سيكون على أوباما التخلي عن سياسة الرقص مع الذئاب بشأن إيران
أكد "عمرو عبد الرحمن" – المحلل الاستراتيجي – أن على الرئيس باراك أوباما أن يتعلم من أخطاء ولايته الرئاسية الأولي، مشيرا إلى أنه وعلى الرغم من أن غالبية تلك الأخطاء كانت نتائج طبيعية "للخطايا" الكارثية التى ارتكبها سلفه "جورج بوش"، إلا أن عليه أن يتذكر جيدا – أي "أوباما" - أنه قد أصبح مجددا رئيس للولايات المتحدة الأميريكية فى واحدة من المعطفات التاريخية الأخطر على مدار تاريخها. وأوضح "عبد الرحمن" أن الملفات التى تتصدر اهتمام الرئيس الأميريكي فى ولايته الجديدة، عديدة وشائكة، يأتي على رأسها ملف "الصين" التى تحمل بجدارة لقب المتلازمة الشائكة، باعتبارها دولة صديقة ومنافسة فى آن، سواء على المستوي السياسي أو الاقتصادي. ثان الملفات الخطيرة، هو ملف إيران، حيث سيكون عليه التوقف عن سياسة الرقص مع الذئاب، والتعامل بحسم مطلق، إما حربا أو سلاما. الملف الثالث الخطير، هو المعنون ب"سورية"، حيث وفي حين يتربط هذا الملف بسابقه أيما ارتباط، فإن القرار النهائي الأميريكي بشأنه، سيكون مشتبكا ومواقف قوي عديدة أخري، منها ما هو حليف ومنها معاد. ثم يأتي ملف القضية الفلسطينية، ليحتل مكانه فى صدارة أولويات الرئيس الأميريكي، وسيكون التحدي الأساسي أمامه، هو الحفاظ على مصداقية أمريكا كراع رسمي لعملية السلام، وفى نفس الوقت التعامل مع الضغوط الإسرائيلية، الرامية للحصول على موقف أمريكي رافض لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على الرغم من الموافقة المبدأية من جانب الاتحاد الأوروبي، وكذا الضغوط العربية فى الاتجاه ذاته. وشدد "عبد الرحمن" على أهمية المساندة الكاملة من جانب الأمريكيين، مؤسسات ومواطنين، بفرض إدراكهم، أنهم قد اختاروا من اعتبره كثير من المراقبين الأفضل لقيادة أمريكا فى المرحلة المقبلة، وإنقاذها من تبعات الماضي المؤلمة، مشيرا إلى أن "أوباما" قد يكون فرصة أمريكا الأخيرة نحو مستقبل أفضل، على حد قوله. بينما وبالمقابل، فإن على "أوباما" التركيز أن يبذل مزيدا من الجهود على سبيل تحسين مستوي المعيشة للمواطن العادي فى بلاده، مع التركيز على فرض ضرائب أكثر على الشرائح الأعظم من كبار المستثمرين، لصالح الطبقات الوسطي والفقيرة، التى كانت لها الفضل الأكبر فى إبقائه فى سدة الحكم. وردا على سؤال عن الاستقالة المفاجئة لديفيد بترايوس، رئيس المخابرات الأميريكية، على خلفية فضيحة نسائية، فقد علق "عبد الرحمن" بقوله: "إن الظرف الذي تفجرت فيه تلك الفضيحة، والتوقيت والطريقة، كل ذلبك يثير الشكوك فى الأسباب الحقيقية للإطاحة بأحد أقوي رجال الفريق الرئاسي لأوباما، في مستهل فترته الثانية والأخيرة. إنها تذكرنا – يقول "عبد الرحمن" بفضيحة الرئيس الأميريكي الأسبق "بيل كلينتون" مع سكيرتيرته "مونيكا لوينسكي"، التى تفجرت لأسباب اعتبرها مراقبون في حينها، رد فعل على سياساته "الداعية للسلام" فيما يتعلق بالصراع العربي – الصهيوني. وأوضح أن هذه الاستقالة الأقرب إلى الإقالة، تفجر شكوكا أقوي، يمكن صياغتها فى تساؤل مفاده: هل هي محاولة لإفقاد الرئيس أحد أهم عناصر قوته، بما يعني إبقائه تحت ضغط جهة ما؟؟ وهو ما يقود إلى تساؤل آخر أخطر، هو: هل بقي أوباما على مقعده بالبيت الأبيض عبر صفقة ما مع جهة ما؟ وكلها أسئلة تزداد موضوعيتها، بالنظر إلى التأييد المطلق الذي حظي به منافسه "ميت رومني" من جانب الميديا العالمية التى تسيطرة عليها رموز صهيونية معروفة بالاسم – روبرت ميردوخ على سبيل المثال – وكذا من جانب "إسرائيل" التى أعلنت مساندتها العلنية لرومني فى الوقت الذى اشتعلت فيه المنافسة بينه وبين أوباما، حيث والمسجل عن هذه القوي أنها ....... لا تخطئ أبدا فى حساباتها السياسية، خاصة فيما يتعلق باسم رئيس أمريكا، ناهيك عن رؤساء دول أخري كثيرة..! وأشار إلى أن الأيام القادمة ستكشف عن أسرار جديدة عن تلك الصفقة، وبالتحديد فى الشأن الإيراني، من حيث مساندة واشنطن لتل أبيب فى حربها المرتقبة ضد إيران، وهي الحرب التى "كان" أوباما يصر على تجنبها فى ولايته الأولي، على عكس ما كانت تريده "إسرائيل". ومن هنا يثور السؤال الأهم: ما هو الثمن الذي دفعه باراك أوباما ليستقر مجددا فى منصبه كرئيس لبلاده؟؟؟ وعن تساؤل بشأن مدي قدرتها على خوض حرب جديدة، أن الإجابة يمكن استقاؤها من دروس الحروب التى خاضتها أمريكا ضد كل من أفغانستان والعراق، حيث أكد عديد من الخبراء الاستراتيجيين الأميريكيين والغربيين عموما، أنه لم تكن هناك حاجة أصلا للزج بالبلاد وجيشها واقتصادها فى تلك الحروب، التى هوت بالقوي الأعظم عالميا، إلى هوة المديونية الرهيبة التى باتت تكبل الخزانة الأميريكية، وبحيث يبدو الآن واضحا أن المستفيد الأول من خوض أمريكا تلك الحروب هو الكيان الصهيوني، وليس أي طرف آخر. وأخيرا وردا على سؤال بشأن مستقبل سورية، في ضوء التطورات الأخيرة، أوضح "عبد الرحمن" أن البلاد تمضي قدما وفقا لسيناريو التقسيم، فى خطوة جديدة ناجحة للقائمين على خطة الشرق الأوسط الكبير، تحت شعار "الفوضي الخلاقة". وأوضح أن التصريحات الأخيرة لسياسيين أوروبيين وروسيين، تفضي جميعها إلى الإبقاء على نظام الأسد، وفى نفس الوقت تنفيذ إصلاحات حقيقية على الأرض، وهو ما لن يقبله الثوار السوريين، بعد كل ما تكبدوه من تضحيات وتعرضوا له من مذابح رهيبة، مما سيؤدي فى النهاية إلى اعتبار "التقسيم" حلا مقبولا من جميع الفرقاء، داخل سورية وخارجها، على حد سواء.