فهمي هويدي كاتب سياسي محنك ونحترم ميوله السياسية المعروفة رغم أننا نختلف معه، ولكنني عندما طالعت جريدة الشروق المصرية في عددها 304 بتاريخ 1 ديسمبر 2009 أحسست أننى أقرأ مقالا في جريدة الشروق الجزائرية التي تجاهر بالعداء لكل ما هو مصري. وكان عنوان المقال مبهرًا للغاية يقول فيه "بعد صدمة الخرطوم.. الخطايا العشر". وأخذ هويدي يفند ويطرح بأسلوبه هذه الخطايا وفي النهاية رسم صورة سيئة لكل ما هو مصري سواء كانت أجهزة الإعلام أو الأجهزة الحكومية. وأكد من خلال مقاله أن الإعلام المصري هو المحرض الرئيسي على أحداث الخرطوم، ولا أعرف من أين جاء بهذا الكلام الذي يطرحه بثقة وكأنه شاهد عيان علي الأحداث، واستغرابي الأشد أنني كنت شاهد عيان علي أحداث القاهرةوالخرطوم، ومن خلالها عرفت الفرق بين المشجع المصري المتحضر والمحترم وبين همجية وغلظة وغطرسة مشجي الجزائر، ولقد عايشت أحداث مباراة القاهرةوالخرطوم على مدى خمسة أيام حيث كنت موفدا من قِبل جريدة "الحياة الدولية" لتغطية أحداث تلك المباراة وكانت أحداثا مأساوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وكانت حربا همجية من طرف واحد وهو الجمهور الجزائري ، وبعد أن طالعت المقال أحسست بأنني أقرأ لكاتب جزائري متعصب للجزائر وليس لكاتب يحمل الجنسية المصرية ويحسب على الإعلام المصري. فقد سرد هويدي علينا خطايا طويلة توقفت بكل حسرة وألم أمام هذا التفنيد الظالم لكل ما هو مصري. خاصة بعد أن أعلن أن المنتخب الجزائري تعرض للرشق بالطوب حيث قال بالحرف الواحد في الخطيئة الرابعة: "إننا لم نعلن حقيقة ما جرى أثناء مباراة القاهرة الأولى، وأخفينا أن الحافلة التي استقلها المنتخب الجزائري تعرضت للرشق بالطوب، الذي أصاب بعض اللاعبين بالجراح (أحدهم أصيب في رأسه وعولج بأربع غرز). وأضاف: في الوقت ذاته فإننا روجنا لرواية غير صحيحة اتهمت اللاعبين الجزائريين بافتعال الحدث، في حين أن ثلاثة من أعضاء الاتحاد الدولي (الفيفا) كانوا يستقلون سيارة خلف الحافلة، ومعهم ممثلون عن التليفزيون الفرنسي، وهؤلاء سجلوا ما حدث وصوروه، وكانت النتيجة أن ألفيفا أداننا، وظننا أننا نجحنا في طمس الموضوع بواسطة الإعلام المحلية، التي لم تسكت فقط عما جرى للحافلة، لكنها تجاهلت أيضًا ما جرى للمشجعين الجزائريين في مصر، الذين تقول وزارة الصحة المصرية: إن 31 منهم أصيبوا، في حين سجلت السفارة الجزائرية أن عدد المصابين 51 وليسوا 31 ، وأحد المصابين الجزائريين طعن بمطواة في بطنه!". هذا هو كلام الأستاذ فهمي هويدي وأتساءل: هل كان هويدي شاهد عيان أو مرافقًا للبعثة الجزائرية ورأى كل شيء واطلع على محاضر الشرطة وذهب إلى وزارة الصحة وعرف أن كلام وزارة الصحة مغلوط، وأن كلام السفارة الجزائرية صحيح مائة بالمائة، يا للعجب كأنك قاضى عادل للجزائر وجلاد لمصر التي للأسف تحمل جنسيتها. وانظروا إلى الخطيئة الخامسة حيث يقول فيها: "إننا تركنا الأمر للإعلام الذي تولى قيادة الرأي العام في مصر، ولأن بعض هؤلاء ليسوا مؤهلين فكريًا أو