نظم مركز الأرض بالتعاون مع نقابة صغار المزارعين بالبحيرة، ورشة عمل يوم 11/1/2013 بمقر النقابة بالإمام مالك، وحضر اللقاء حوالي مائة مزارع وأعضاء النقابة وبعض النشطاء والصحفيين والمدرسين والأطباء والموظفين، بمنطقة المرحلة الثالثة بوادي النطرون بالبحيرة. وتحدث بالجلسة الأولى الأستاذ عبد الله المأمون باحث بمركز «الأرض» حول أوضاع قطاع الزراعة في مصر وبين أن أرض مصر الشاسعة خاصة الصحراوية صالحة للزراعة، ومع توفر مياه الري وجهود المزارعين، فإن نهضة الزراعة ممكنة وتحتاج فقط لإدارة سياسية يمكنها أن تجعل مصر مصدر غنى لإنتاج المحاصيل والخضر، يكفي شعبها ويفيض.
وأكد على أن هذه البرامج تحتاج إلى رؤية سياسية تتبنى برامج عادلة لتوزيع الأرض والثروة، وألمح "المأمون" إلى أن انتشار الفساد داخل أروقة الوزارة يعيق وصول السماد لصغار المزارعين وارتفاع أسعارها، رغم إنتاجنا الذي يقدر بحوالي 12 مليون طن، ولا تحتاج زراعتنا لأكثر من 8 ملايين طن.
هذا بالإضافة إلى غياب رقابة الدولة يؤدي إلى انتشار البذور والمبيدات الفاسدة، واستنكر المأمون غياب دور الدولة في دعم التعليم والرعاية الصحية والصرف الصحي ومياه الشرب النقية في الريف، وأكد على أن ذلك يرجع لانحياز الدولة وحكومة الإخوان لكبار الملاك وأصحاب المصانع، وسقوط المنتجين من دستورها وسياستها، الأمر الذي ينذر بكارثة في المستقبل القريب.
ثم تحدث الأستاذ أحمد حسن المحامي والناشط السياسي، مؤكدًا على حرمان غالبية الشعب المصري من كافة حقوقه؛ لأن الدولة وحكومة الإخوان تنحاز للأغنياء، وتقدم لهم التسهيلات والإعفاءات والخدمات، وتغتال حقوق الفقراء خاصة المزارعين في الريف، وأشار حسن إلى أن ذلك يرجع لتطبيق الدولة برامج الحرية الاقتصادية التي تزيد الأغنياء غنى وتعدم حياة الفقراء.
وأشار إلى أن حكومة الإخوان أجهضت مطالب ثورة المصريين في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية؛ باتباعها نفس الأساليب الاستبدادية المنحازة لكبار الملاك والتجار في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بنفس طريقة المخلوع وعصابته، وتساءل حسن عن مصير ثروات البلاد التي يتم التفريط فيها، وأكد على دور الدولة الملزم لكفالة حقوق العمال والمزارعين والصيادين والحرفيين في الأجر العادل والعيش اللائق الكريم، بأن تلك الحقوق لا تمنحها الدولة ولكن يجب الضغط عليها وتنظيم الناس لأنفسهم، من أجل انتزاع حقوقهم، وأشار إلى دور النقابات الفلاحية خلال المرحلة القادمة في قيادة كفاح وثورة الفلاحين للخلاص من الظلم والاستبداد، وتطبيق برامج عادلة لتوزيع الثروة والسلطة على كل المصريين.
بعدها تحدث الأستاذ محمد حجازي المحامي ومستشار نقابة المحامين "عن طريق إصدار دستور الإخوان والانتهاكات التي طالت عملية الاستفتاء لإقراره، والتأثيرات السلبية لبعض نصوصه على حقوق العمال والفلاحين وذوي الدخول المحدودة، خاصة في الرعاية الصحية والسكن الملائم والعمل اللائق وأمان حيازة الأرض، وكافة الخدمات والرعاية التي يجب أن تكفلها الدولة، وتطرق حجازي إلى الأوضاع الراهنة وطريقة إدارة الإخوان للبلاد، والتي أدت إلى تدهور أوضاع المنتجين والتعدي على حقوقهم، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه.
