بعد تنحى المخلوع فى 11 فبراير 2011 وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لأمور البلاد ، ثار الكثير من اللغط بعد أن فرحنا بالتنحى حول مدى إمكانية أعضاء المجلس العسكرى وقدراتهم السياسية فى تسيير أمور البلاد ، وهل هم قادرون حقاً على العبور بالبلاد فى تلك المرحلة الانتقالية الى بر الأمان ، أم أن عدم قدراتهم السياسية ستؤدى إلى التخبط العام ، وحقيقة كنت أنا أحد الذين أيدوا الاحتمالية الثانية . والآن وبعد مرور عام وأكثر على تولى المجلس العسكرى للحكم ، فاننى أعترف وبكامل حريتى وبدون أى ضغوط على شخصى ، بأن هؤلاء الذين نسميهم العسكر ماكرون وخادعون وسياسيون بارعون بغض النظر عن اتفاقنا معهم أو اختلافنا ولى فى ذلك دلائل وأعتبر أن من أهمها الاتفاق السياسى مع جماعة الإخوان المسلمين فى أعقاب الثورة و الاتفاق على حشد أنصارهم و اللعب باسم الدين لحشد عامة الشعب لتمرير الإعلان الدستورى المهترىء ، ثم تقسيم الدوائر بشكل يتيح للجماعة وحزبها السياسى الحصول على الأغلبية البرلمانية ، الأمر الذى وضع الجماعة وحزبها بل البلاد بأسرها فى مأزق سياسى ، وبناءً على هذا الاعلان لم تستطيع الجماعة ولا حزبها عن طريق نوابهم فى البرلمان من سحب الثقة من الحكومة ولا الطعن على قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية ، والتى استبعدت المرشح الأساسى للجماعة ، مما أدى الى تقليص و انحسار شعبية الجماعة والحزب التابع لها فى الشارع المصرى ، وظهور الوجه الحقيقى لهم فى أطماعهم فى الحصول كل السلطات فى نفس الوقت. الأمر الثانى وبرغم اختلافى تماماً مع أسلوب إدارته من قبل المجلس العسكرى وهو المتعلق بقضية التمويل الاجنبى ، فبعد القبض على الأمريكان وشركائهم والإعلان عن القضية وهو الأمر الذى أعطى للأمريكان ضوءاً أحمر بعدم اللعب فى هذه المنطقة مرة أخرى ، مما أدى إلى تخفيف الضغط على القائمين على أمور البلاد فى مواجهة القادمون من الخارج ، وكان لهذا الأمر مقدمات حينما سمح المجلس العسكرى لمركبين عسكريين إيرانيين بعبور قناة السويس فى بداية فترة حكمهم وهو الأمر الذى ما كان المخلوع يستطيع فعله ، ولكننى أؤكد مرة أخرى بأن القضية كان يمكن أن تدار بطريقة أفضل من ذلك ، بدلاً من الخنوع فى النهاية للبيت الأبيض . الأمر الثالث هو القرار الصادر مؤخراً بقطع الغاز عن إسرائيل و هو المطلب الشعبى منذ بداية سريان العقد وحتى الآن ، وبالرغم من تصريحات رئيس الشركة المصدرة للغاز بأن القرار تجارى وليس قرار سياسى ، فاننى أرى أنه قرار سياسى كانت حُجَّته تجارية ، فبعد خروج العديد من التيارات السياسية والحركات الثورية و عودة جماعة الإخوان الى ميدان التحرير بعد انتهاء شهر العسل السياسى بينهم وبين المجلس العسكرى ، وكذلك نزول أولاد أبو إسماعيل الى الميدان ، كل ذلك يشكل عبئاً إضافيا على المجلس العسكرى مما يدفعه لاتخاذ خطوة مهمة تُرضى الشارع وتعيد للمجلس شعبيته مرة أخرى ، وما أحلى هذا القرار لينفذ ذلك ، ونضيف على ذلك عدم قدرة أى شركة تستطيع اتخاذ مثل هذا القرار الذى يمس الأمن القومى للبلاد ، لنقول الآن بأن المجلس العسكرى قد اختار الوقت المناسب من وجهة نظره ليلغى هذه المعاهده المشبوهه . وفى النهاية سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هؤلاء الرجال أعضاء المجلس العسكرى فى كيفية ادارة المرحلة الانتقالية فاعتقد بأن الواجب يحتم علينا الهدوء الحذر مع هؤلاء الماكرين لاتمام الانتقال المدنى للسلطة التنفيذية الأولى فى البلاد ، فلم يتبقى سوى أيام ليست بالكثيرة لنبدأ بها المرحلة الثانية من الثورة و التى تأخرت عاماً وبضعة أشهر وهى اعادة بناء مؤسسات الدولة بشكل مستقل لكل منها ، و أعتقد أن من المهم جداً تغيير الثقافة السياسية لدى الشعب والتى ورثناها طوال السنوات الماضية من حكم المستبدين ، والتى وصلت بنا الى هذه الأزمة السياسية التى تعيشها البلاد فى أخطر مراحلها المرحلة الانتقالية والتى سيكون لنا فيها حديث اخر . موضوعات بقلم الكاتب ... حكاية اللى نط .. ركب على الثورة الدولة الاسلامية .... مدنية خاضعين .. خانعين.. خداماً لأمريكا