أخلاقيًا، كما ذكر بحث الدكتور معتز عبد الفتاح في مقاله بجريدة "الشروق" نشر في 21/11 فقد عمدوا إلى التهييج والإثارة والتحريض، وتجاوزوا في ذلك الحدود المهنية والأخلاقية، وكانت النتيجة أن المناخ الإعلامي عبأ الناس بمشاعر مريضة وغير صحية، استخرجت منهم أسوأ ما فيهم من مشاعر وتعبيرات ومواقف، دعت بعض حمقى المدونين إلى اعتبار إسرائيل أقرب إلى مصر من الجزائر!". وتعليقًا على الأستاذ هويدي فإن الإعلام الجزائري إعلام مسئول ومهني ونحن على العكس من كل ذلك، وأقول: إن الحقيقة التي يعلمها الجميع بما فيهم فهمي هويدي أن الإعلام الجزائري هو الذي انزلق إلى الملاسنات والمهاترات وكانت صحافته الحكومية والخاصة كأنها مواقع ألكترونية كل شيء فيها مباح دون حرج أو موضوعية ودون مراعاة للذوق العام أو للعروبة وللأخوة. وأؤكد أن الإعلاميين الجزائريين جميعًا لم يكونوا عند حسن الظن بل تجاوزا كل الخطوط وكنا نجلس بجوارهم في مقصورة الإعلاميين ونعلم مدى تعصبهم ومدى همجيتهم وأن بعضهم اعتدى على الأستاذة إيناس مظهر في مباراة القاهرة والجميع يعلم ذلك. وكذلك ما قاله في الخطيئة السادسة: "إن بعض وسائل الإعلام وبعض الشخصيات المعتبرة- علاء مبارك- أرجعت ما جرى إلى "حقد" يكنه الجزائريون لمصر، في تسطيح وتبسيط مدهشين. وهو كلام لا يليق ولا دليل عليه، لأن العكس هو الصحيح تمامًا. ذلك أن الموقف الرسمي للجزائر تعامل دائمًا مع مصر بمودة واحترام كبيرين. منذ أيام الرئيس بومدين، الذي دفع للسوفييت قيمة السلاح الذي احتاجته بعد هزيمة 67، وإلى عهد الرئيس بوتفليقة الذي انحازت حكومته للمستثمرين المصريين ومكنتهم من أن يتخطوا فرنسا ليصبحوا المستثمر الأول في الجزائر. والتي تنازل وزير خارجيتها الأسبق وقاضى محكمة العدل الدولية المتميز محمد بدجاوى لصالح وزير الثقافة المصري فاروق حسني في انتخابات اليونسكو". وأقول للأستاذ فهمي هويدي عندما تتحدث عن كلمات علاء مبارك التي عبرت عن شعور المصريين تجاه الهمجية الجزائرية فإنك تؤيد همجية الجزائريين في السودان التي شاهدتها بنفسي عندما قاموا بتكسير مطعم "جاد" والسبب أنه مصري، وكانوا يضعون المصريين واليهود معًا في سلة واحدة. وفي النهاية أقول: إن المناقب التي عددها هويدي للجزائريين وما فعلوه من أجل مصر يجعلنا نتشكك إذا كان محايدًا, فلماذا لم يذكر ما فعلته مصر من أجل الجزائر. أما باقي الخطايا فهي واهية أراد بها هويدي أن يملأ الصفحات، وأقول: إذا لم يستطيع أن يثبت الاتحاد المصري لكرة القدم الأحداث المؤسفة التي ارتكبت في السودان، فإن هذا الاتحاد لا يستحق أن يقود الكرة المصرية، وأن المباراة لم تكن مباراة كرة ولكن كانت معركة كما أعلنها الجزائريون في كل مكان عندما قالوا: "خسرنا موقعه ولم نخسر الحرب" فمن هنا بدأت الحرب. وأما تهكم هويدي على بعض الكتّاب وأصحاب الفكر والرأي فليس في محله؛ لأنه على الإنسان المفكر أن يحترم الآخرين ويحترم فكرهم. وأقول: إنها الخطيئة الحادية عشرة التي اقترفها هويدي وأظن أن الشعب المصري الفطن لن يغفرها له.