في الجزء الثالث تم تناول الخطة الرسمية المقدمة من الجانب الفلسطيني. وكما سبقت الإشارة فإن إعادة الإعمار يجب أن تتخطى البعد المادي والسكني المباشر إلى توظيف إعادة الإعمار نحو تحقيق التعافي والتحرر وإثبات الحق في الأرض وإعادة الإحساس بالانتماء للمكان. وقد جاءت خطة فينيق غزة لتجمع بين التعافي العاجل ومشاركة المجتمع المحلي من أجل الإعمار المستدام. وتنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل، وهي مرحلة الطوارئ التي تستمر ستة أشهر ثم مرحلة التثبيت والإصلاح (تمثل المدى المتوسط) ويعقبها مرحلة إعادة الإعمار والتطوير وتهدف إلى بناء بيئة مستدامة وتستمر لمدة خمسة أعوام. وجدير بالذكر أن الخطة لم تتطرق إلى التكلفة المالية. كما تقدمت دولة الامارات العربية بخطة لإعادة الإعمار باسم " خطة الحبتور". حيث قام مركز الحبتور للدراسات والأبحاث بإعدادها. وترى الخطة بأن إعادة الإعمار مسئولية المجتمع العربي وليس المجتمع الدولي وحده. وتشمل الخطة ثلاثة محاور وهي الإغاثة الفورية وإعادة البناء والتنمية الاقتصادية. كما توصي الخطة بإعادة الإعمار الهجين الذي يدمج الأمن والحوكمة والشفافية. كما تنص على أهمية إنشاء مناطق صناعية متخصصة لتطوير القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والطاقة المتجددة بهدف ضمان استقلال غزة عن كيان الاحتلال. أما بالنسبة للخطة المصرية، فقد وضعتها لجنة استشارية مكونة من نقابة المهندسين المصريين وشركات مقاولات لها خبرة في سيناءوغزة وتركز على إعادة الإعمار المتواكب مع بقاء السكان في أماكنهم التي سكنوها وعدم ترحيلهم، بالإضافة لإعداد تقارير شاملة حول حالة البنية التحتية والمباني السكنية. ويوجد مقر لعمل اللجنة الاستشارية في مدينة العريش المصرية. ويمكن القول أن الخطة مازالت في مراحلها الأولية. وبالنسبة للمشاركة الدولية فقد قدم البنك الدولي خطة للتقييم السريع للأضرار والاحتياجات وتضع الأسس الشاملة لإعادة الإعمار. وما يميز خطة البنك الدولي هو تحديدها لتكلفة الاعمار وفقاً لتكلفة الأضرار التي قدرت بحوالي 30 مليار دولار والخسائر الاقتصادية التي قدرت بحوالي 19.1 مليار دولار، حيث يتطلب تنفيذ الخطة في الثلاث سنوات الأولى توفير 20 مليار دولار. كما ساهمت منظمات المجتمع المدني الدولية بخطط لإعادة الإعمار واستعانت في ذلك بخبرات فلسطينية. ومنها على سبيل المثال خطة " مأمون بسيسو" بالتعاون مع مركز فريدريش ايبرت للأبحاث. وركزت الخطة على الحوكمة الفاعلة وإصلاح آليات الإعمار من خلال إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة غير سياسية تتولى تنفيذ خطة إعادة الإعمار. كما أوصت الخطة بتطوير التخطيط العمراني ليكون مستداماً وليضمن حق الفلسطينيين في مدن آمنة. وتجدر الإشارة بأن جميع الخطط المقدمة تؤكد بشكل مباشر أو غير مباشر على ضرورة إشراك ودمج المجتمع الفلسطيني المحلي في خطط إعادة الإعمار. غير أن الخطط السابقة يجب أن تراعي عدم الاضرار بالنسيج الاجتماعي والثقافي والعمراني للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وألا تتعامل مع القطاع على أنه مولود جديد بلا مرجعيات تاريخية وإنسانية وحضارية. كما يجب أن تنطلق تنفيذ الخطط السابقة من تساؤل جوهري وهو ماهية وقوة الضمانات المتعلقة بعدم قيام كيان الاحتلال بضرب وتدمير قطاع غزة مرة أخرى!