لم يكن مجرد شجار عابر، وإنما مشهدًا صادمًا وثقته كاميرات المراقبة وأشعل غضبًا واسعًا: رجل يفرغ عبوة "جاز" فوق أرغفة الخبز الطازجة المخصصة لعشرات الأسر، في محاولة لمنع وصولها إليهم. هذه الواقعة التي استفزت مشاعر أهالي قرية "طحلة بردين" بالشرقية، لم تكن وليدة اللحظة. كانت ذروة معاناة طويلة مع صاحب المخبز الوحيد بالقرية، الذي حاول فرض احتكاره لقوت يومهم بالقوة، حتى لو كان الثمن إتلافه. رحلة عذاب يومية لسنوات، تحولت رحلة الحصول على الخبز المدعم إلى كابوس يومي لسيدات القرية. يروين كيف يقفن في طوابير طويلة منذ الفجر وحتى الظهيرة، وكثيرًا ما يعدن بخفي حنين. "بنتعرض للإهانة والمعاملة السيئة، وفي الآخر ممكن منخدش العيش"؛ تقول إحداهن، مضيفةً أن البديل هو الخبز السياحي الذي يُكلف أسرتها الصغيرة أكثر من 50 جنيهًا يوميًا، وهو ما يفوق قدرتهن المادية. سجل من المخالفات معاناة الأهالي أبدًا لم تقتصر على سوء المعاملة، فالمخالفات التموينية متكررة من صاحب المخبز. يقول عبد الفتاح عيسى، أحد أبناء القرية، إن المخبز معروف بإنقاص وزن الرغيف وسوء النظافة، وقد صدرت بحقه قرارات غلق مؤقت عدة مرات من قبل مديرية التموين، لكن دون جدوى، على حد قوله. شرارة أشعلت الغضب أمام هذا الوضع، حاول الأهالي إيجاد حل بديل بالاتفاق مع شاب من القرية لتوصيل الخبز لهم من مخبز مجاور مقابل أجر رمزي. كانت هذه المبادرة هي الشرارة التي أشعلت هذا الموقف الأخير. اعترض صاحب المخبز طريق الشاب.. اعتدى عليه لفظيًا، ثم أقدم على فعلته بسكب "الجاز" على حمولة الخبز بالكامل، مهددًا الأهالي ومحذرًا إياهم من التعامل مع أي بديل له. تحرك رسمي وضبط المتهم وقد أحدث الفيديو المتداول لهذه الواقعة ضجة كبرى، وتحركت الأجهزة المعنية استجابةً له، حيث أكد فوزي البهي، مدير تموين مركز الزقازيق، أنه التقى طرفي الواقعة، مشيرًا إلى إجراءات قانونية جاري اتخاذها مع تكثيف الرقابة على المخبز. وفي خطوة حاسمة، ألقت قوة من مباحث مركز شرطة الزقازيق القبض على صاحب المخبز، تمهيدًا لعرضه على النيابة العامة واتخاذ الإجراءات القانونية حياله.