ثم تحدث الأستاذ وائل توفيق الصحفي والناشط السياسي، عن أوضاع الحق في التنظيم في القانون الدولي والتي أقرتها اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وأعطت الحق للعمال والمنتجين في تأسيس نقابتهم الحرة الديمقراطية، كما أن قرار وزير العمل المصري الصادر في إبريل 2011 أعطى الحق للمواطنين بتأسيس نقابتهم، ووضع لوائحها وبرامجها وأهدافها واختيار مجالس إدارتها، دون وصاية الدولة على تشكيلها.
وتحدث عن أهمية العمل الجماعي في الدفاع عن مصالح الأعضاء، وأشار إلى المشاكل التي تعاني منها النقابات المستقلة، والتي يرجع بعضها إلى دور حكومة الإخوان السلبي والمنتهك لحقوق العمال ومحاولات الهيمنة على حركة العمال والفلاحين عبر تنظيمهم الرسمي، كما أشار إلى أن الدولة لا تدعم إلا النقابات التابعة والمؤيدة لسياساتها، مما يجعل النقابات المستقلة في صراع مع النقابات الرسمية القديمة والنقابات الجديدة التي أسستها جماعة الإخوان في الريف بالنسبة للفلاحين، أدت سياسات الدولة إلى قيام الجمعيات الزراعية والمنتجة بإعاقة عمل النقابات، كما لعب الفساد المحلي دورًا كبيرًا في إهدار فرص كثيرة أمام النقابات لدعم حقوق أعضائها.
وتطرق توفيق إلى المشاكل الداخلية للنقابات المستقلة، والتي يعود أغلبها إلى ضعف الإمكانيات والموارد البشرية والمادية؛ نظرًا لحداثة التجربة ورغم ذلك فقد حققت الكثير منها الإنجازات مما يجعل المستقبل القريب مبشرًا بمزيد من الانتصارات وانتزاع حقوق العمال والفلاحين والصيادين، رغم سياسات الحكومة التي تهدر حقوقهم.
وأكد الحضور في مداخلاتهم على ضرورة بلورة برنامج عمل لتمليكهم الأرض، ووقف تعسف الهيئات الحكومية خاصة وزارة الزراعة والكهرباء وأجهزة المحافظة، كما طالب المشاركون بضرورة تخفيض سعر الكهرباء التي يدفعونها سنويًا للوزارة والتي وصلت إلى حوالي 1600 جنيه رغم صدور قرار وزاري عام 2002 يقضي بمحاسبة صغار المزارعين بمبلغ خمسة وثمانين جنيهًا، كما أكدوا على تحايل الدولة وخاصة وزارة الزراعة والتي ترفض الاعتراف بهم كمزارعين واضعي اليد، رغم قيامهم باستصلاح الأرض منذ أكثر من عشر سنوات بعد شرائهم الأرض من شباب الخريجين، الذين هجروا لضعف إمكانياتهم وصعوبة الحياة بالمنطقة، هذا والجدير بالذكر أن المرحلة الثالثة تزرع أكثر من خمسة وسبعين فدانًا بالخضر والفاكهة، وتوزع أراضيها على صغار المزارعين لكل منهم مساحة حوالي فدانين ونصف.
