القدس، انتخب منتسبو حزب الليكود خلال اليومين الماضيين، بعد مماطلات وتعطيلات كثيرة في أجهزة التصويت الإلكترونية، قائمة المرشحين المفضلين لديهم للانتخابات التشريعية المقرر عقدها في 22 يناير (كانون الثاني) العام المقبل. وأسفرت القائمة المنتخبة عن نتائج مفاجئة، تُعبر عن تغيير كبير في توجه الحزب ورجاله، وهو الحزب الأكبر في إسرائيل وفق جميع الاستطلاعات الأخيرة. والرابحون الكبار في انتخابات الليكود، التي أشاد زعيمها ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بديموقراطيتها، هم الجيل الجديد في قيادة الليكود وعلى رأسهم جدعون ساعر، وزير التربية والتعليم، ووزير حماية البيئة جلعاد أردان، والنائب داني دانون. وأشار محللون في إسرائيل إلى أن جدعون ساعر، بعد فوزه بالمرتبة الأولى في القائمة للمرة الثانية على التوالي، سيكون على الأغلب وريث نتنياهو. وضمن قائمة العشرة الأوائل تمركز كذلك الوزير سيلفان شالوم، والوزير موشي يعلون، ورئيس الكنسيت رؤوفين ريفلين، وهم من الكادر العتيق في الليكود. وأجمع المحللون السياسيون في إسرائيل على أن قائمة الليكود الجديدة تشير إلى صعود عناصر أكثر تشددا في السياسة على حساب آخرين أكثر اعتدالا. وفي شق الخاسرين، برز اسم الوزير دان مريدور، نائب رئيس الحكومة، والذي لم يفلح في دخول القائمة التي ستخوض الانتخابات التشريعية ضمن الحزب، وكذلك الوزراء ميخائيل أيتن، وبيني بيغين (وهو ابن رئيس الحكومة الأسبق منحيم يبغين)، وكذلك الوزير آفي ديختر، وهم وزراء عملوا طويلا في الليكود وذوو خبرة. ومن المفاجآت غير السارة في قائمة الليكود كانت وصول العنصر المتطرف موشيه فيغلين إلى المرتبة ال 15 في القائمة الحزبية، التي تمكنه من دخول البرلمان بقوة. وأبدى عدد من الوزراء والنواب من الحزب اليميني قلقهم من التحول الذي طرأ على الحزب، قائلين إنهم أصيبوا بخيبة أمل حين سمعوا عن خسارة مريدور ونجاح فيغلين. ووصف المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، يوسي فرتر، نتائج الانتخابات الحزبية في الليكود بأنها تحول عميق، حيث أصبح الحزب العريق منصة لعدد من العناصر المتشددة في إسرائيل. وقال فرتر إن الوزراء الذين ناصروا حكم القانون في إسرائيل، ولم يتهاونوا في انتهاكات المستوطنين، دفعوا الثمن باهظا، وفقدوا مكانهم في قائمة الليكود "الجديد". ووصف فيرتر زعيم الحزب نتنياهو بأنه الخاسر الأكبر، مفسرا ذلك بالقول إن نتنياهو لم يستطع أن يملي المرشحين المفضلين لديه على منتسبي الليكود، وأبرز مثال لهذا هو دان مريدور، وأضاف أن النتائج النهائية اسفرت عن ضعف نتنياهو داخل حزبه. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن نتنياهو لم يتنازل بعد عن مريدور وبيغين، وتحدث مع منتسبي الحزب على أهمية إبقائهما في صفوف الليكود. وقدّر مقربون من نتنياهو أنه يدرس إدراجهم في القائمة الموحدة مع حزب "إسرائيل بيتنا" على حساب أعضاء من الحزب الأخير. ووعد نتنياهو في خطابه أمس، في تل أبيب، بعد ظهور النتائج النهائية، أنه سيحافظ على قيم حركة الليكود. وفي موازاة لهذا، اعلنت ظهر اليوم زعيمة حزب "كاديما" في السابق، تسيبي ليفني، عن إقامة حزب جديد تحت اسم "هتنوعا"، تعني الحركة. وأوضحت ليفني في خطاب انطلاقة الحزب الجديد أن دوافع عودتها للحلبة السياسية تعود بالإساس إلى الفراغ السياسي الذي تكوّن في غضون الأشهر الماضية، وشعورها أنه " لا يوجد بديل لشخص نتنياهو ولفكره". وأكدت ليفني أنها تخبطت كثيرا في مسألة العودة إلى الحياة السياسية. ودعت ليفني الناخبين الذين لم يحسموا بعد قرارهم إزاء المرشح المفضل، في الانتخابات القريبة، إلى الانضمام إليها. ومن المتوقع أن ينضم إلى ليفني نواب عملوا معها سابقا تحت راية "كاديما"، مما سيقلص من حزب "كاديما" بقيادة شاؤول موفاز، وقد تكون هذه الضربة القاضية للحزب. وفي غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع إيهود باراك أمس الاثنين اعتزال الحياة السياسية، وإرادته أن يتفرغ لحياته الشخصية. وفاجأ قرار باراك كثيرين في إسرائيل، ظنوا أن العملية العسكرية الأخيرة التي قادها باراك ضد غزة، ستثبت من مكانته السياسية في إسرائيل، إلا أنه فعل عكس ذلك. واقترح مطّلعون على الشؤون الأمنية في إسرائيل أن نتنياهو لن يتخلى عن خبرة باراك الأمنية ومن المتوقع أن يعيّنه وزير الدفاع في الحكومة القادمة في إطار تعيين مهني، وأن باراك ما زال في حسابات نتنياهو فيما يتعلق بضربة عسكرية ضد إيران.