"حزب الله يلعب بالنار، وسنقوم باستهداف العاصمة بيروت في حال شنّ الحزب أي هجوم يطال أي بلدة في الشمال"، بهذه العبارة هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالتصعيد في لبنان. واتهم كاتس الرئيس اللبناني جوزيف عون أنه "يماطل" في شأن مسألة نزع سلاح الحزب. وجاء تهديد كاتس في الوقت الذي يصعّد فيه الجيش الإسرائيلي هجماته على جنوبلبنان، وسط أنباء عن نية إسرائيل تكثيف عملياتها العسكرية. وفي ظل تقديرات تفيد بأن حزب الله اللبناني استعاد قدراته ونجح في تهريب مئات الصواريخ. وفي هذا السياق، قال العميد منير شحادة، المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوة الأممالمتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان "اليونيفيل"، إنه كان يتوقع التصعيد الإسرائيلي عبر الغارات الجوية أو الطائرات المسيرة منذ أن قدم الجيش اللبناني الخطة التي طُلِبت منه من قِبل مجلس الوزراء، عقب اتخاذ قرار يقضي بحصر السلاح بيد الدولة. وأوضح شحادة خلال حديثه ل"مصراوي"، أن الجيش اللبناني أعد خطة مكونة من 5 مراحل، المرحلة الأولى تبدأ في منطقة جنوب الليطاني، شرط أن تنسحب إسرائيل من النقاط الخمس المحتلة وأن تتوقف عن الاعتداءات، لكي يتمكن الجيش اللبناني من استكمال انتشاره في كامل المنطقة. وعند انتهاء هذه المرحلة، ينتقل الجيش إلى المرحلة الثانية شمال الليطاني. وأشار إلى أنه لم تعد هناك مهلة زمنية محددة كما نصّ قرار مجلس الوزراء سابقًا، الذي كان يقضي بإنهاء عملية حصر السلاح بيد الدولة بحلول نهاية العام، معتبرًا أن هذا التعديل في الخطة ساهم في "نزع فتيل الانفجار" الذي كان ممكنًا أن يحدث لو تم تنفيذ القرار بطريقة مختلفة. وأضاف العميد منير شحادة، أن إسرائيل عقب إعلان هذه الخطة، استهدفت كل ما له علاقة بإعادة الإعمار، بما في ذلك الآليات الهندسية المخصّصة لرفع الأنقاض وإعادة بناء المناطق المتضررة في جنوبلبنان، والتي كانت متمركزة بالقرب من منزل رئيس مجلس النواب نبيه بري. كما توغلت قوات الاحتلال في بلدة بليدا الحدودية، ما أدى إلى مقتل أحد موظفي البلدية. ومن جانبه، أعطى الرئيس اللبناني جوزيف عون تعليماته إلى الجيش للتصدي لأي خرق أو توغل إسرائيلي. ومن الواضح أن إسرائيل تتجه نحو مزيد من التصعيد، في محاولة للضغط على لبنان من أجل الإسراع في نزع سلاح حزب الله. ورأى شحادة، أن إسرائيل ليست بحاجة إلى تنفيذ عمل عسكري بري في لبنان، لأنها فرضت أمرًا واقعًا يتمثل في حرية الحركة منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024 وحتى اليوم، إذ تجاوزت الخروقات خلال هذه الفترة 5000 خرق، وواصلت إسرائيل خلالها القتل والاغتيالات والتدمير والقصف باستخدام الطيران الحربي والطائرات المسيرة. وتابع: "ولكن هناك احتمال أن تصعد إسرائيل من غاراتها الجوية بوتيرة أسرع في لبنان، لتطال مناطق لم تقصفها من قبل". مبادرة مصرية للتهدئة أشار المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى "اليونيفيل"، إلى أن هناك مبادرة مصرية لتهدئة الأوضاع في لبنان، تضمنت عدة بنود، من بينها بند يقضي بأن يحتفظ حزب الله بسلاحه شمال نهر الليطاني، ولكن مع تجميده ومنع تعزيز قدراته العسكرية في هذه المنطقة. ووفقًا ل شحادة، فإن الولاياتالمتحدة عبرت عن عدم ارتياحها للمقترح المصري، مشيرًا إلى أنه برغم ذلك، فإن الحراك المصري قد يساعد في مواجهة التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة. والأسبوع الماضي، زار رئيس المخابرات العامة اللواء حسن رشاد والوفد المرافق لبنان والتقى بالرئيس جوزيف عون، وشارك في اللقاء مدير الأمن العام اللواء حسن شقير ومدير المخابرات في الجيش طوني قهوجي، وتم البحث في الملفات الأمنية والعسكرية والتنسيق بين مصر ولبنان، وكيفية الاستفادة من أجواء اتفاق غزة وقمة شرم الشيخ لتوسيعها لتشمل لبنان. وقالت الرئاسة اللبنانية، إنه تمّ خلال اللقاء، عرض للأوضاع العامّة في المنطقة عمومًا، وفي الجنوب خصوصًا، إضافة إلى الوضع في غزة. وأبدى اللواء رشاد استعداد مصر للمساعدة في تثبيت الاستقرار في جنوبلبنان وإنهاء الوضع الأمني المضطرب فيه، كما جدد التأكيد على دعم مصر للبنان. ومن جانبه، رحّب لبنان بأي جهد مصري للمساعدة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة الاستقرار. ويعتقد شحادة أن الحكومة اللبنانية وافقت على المقترح المصري في المجمل، مع وجود بعض التفاصيل التي لا تزال بحاجة إلى المناقشة. ورغم التحركات الإقليمية والدولية للتهدئة، فإن إسرائيل، كما يقول العميد منير شحادة، تواصل "العربدة" على الأراضي العربية من لبنان وفلسطين وسوريا إلى اليمن، بضوء أخضر أمريكي مع عدم الالتزام بأي معاهدات أو مفاوضات.