعاتهم، حيث يعلل قدرة بعض المجتمعات على الإبقاء على القانون والنظام باستخدام سبل اقل كلفة، عبر تهميش السلوك الخارج عن القانون، ويساعد هذا ثقافة احترام القانون على تخلص المجتمعات من تهديد الفساد والجريمة المنظمة والسلطوية والعنف السياسي وكل آفة اجتماعية قديمة أو مستحدثة. أن ثقافة احترام القانون هي ثقافة المساواة في الحقوق والواجبات، وهي من ثم تكريس لقيمة المواطنة التي تمثل ركناً أساسياً في استثمار طاقات المجتمعات وتحويل الشعوب إلى حية وعاملة. إن التغيير الثقافي هو نقطة التحول المركزية من التخلف إلى التقدم. و أهمية دور الإعلام في نشر ثقافة احترام القانون لقد أتاحت التطورات التكنولوجية ووسائلها كالانترنت والتليفزيونات الفضائية وغيرها، نشر الوعي الثقافي بين العديد من المجتمعات المغلقة ثقافياً وسياسياً، حيث وفرت تدفقاً إعلاميا ومعلوماتياً هائلاً وهذا بحد ذاته قيمة نوعية لم يكن من الممكن تحقيقها سابقاً.
 إن الانفتاح الإعلامي والمعرفي الذي يشهده عالمنا العربي، كما العالم كله، جعل تقبل فكرة التغيير الثقافي من الأبوي العصبي إلى الديمقراطي القائم على القانون ممكنا لا ينقصه إلا تركيز الجهود الفكرية والإعلامية في الوصول إليه وتقديم أعمال تلفزيونية تدعمه إلى جانب الإعلام الإخباري والسياسي أن اقتصار استخدام مصطلحات القاموس السياسي الدارج على النخب دون أن يتم تدويرها أو إدماجها في السياق العام يبقيها حائرة وغامضة ومختلفة عن مجتمعنا ويبقيها مربوطة بمعنى واحد، وهذا الخلط بين الاعتقاد حيثما وجدت الديمقراطية وجدت الحاكمية الرشيدة وثقافة القانون والشفافية في صنع القرار، مما يشكل لب المشكلة بين الإصلاحيين والمنظمات والهيئات المسئولة عن محاربة الفساد وسوء استخدام المال العام وكذا قطاع الإعلام. وبمعنى آخر فإن وجود قوانين في الدولة لا يعني تطبيقها بشكل عادل وشفاف كما إن حكم الأغلبية لا يضمن دائما حماية حقوق الأقلية. أن الحل هو الدافع الأخلاقي على مستوى طبقات المجتمع يضمن خلق وعي بثقافة القانون بدءاً من الفرد والأسرة وانتهاءً بالمجتمع ككل ضمن أطر حكم ديمقراطي، واخذ مثالاً؛ ظاهرة الواسطة وهي شكل من إشكال الفساد التي أصبحت جزءاً من ثقافة المجتمع بالرغم من أنها تبطل مبدأ العدالة وتخالف الخطاب الرسمي الذي يدعو الى مكافحتها كظاهرة واستبدالها بثقافة الجدارة والاستحقاق وعدم اعتبارها القاعدة في الحياة.
 إن الإعلام الحر شرط رئيس لمكافحة الفساد وتمكين ثقافة مجتمعية لسيادة القانون، والإعلام الحر يصنعه الإعلاميون المؤمنون بأهداف مهنتهم والواعون لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وان مطالب الصحفيين من أجل حرية الصحافة هي امتداد لحق المواطن الدستوري في التعبير في سبيل الوصول الى مجتمع مدني ديمقراطي تسوده الحاكمية الرشيدة
أنّ تلك السّياسات والفكر السّياسي الّذي قادها وتزعّم حركتها، لم تكن إنسانيّة بالمطلق. وحتّى لا يؤثّر الواقع الاقتصادي الذّي أسيئ إدارته أيّما إساءة؛ حتّى بلغ ذروة التّأزّم الراهن، في الواقع الثّقافي، ينبغي قلب الهرم حتى يصبح للمؤسسات الثّقافيّة دورها الرّائد الآن وفي المستقبل، وبما يؤثّر في حركة النّهضة والتّنوير، وهذا ما يستدعي فعليّا إقامة ذاك التّوازن المفقود بين القيادة الطليعيّة للاقتصاد عبر السياسة، وتلك الطّلائع الثّقافيّة التي ينبغي أن تضطّلع بدور لها ينبغي أن تقوم به، في الاقتصاد والسياسة على حد سواء. كما وبأدوار ثقافية تنهض بعملية التغيير المنشودة، عبر مهام التوجيه والترشيد كمساعد للدولة وليس بديلا لها. والآن. وبعد أكثر من ستة أشهر على بدء الأزمة، أمسى واضحا أن الآليات التصحيحية، سوف تعتمد بالضرورة، على استعادة الدولة لدورها، الذي غيّبته السياسات الخرقاء للرأسمالية المالية الريعية، وذلك عبر التركيز على الأبعاد الاجتماعية التي غيّبتها الرؤى الليبرالية