هذا وتضمن اللقاء بالجلسة الثانية نقاشًا مفتوحًا، أداره كرم صابر مدير مركز «الأرض»، وعبد الفتاح عبد العزيز من نقابة صغار المزارعين، ولخصت المناقشات المشاكل الأساسية التي يعانيها صغار المزارعين وأسرهم بالمنطقة؛ وكانت أهمها: 1- عدم تمليك المزارعين الأرض والسكن، والتقدير المرتفع لوزارة الزراعة لثمن الأرض، وعدم الاعتداد بصغار المزارعين؛ باعتبارهم واضعي اليد الذين حلوا محل شباب الخريجين بعد هجرهم الأرض. 2- نقص وارتفاع أسعار الأسمدة، وعدم تسليم واضعي اليد السماد إلا بعد دفع أثمان الكهرباء المرتفعة، بالمخالفة لقرار وزير الزراعة بتسليم السماد لواضعي اليد على الأرض.
3- ارتفاع أسعار كهرباء محولات مياه الري التي تحصلها شركة كهرباء البحيرة والتي تصل في العام لحوالي 1600 جنيه؛ أي أكثر من سعر إيجار الفدان بالمخالفة لقرار رئيس الوزراء، بتحصيل مبلغ 85 جنيهًا، قيمة استهلاك الكهرباء عن الفدان.
4- تلوث مياه الشرب وعدم وصولها لكل المنازل، مما يضطر الأهالي إلى شراء جراكن المياه النظيفة من القرى البعيدة، بأسعار تقدر ب3 جنيهات للجركن.
5- قلة الخبز بالقرية وعجنه بالمياه الملوثة، ورفض المحافظة التصريح للأهالي بإنشاء مخبز بالمخالفة للقانون. 6- غلق الوحدة الصحية طوال فترة الأسبوع، وعدم وجود الطبيب بسبب بعد المكان والفساد داخل الإدارة الصحية، مما يؤدي إلى مزيد من الوفيات للمرضى، وتفاقم الأمراض وانتشارها. 7- انتشار مقالب القمامة بشوارع القرية، مما يؤدي لتلوث الهواء وانتشار الأمراض المعدية. 8- وجود فساد بالجمعيات الزراعية والإدارات الحكومية المختلفة، مما يهدد ويقلل فرص التمتع بالخدمات وكفايتها. 9- استيلاء بعض موظفي وزارة الزراعة على التوسعات بالقرية والتي كانت معدة للمنفعة العامة؛ كإقامة مستشفى أو مدرسة أو مركز للشباب والاتجار فيها، وبيعها بالتواطؤ مع موظفي الوزارة الكبار بالهيئة.
وأكدت الورشة على ضرورة قيام المزارعين بتقديم طلبات وإنذارات للهيئات المختلفة ذات الصلة بتمليكهم الأرض؛ مثل هيئة الشهر العقاري بوزارة الزراعة والمحافظة، للاعتداد بحيازتهم وملكيتهم بالأرض، والاعتراف بعقود ملكيتهم الصادرة من شباب الخريجين، والمطالبة بالمبالغ التي استولت عليها مؤسسات الدولة على خلاف القانون، بدعوى الأقساط وتقديرات اللجان التي رفعت سعر الأرض دون سند قانوني وبالمخالفة؛ لتقديرها الأولي الذي لم يكن يتجاوز 25 ألف جنيه للفددانين والمنزل.
كما أكدت الورشة على ضرورة قيام النقابة بعمل لجان مندوبين بالقرى، وتوزيع المشاكل على أعضاء مجالس الإدارة والمندوبين بالقرى لتنفيذ الحلول العاجلة لكل مشكلة، وأشار المشاركون بالورشة على قيام مركز الأرض بتقديم الشكاوى عن الفساد المستشري بأجهزة وزارة الزراعهة والكهرباء، والتي تستولي بالجبر على حقوق الفلاحين في مياه شرب وري نظيفة، وكافة مستلزماتهم الزراعية، وأيضًا لوقف الاستيلاء على الأرض الفضاء المخصصة للمنافع العامة للسكان.
واتفق المشاركون على بلورة برنامج عمل، تقوم بتنفيذه النقابة بمشاركة مركز الأرض، وذلك لكفالة حقوق المزارعين في العيش الكريم والزراعة الآمنة.