يبدو أن الولاياتالمتحدة تنتهج سياسة أكثر انفتاحًا تجاه الإدارة السورية الجديدة، وهو ما تجلى في سلسلة من الخطوات، آخرها إزالة اسم الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة الإرهاب، بعدما كانت واشنطن قد رصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى الشرع، المعروف سابقًا ب"أبو محمد الجولاني"، في تحول لافت يعكس تغيرًا جوهريًا في الموقف الأمريكي من دمشق. وجاء القرار الذي أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية، الجمعة، بعد يوم من اتخاذ مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قرارًا مماثلًا. وقال تومي بيجوت، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان الجمعة: "تُتخذ هذه الإجراءات تقديرًا للتقدم الذي أحرزته القيادة السورية بعد رحيل بشار الأسد، وبعد أكثر من 50 عامًا من القمع في ظل نظام الأسد". وأضاف: "تعمل الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس الشرع، جاهدةً على استعادة الأمريكيين، والوفاء بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب والمخدرات". وصوّت مجلس الأمن، الخميس، لصالح مشروع قرار قدمته الولاياتالمتحدة يقضي برفع اسمَي الرئيس السوري ووزير الداخلية من قائمة العقوبات الدولية، إذ حظي القرار بتأييد 14 عضوًا من أصل 15، فيما امتنعت الصين عن التصويت. كما جاء القرار قبل لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض المقرر في يوم 10 نوفمبر الجاري، في أول اجتماع بين رئيس أمريكي وسوري منذ نحو 25 عامًا. لكن ما أبرز الملفات التي سيبحثها الجانبان خلال هذا اللقاء؟ قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، إن الشرع يتوجه إلى واشنطن "على أمل" توقيع اتفاقية للانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم الدولة (داعش)، الذي يضم 80 دولة. ومن جانبه، صرح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بأن ملفات إعادة إعمار سوريا والشراكة القوية مع الولاياتالمتحدة ومكافحة تنظيم "داعش" ستكون محور المباحثات بين الشرع وترامب. واعتبر الشيباني، أن الزيارة ستساهم في فتح "فصل جديد" في العلاقات بين دمشقوواشنطن. ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 واستيلائه على السلطة، قام أحمد الشرع بسلسلة من الزيارات الخارجية في إطار سعي حكومته الانتقالية إلى إعادة بناء علاقات سوريا مع القوى العالمية التي كانت تتجنبها خلال حكم الأسد. وشارك الشرع في الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عُقِدت بين 22 و30 سبتمبر الماضي، ليكون أول رئيس سوري يلقي كلمة في الأممالمتحدة منذ عهد الرئيس الأسبق نور الدين الأتاسي عام 1967، وأول رئيس سوري يشارك في أعمال الأسبوع الرفيع المستوى للجمعية العامة على الإطلاق. ويحاول ترامب توطيد العلاقات مع الشرع. ففي يونيو الماضي، ألغى الرئيس الأمريكي معظم العقوبات المفروضة على سوريا، كما التقى ترامب بالشرع في مايو الماضي خلال زيارته للسعودية، وأشاد به قائلًا إن "الرئيس السوري رائع ولديه فرصة جيدة"، وأضاف "نأمل أن تنضم سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية". وفي أكتوبر الماضي، أعلن الكونجرس الأمريكي إلغاء قانون "قيصر" الذي تم فرضه في ديسمبر 2019 على سوريا خلال فترة حكم نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وفرض القانون عقوبات على شخصيات ومؤسسات سورية متورطة في جرائم حرب، ومنع التعامل المالي مع شخصيات نافذة في النظام السوري أو مرتبطة به. كما نصّ على معاقبة أي جهة محلية أو أجنبية تستثمر أو تتعامل مع سوريا في قطاعات مثل الطاقة والطيران والبناء والمصارف، واستهدف كذلك الشركات والدول الداعمة للنظام السوري، مثل إيران وروسيا.