صراع الحق والباطل ليس جديدًا فهو سنة كونية، وهذه السنة دائمًا ما يشتد الصراع فيها وتعلو موجته كلما ارتفعت أمام الباطل حواجز الحق، فبقدر عظم الرسالة وسمو التعاليم، يكون عنفوان الباطل وضلاله واستعلائه ومكابرته. والصراع على الدستور كان على هذا الغرار، استعملت فيه كل الأدوات، إما بطش وتنكيل أو حكمة وحجة، وفقًا لطبيعة الجانبين حسب استراتيجية تؤدى إلى الغرض المنشود والموصل إلى غاية كل فريق، إلى أن انتصر الشعب لنفسه، واختار بمحض إرادته، وثأر لكرامته ممن أعطى الحق لنفسه التحدث بلسان حاله. لقد اكتسب الشعب من تلك التجربة مع العثرات والمتاعب مكاسب عظيمة، أعطى من خلالها درسًا لكل الهياكل السياسية التى أسسها النظام البائد من أحزاب لا وجود لها فى الشارع، ممن يسعى أصحابها إلى شهوة الظهور الإعلامي، وتعطيل المراكب السائرة، لمجرد إثبات الذات والمصالح الضيقة، ومع ذلك لا يخجلون من أنفسهم وهم يرتدون ثياب الثورة، وقد بلغوا أرذل العمر والفكر والسلوك. ومن ثم فالمصالحة الوطنية من أجل تحقيق النهضة، والتعمير والبناء تستوجب على جميع القوى السياسية أن تراجع نفسها ومواقفها، لكي تصحح سلوكها وتنحاز إلى جانب الشعب وإرادته، فالجميع يحسن مسألة المعارضة، لكن لا يحسن مسألة البناء وتسيير السياسات، فالمسألة هنا ترتبط بقدرة هذه القوى على أن تنتقل من المعارضة إلى حالة تتعلق بالبناء وتطبيق السياسات التنموية الحقيقية، حينئذ نستطيع فتح الملفات الشائكة التى تهم المواطنين فى كافة القضايا على رأسها توفير فرص عمل للشباب فى الداخل والخارج. لعل من نافلة القول أقول إن الحديث عن الذين وقفوا عائقًا أمام استقرار الشعب، فهو قليل الذيل قليل النيل، وعلى العموم فإن الزمان يقوم بجهاز التصفية والتنقية، فيبقي الصالح قويًّا صلبًا، ويطرح الطالح بعد أن انطفأت الرغبة في الإقبال عليه، فالحق لا يعرف بكثرة ولا بقلة ولكن أعرف الحق تعرف أهله وأعرف الباطل تعرف من أتاه، ومن هذا المنطق يجب علينا جميعًا تقديم التحية والشكر والعرفان لكل من شارك في كتابة هذا الدستور، وأيضًا للجمعية التأسيسية ورجالها الأجلاء على رأسهم المستشار "حسام الغرياني"، وإن كان لي من صدر أوطئ به المقال فى هذه الناحية فقد آن الأوان أن ترحلي يا دولة النخانيخ (البلطجة السياسية) كما قالها من قبل أستاذنا قطب العربي، ودون شماتة صُفعت اليوم "تهاني" قلمًا يجعلنى أتذكر موت شجرة الدر ويا ليته كان قبقابًا على رأسها "to.dustbin.history" .