«الجحش، البغل، العبيط، بحة، المفجوع، تلوث، زبالة» نماذج لأسماء غريبة وربما «غير لائقة» لمطاعم ومخابز ومحال في القاهرة، تثير الضحك، والسخرية وتمثل عدواناً على الذوق العام والقيم الجمالية ليتحول الأمر إلى فوضى. والملفت، اكتساب هذه المطاعم والمحال شهرة واسعة لتشهد إقبالاً كبيراً من الزبائن وتحولت أسماؤها إلى ما يشبه الماركة المسجلة لأصحابها الذين لايخجلون من هذه الأسماء الغريبة ويرفضون تغييرها. واكتسب مطعم «الجحش» للفول والطعمية «الفلافل» شهرة واسعة في العاصمة المصرية منذ افتتاحه قبل أكثر من ثلاثين عاماً في حي السيدة زينب أحد أشهر الأحياء الشعبية في القاهرة، ويرتاده بعض السائحين العرب والأجانب. يقول سيد ابن صاحب المحل الذي يدير المطعم بعد وفاة والده وشقيقه فرج إن والده استغل اسم عائلته «الجحش» ليكون اسماً لمطعمه من منطق الغرابة والتميز فأصبح أشهر مطاعم الفول والفلافل في أحياء القاهرة القديمة. وعلى بُعد 500 متر من مطعم «الجحش» يوجد مطعم «البغل الشديد» للفول والطعمية الذي بات المنافس الأول ل«الجحش» لاكتساب ثقة زبائن الوجبة الشعبية الأولى في مصر. ويحظى المطعم بشهرة ويبدو ذلك من حجم الإقبال على مدار اليوم لتناول أطباق الفول والطعمية. وحول تسمية المطعم بهذا الاسم يقول صاحبه رجب محمد «البغل حيوان معروف عنه قوة التحمل ولذا أطلقنا عليه هذا الاسم لإيصال رسالة إلى الزبون مفادها أن من يتناول طبق فول من المطعم يتمتع بقوة تحمل تعينه على أداء عمله طوال اليوم من دون أن يشعر بجوع، على النقيض من تناول الصنف ذاته من أي مطعم آخر». ويضيف أن هناك ثلاثة مطاعم للفول والطعمية تحمل اسم «البغل» افتتحت أخيراً أحدها على مسافة مئتي متر من المحل الأول والثاني في شارع الملك فيصل بحي الهرم وآخر في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية. ويبن محمد «أصحاب هذه المطاعم التي أطلقوا عليها اسم «البغل» من دون كلمة «الشديد» المرافقة لاسم مطعمنا إنما هي وسيلة تحايل على الاسم حتى لا نفكر في مقاضاتهم بعد أن اكتسب المطعم شهرة واسعة وزبائن كثيرين بفضل اسمه». وفي منطقة الناصرية بحي السيدة زينب أيضاً مطعم «بحة» الشهير الذي يقدم حلويات اللحوم وهي الممبار والفشة والكرشة والعكاوي والكوارع وخصوصاً شوربة الكوارع وكثيرون يسمونها «البهاريز». وسبب التسمية يعود لاسم صاحب المحل الحاج سيد بحة والمطعم يشهد إقبالاً لافتاً من الزبائن على مدار 24 ساعة ويوزع أصحابه كروتاً على الزبائن عليها اسم «بحة لفواكه اللحوم» وبجواره جملة تقول «خبرة مئة عام واسم له تاريخ». وفي منطقة صقر قريش بحي المعادي بالقاهرة يوجد مخبز «العبيط» للخبز البلدي والذي يلبي طلبات معظم المطاعم في المنطقة فضلاً عن احتياجات المواطنين واكتسب المخبز شهرة واسعة نظراً لإنتاجه المميز الذي يلقى استحسان الزبائن. يقول أحد العاملين في المخبز إن صاحب المخبز يدعى مجدي العبيط من محافظة أسيوط في صعيد مصر وأنه أنشأ المخبز منذ نحو 20 عاماً وأطلق عليه هذا الاسم اعتزازاً باسم جده، وأن هناك مطعم كشري يحمل الاسم نفسه في حي الشرابية ويعلق لافتة على المحل مكتوباً عليها «العبيط ملك الكشري». وفي حي بولاق أبوالعلا بالقرب من وزارتي الخارجية والإعلام يوجد مقهى «الشحات» ويعد ملتقى الأغنياء والفقراء. يقول صاحبه صفوت محمد، وكيل وزارة على المعاش، إنه المحل سمي على اسم جده الذي يعتز به ولم يجد أدنى حرج في إطلاقه على المقهى منذ افتتاحه قبل أكثر من 20 عاماً، مشيراً إلى أن زبائن المقهى من كل فئات المجتمع لا يتوقفون كثيراً أمام الاسم.
