القدس - خاص ل"مصر الجديدة" - قدّم رئيس دولة إسرائيل شمعون بيريس، السياسي المخضرم، والقائد المحبوب لدى الإسرائيليين وكثيرين في العالم بسبب آرائه المعتدلة، وعمله من أجل السلام، سلسلة مقابلات مطوّلة، امتدت على مدار أشهر، جمعت بين بيريس والصحفي رونين بيرغمان، لصحيفة "النيويورك تايمز". نقدم لكم مقتطفات من المقابلات، التي يناقش فيها بيريس، كمّا كبيرا من القضايا، متحدثا عن منظوره الخاص للقضية الإيرانية، وعملية السلام، وحبه ل "فيسبوك" وقرينته المتوفية "سونيا". وباشر رئيس الدولة أول لقاء مع الصحفي بيرغمان، بعد أن طلب رجال الأمن من الصحفي أن يطفئ الخلوي حسب وصفه، متكلما بقلق عن احتمال ضربة عسكرية على المواقع النووية التابعة لإيران، وقال "إسرائيل لا تستطيع أن تحل الأزمة لوحدها"، "يوجد حدود لما نستطيع أن نفعل لوحدنا" وأردف "لا أدري ما هي اعتبارات نتنياهو فيما يتعلق بإيران. لست متحدثا باسمه، ولست وزير الدفاع"، وتابع "لكنني أعرف الأسلوب الأمريكي. إنهم سيلجؤون قبل الضربة العسكرية إلى سبل عديدة- عقوبات اقتصادية، ضغط سياسي، مفاوضات، كل شيء ممكن". وأضاف بيريس "ولكن في نهاية المطاف، إن فشلت هذه الوسائل، فسيلجأ الرئيس أوباما إلى الحل العسكري. أنا متأكد". وقال بيريس عن السلام مهاجما تقصير القيادة الإسرائيلي في هذا الصدد، وعلى وجه الخصوص رئيس الحكومة نتنياهو، "لو سمع الشعب الإسرائيلي من قيادته أنه يوجد أمل للسلام، لكانوا خلعوا "القفاز الحديدي" وآمنوا أكثر بالسلام"، مشيرا بذلك إلى أن القيادة الحالية تتكلم كثيرا عن أهمية الأمن، وقليلا عن أهمية السلام. وحذر بيريس من الجمود في عملية السلام قائلا: "إن لم نتقدم في المسار الديبلوماسي، فسيعود الفلسطينيون إلى الإرهاب". وأضاف قائلا إن "العالم اليهودي يريد دولة إسرائيل يُفتخر بها، لا دولة تقوم على الاحتلال ولا تملك حدودا". ونصح بيريس القيادة الإسرائيلية بأن تجتهد أكثر في سبيل السلام وقال "من دون الدعم الأمريكي، ستصبح الظروف قاسية حول إسرائيل"، وأردف "أوباما يؤمن أن السلام يجب أن يصنع مع العالم الإسلامي"، وفي ذلك يأمل بيريس أن تفهم القيادة الإسرائيلية هذا التوجه. ويَذكر الصحفي أن بيريس أصبح داعما متحمسا لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو الآن يخطو في تسعينات عمره. ويكتب بيرغمان، "لا توجد خطوة يقوم بها بيريس، ملاحظة أو متابعة تصدره عنه، لا يدوّنها طاقمه في صفحة "فيسبوك"، توتير (تطبيق التغريد) أو إنستغرام (تطبيق الصور). وحسب الصحفي، بيريس لا يحب التاريخ ولا يهتم كثيرا بالماضي، إنه دائما ينظر إلى المستقبل، إلى مستقبل أفضل. وعن لقاءاته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخلافاته مع نتنياهو، قال بيريس "لقد أعلمت نتنياهو بوقائع هذه اللقاءات، وقد وافق نتنياهو على مقترحاتي الاقتصادية، وهي تحسين مستوى المعيشة لدى الفلسطينيين". وتابع بيريس " لقد قبِل (نتنياهو) "مبدأ الدولتين لشعبين" في خطاب "بار إيلان". ولكنني أختلف معه بالنسبة ل "أبو مازن"، إذ اعتقد أن "أبو مازن" شريك حقيقي للسلام". وتابع رئيس الدولة قائلا "القضية الفلسطينية تؤثر على علاقتنا مع العالم الإسلامي برُمته"، واقترح "السلام مع الفلسطينيين سيجرد المتطرفين من ذرائعهم، أنهم يحاربون من أجل القضية". ولا يغفل بيريس عن أن السلام صعب، ويتطلب التنازل من الطرفين وقال "السلام ليس مسارا مُثيرا، إنه يتطلب الكثير من التنازلات والتفاصيل المرهقة". وذكّر بيريس الصحفي أن "إسرائيل جزيرة في محيط"، ولهذا ينصح رئيس الدولة بالتعامل مع متغيّرات الشرق الأوسط بالتواضع. ولاحظ بيريس أنه يتعين على دول "الربيع العربي" أن تقرر إن كانت تريد الانضمام إلى العصر العلمي أم لا. وقال عن برقية السلام التي تلقاها من الرئيس المصري محمد مرسي "لقد تفاجأت بأنه بعثها". وعن خيار بشار اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية ، أو نقلها إلى حزب الله، قال بيريس، "سيكون هذا التصرف غير عقلاني، لأنه سيدعو إلى التدخل في بلاده"، وأردف "لن تسكت إسرائيل ودول العالم على هذه الخطوة". وبعد أسئلة حول المواضيع "الثقيلة" سأل الصحفي بيريس عن قرينته (المتوفية) "سوينا"، وقال إنها لم تظهر كثيرا في المناسبات الرسمية، فتحدث بيريس قائلا "لقد كانت سونيا حبي الوحيد. لقد منحتني أكبر هدية تمنحها المرأة لزوجها- تربية أولادنا بصورة مثالية". وأضاف بيريس أن "سونيا" عارضت أن يتقلد زوجها منصب رئيس الدولة، ولم تغادر بيتها المتواضع بعد أن انتقل بيريس إلى المقر الرئاسي. وحين سئل بيريس عن عمره المديد، وهل سيرى السلام في الشرق الأوسط يوما؟ أجاب "أنا متفائل، إنه أمر ممكن".