القدس، 14 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2012- طرح مؤتمر "لغة في عين العاصفة"، والذي عُقد الأسبوع الماضي في مدينة القدس، نموذجا جديدا في التعامل مع اللغة العربية في إسرائيل، بأنه المؤتمر الأول الذي تُلقى كلماته باللغة العربية. واستضاف المؤتمر، الذي استغرق يومين، الخميس والجمعة، في يومه الأول سعادة القاضي سليم جبران، وهو قاض في المحكمة العليا في إسرائيل، والذي ألقى محاضرة الافتتاحية بعنوان "ما بين المكانة القانونية (للغة العربية) والواقع الاجتماعي". سعادة القاضي سليم جبران يلقي محاضرة في مؤتمر "لغة في عين العاصفة" واستهلت الدكتورعنات لبيدوت - فيريلا، من معهد فان لير في القدس، المؤتمر مرحبةً بالحاضرين وموضحة أن المؤتمر هو مبادرة مشتركة لمعهد فان لير ومركز "دراسات" في الناصرة، وقالت إن اللغة العربية تعاني من تهميش مستمر في الحيَز الإسرائيلي بالرغم من أنها لغة رسمية في دولة إسرائيل. وأضافت المتحدثة أن هدف المؤتمرهو مناهضة نزعة التهميش للغة "الضاد" في إسرائيل، إيمانا بأن اللغة هي حق أنساني أساسي للأقلية العربية في إسرائيل، وتعزيزها سيساهم في ترسيخ قيّم المساواة والعدالة في إسرائيل. وبعدها، تحدث الدكتور يوسف جبارين، من معهد دراسات قائلا إنه منفعل لأنه يتحدث بالعربية من على منصة في مؤتمر في إسرائيل، وأردف أن المؤتمر المُلقى باللغة العربية يطرح "نموذجا للعمل المهني والأكاديمي في المؤسسات الإسرائيلية"، وتابع انه "إيصال رسالة أن الفكرة قابلة للتحقيق"، وهي "فكرة البديل للهيمنة والسيطرة (اللغة العبرية)". وخلص إلى أن المؤتمر يأتي في وقت تتدهور به مكانة اللغة العربية، وهذا يعتبر مسّا بالحقوق الجماعية للأقلية العربية القومية. وشدد المتحدث على أن اللغتين (العربية والعبرية) هما جزء لا يتجزأ من الحيّز الإسرائيلي. وتحدث دكتور يوناتان مندل، من جامعة بن غوريون في النقب، باللغة العربية، وقال إن اللغة العربية مرتبطة عند أغلبية الإسرائيليين بمواضيع أمنية للأسف، رغم أنها لغة رسمية مثلها مثل العبرية ويتوجب احترامها، وأضاف أن المهمة هي أن "نرسم واقعا آخر به لغة عربية رسمية حقيقية بالحيّز الذي نعيش به"، وأردف مندل أنه يتعين على اليهود أن يتكلموا اللغتين، العربية والعبرية، مثل العرب. واعترف مندل أن المؤتمر "لن يحل الصراع، لكن اللغة ستساعد على تخيل واقع آخر". أما المحاضرة الرئيسية فقد ألقاها القاضي سليم جبران، وهو من مواليد مدينة حيفا، درس الحقوق في الجامعة العبرية وعُيّن عام 2004 كقاض دائم في المحكمة العليا في إسرائيل، أعلى هيئة قانونية. وتطرق القاضي جبران إلى المكانة القانونية للعربية في إسرائيل وذكر المرسوم رقم 82 من عام 1922 في زمن الانتداب البريطاني في المنطقة، والذي ينص على أن جميع الأوامر، والبلاغات الرسمية، والاستمارات الصادرة عن الحكومة يتوجب أن تنشر باللغة الإنجليزية العبرية والعربية، وهذا يأخذ في جميع الدوائر الحكومية، وهو ما اتبعته دولة إسرائيل بعد قيامها مع تفضيل اللغة العبرية على الإنجليزية. وتحدث القاضي عن قضية رفعت ضد بلدية تل أبيب-يافا بشأن اللغة العربية، وغيرها من القضايا، التي بحثت وناقشت التزام السلطات المحلية في استعمال العربية، خاصة أنه يعيش في تخومها سكان العرب. ونظر معظم القضاة الإسرائيليين إلى اللغة أنها حق انساني، وأن ثمة ضرورة لاستعمال اللغة العربية لضمان التسامح والمساواة في إسرائيل. وتطرق بعدها القاضي إلى عالمية اللغة العربية وجذورها، وأنها تنتمي إلى اللغات السامية مثل العبرية، وأنها انتشرت في الجزيرة العربية، بلهجات ولكنات شتى. وتحدث القاضي عن تطور لغة الفصحى، وأن القرآن الكريم أنزل باللغة العربية، وساهم في توحيد العرب والحفاظ على اللغة. وقال القاضي خلال شرحه إن الاستشراق لعب دورا هاما في تاريخ اللغة العربية، لا سيما الأبحاث التي ألقت الضوء على اللغة العربية. ولخص جبران إلى القول أن ما شرح هو : "لمحة قصيرة، غيض من فيض... وجدير أن تُعطى اللغة العربية مكانتها المرموقة، ولا سيما نشر ودعم العربية في الجامعات والمدارس اليهودية في إسرائيل".