أثلج د. محمد مرسى، رئيس الجمهورية، صدور غالبية الشعب الصامدة والصابرة بإصدار إعلان دستورى جديد يتضمن بنودا وقرارات حاسمة وحازمة طالما انتظرناها لتحريك المياه الراكدة وتنقيتها من الفيروسات والميكروبات القاتلة العالقة بها منذ فترة طويلة!.. تلك الفيروسات التى اعتقد العديد منا أن لا بد لها من معجزة سماوية كى نتخلص منها إلى الأبد بعد أن استحال اقتلاعها وفصلها نهائيًا عن الماء بكل وسائل العلاج والحلول الدُنيوية التى أثبتت فشلها وعجزها الأكيد مرارًا وتكرارًا!!.. قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة، وعلى رأسها إقالة النائب العام، وإعادة المحاكمات فى قضايا قتل متظاهرى الثورة، وتحصين قراراته ضد الطعن عليها أمام أى جهة، نزلت على مَن عارضوها وتصدوا لها تحت دعاوى وحجج باطلة وواهية كالصاعقة المميتة، بينما نزلت هذه القرارات الثورية على العقلاء والشرفاء والمكلومين من شعب مصر بردًا وسلامًا، حيث جددت فيهم روح الأمل والتفاؤل بغد مشرق ستكون بإذن الله كلمة الحق فيه هى العليا وكلمة الباطل هى السفلى، إذا ما مرت هذه القرارات بسلام، وكتب الله لها النجاة والعتق والخلاص من بين أيدى العلمانيين والليبراليين والذين لا عمل ولا هدف لهم سوى نشر الفوضى والدعوة إلى التخريب والتدمير لإفشال المشروع الإسلامى بشتى الطرق!!. بدأ الكثير ممن فرحوا بإصدار هذه القرارات الثورية يشعرون حقًا بأن الثورة وأهدافها لم تَمُت ولم يهل عليها التراب كما يزعم ويؤكد ليل نهار زبانية الإعلام المشبوه والمضلل الذين استمرأوا الافتراء والكذب وتشويه الصورة ولبس الحق بالباطل والباطل بالحق، خاصة مع طول فترة "الطبطبة والدلع وجبر الخواطر"التى كانت تتبعها- وللأسف الشديد- مؤسسة الرئاسة بداعٍ وبدون داعٍ فى عدة مواقف سابقة!، قاصدة رضا كل الأطراف وطمأنتهم فى بداية العهد الجديد على سيادة القانون واحترامه، وعدم اتخاذ أية إجراءات استثنائية للقضاء على الفساد ومواجهة بعض الأزمات!.. متعاملة مع الشعب كله بمثالية ورحمة وحلم لا يتناسب وطبيعة الفترة الاستثنائية التى تمر بها مصر، والتى لا تناسبها بالطبع سوى قرارات وإجراءات استثنائية صارمة وحكيمة فى نفس الوقت، يمكن بها تخطى ومواجهة العديد من العقبات وتجنب حدوث كوارث لا حصر لها، هذه الكوارث التى يُتوَقع أن تُدخِل البلد فى نفق مظلم وتعيدنا لمربع الصفر، وتزيد الأمور تعقيدًا واشتعالا، بحيث يصعب إطفاؤها أو تفادى حرائقها!. المؤسف والمدهش فى الوقت نفسه أن القرارات المهمة والمصيرية فى مصر لا تولَد فى الغالب الأعم إلا من رَحِم الكوارث التى تُزهَق على إثرها الأرواح وتُسفَك الدماء وتُحرَق المبانى ويحل بسببها الذُعر والرعب والصخب محل الهدوء والأمان والاطمئنان المؤقت!، حيث عوّدنا أولو الأمر المتعاقبون منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير ألا يحركوا ساكنًا ولا يعدلوا معوَجًّا إلا بعد خراب "مالطا" وفى الوقت بدل الضائع، حينها فقط يصدرون قرارات برائحة الدماء وتحت ضغط شديد، وبعد أن يسقط بعض الضحايا من الشباب والأطفال الأبرياء الذين يتم إقحامهم وتوريطهم فى تلك الأحداث المؤسفة، رغم أن الصراعات التى تشكلها وتشعلها هى فى الأساس صراعات "عواجيز" بلغوا من العمر أرذله، ومع ذلك يتشبثون بالحياة ويطمحون فى الحصول على مزيد من المكاسب السياسية والمالية بطرق غير مشروعة!!، ما يستوجب فى أسرع وقت تغيير سياسة أولى الأمر العقيمة والبطيئة التى سئمناها ومللنا اتباعهم لها !. فلا ينبغى بعد كل الخسائر بمختلف أنواعها التى تكبدها الكثير من المصريين قبل وبعد الثورة أن نظل دائمًا وأبدًا نتحمل فاتورة الحرية والتخلص من الفساد والفاسدين كاملة!. لو اتقى كل منا ربه فى مكانه ومنصبه وأدى واجباته على أكمل وجه وبما يرضى الله لاجتزنا وعبرنا هذه الفترة بسرعة والتفتنا لبناء المستقبل بتعمير كل ما هو خَرِب وإصلاح كل ما هو فاسد ومعاقبة كل من يستحقون ليكونوا عبرة وآية لغيرهم!. آمل ألا تكون قرارات الرئيس الأخيرة مع إيقاف التنفيذ كما يتصور ويتخوف البعض لما لمسناه فى الفترة الأخيرة من تخبط وإجهاض لبعض القرارات على يد شرذمة تعمل بكامل طاقتها على إحداث تخبط وبلبلة وتشويه وتلويث كل شىء باعتراضها دومًا على أى قرار يصدره الرئيس حتى نظل متشرنقين حول أوجاعنا وأزماتنا، لا نخطو ميلًا إلى الأمام لنعبر هذه المرحلة بسلام، مُصِرّة على فرض وصايتها على الشعب كله وكأننا لم نبلغ سن الرُشد بعد!!. تلك الشرذمة التى أتوقع بهذه القرارات وغيرها - إن شاء الله - أن يكون عمر عربدتها ونفخها فى الرماد ونفثها فى العُقَد قارب على الانتهاء، لكنها مسألة وقت!.