المتوحشة لإمبراطورية العولمة وأربابها من المحافظين الجدد وفي استبعاد الدولة ودورها المفترض في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمجتمعات الإنسانية فالثقافة لاتعني زيادة معلومات بمجال معين ما أو أنها تعني الالمام بأكثر من مجال. الثقافة مثلها مثل علم الفلسفة والمنطق فهي تدخل بكل شيء وهي صفة تستخدم في جميع الميادين مثلها مثل الخبرة. تكسب الثقافة حاملها رونقاً يفوح بالهيبة فهي تغطي عيوب الجمال الجسماني لأن صاحبها هو صاحب علم وخبرة وذوق. فهي تعتبر فناً من فنون التعامل مع البشر فما وجد الإنسان إلا ليعبد ربه والعبادة تعني أن يكون متعلما ليس علم المدارس والجامعات بل متعلم من الحياة الكونية تجد المثقف إنسان واعي تماما مدرك لما حوله رغم عدم خوضه بكل صغيرة وكبيرة . فهم الوجه الصحيح للثقافة يفهمنا الطريقة المثلى لاكتساب الثقافة ولتنميتها النمو السليم. أسباب كثيرة تجعلنا نعيد النظر في مفهوم الثقافة من حيث نشوء فكرة عند جيلنا أنها تقتصر على الكتب بالعكس تماماً أصبحت كتب التعليم لدينا بعيدة كل البعد عمّا يسمى ثقافة أو بشكل نسبي ليس كلما أطلق عليه اسم ثقافة هو ثقافة. إن نظرة فاحصة على واقع المشهد الثقافي العربي - كما تعبر عنه قنواتنا الفضائية - تدلنا بوضوح على وجود خلل كبير في العلاقة بينهما، ويمكن أن نشير هنا إلى عدد من مظاهر ذلك الخلل :
أولها: ضمور الاهتمام بالثقافة الجادة النافعة في الفضائيات العربية، ويتمثل هذا في ضآلة نسبة البرامج الثقافية فيها، قياساً إلى نسب المواد والبرامج الترفيهية والرياضية وغيرها، ويضاف إلى ذلك أن البرامج الثقافية المحدودة التي تقدمها الفضائيات تفتقر - في الغالب - إلى الرؤية الشاملة والمتكاملة مما يجعلها مجرد أشتات من الثقافة العامة، التي لا يجمعها إطار فكري محدد، أو توجهها غايات استراتيجية، سواء أكانت إسلامية أو قومية أو وطنية .
وثانيها: غلبة الاتجاه التغريبي في نسبة عالية من البرامج والمواد الثقافية والترفيهية التي تقدمها الفضائيات العربية، سواء في توجهاتها أو في مضامينها، أو حتى في أساليب عرضها، ويتمثل هذا - على نحو واضح - فيما تقدمه هذه الفضائيات للطفل العربي من برامج ومسلسلات وأفلام وإعلانات تمتلئ بمشاهد العنف والجريمة والسلوكيات المنحرفة، فضلاً عما تنقله من أوضاع وظروف وقيم فكرية وثقافية بعيدة عن ثقافتنا العربية، أو تتناقض معها بالكلية، ويتمثل الاتجاه التغريبي - أيضاً - فيما تقدمه الفضائيات العربية من برامج ومواد للمرأة العربية، لا تعبر عن القيم الدينية والفكرية للمجتمع العربي المسلم، بل تروج - على نحو أو آخر - لأسلوب الحياة الغربية، وتصور المرأة - في الغالب - بوصفها سلعة للمتاجرة، أو مجرد أداة للمتعة والإغراء الرخيص !
وثالثها: هزال المضمون الثقافي الذي تقدمه الفضائيات العربية، وافتقاره إلى الشمول والتنوع، ويغلب على هذا المضمون الموضوعات التقليدية وقضايا التراث المستهلكة، ويندر - مثلاً - أن نرى في هذه الفضائيات برامج متقنة، تستهدف تسهيل الثقافة العلمية ونشرها، ويقل اهتمام هذه الفضائيات بالبرامج التي تعنى بالثقافة السياسية والاقتصادية، وليس مجرد العروض الإخبارية الآنية، كما يشتكي رجال الأدب والإبداع من محدودية البرامج التي تهتم بالتيارات الأدبية ونتاجات المبدعين في الحقول المختلفة .
ورابعا : الميل إلى التسطيح واللجوء إلى الإثارة في الخطاب الفضائي، الذي تقدَّم به المادة الثقافية، ويتم هذا - بالطبع - بدعوى جعْل هذه المادة أكثر جماهيرية، مما ينتج عنه مسخها وتتفيهها ؛ لتكون أقرب إلى المواد الاستهلاكية الرخيصة، التي تقتات منها الفضائيات لزيادة حجم جمهورها وزيادة مبيعاتها .
وخامسا: غياب الحوار الهادف في البرامج والمواد المصنفة في الفضائيات العربية في باب البرامج والمواد الثقافية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.