"انتم اللي كفرتوا الشيخ؟!" عبارة متداولة على ألسنة الكثيرين، وغالبًا ما تكون بغرض الدعابة، ويأتي الرد عليها "الشيخ هو اللي كان إيمانه ضعيف"، وبعيدًا عن هذه التكهنات، تحمل هذه التسمية قصة تاريخية عريقة. في هذا الموضوع، نستعرض الحقيقة الكاملة وراء هذه التسمية، ونسلط الضوء على الأهمية التاريخية والحضارية لمحافظة كفر الشيخ. تعود تسمية المحافظة إلى أحد كبار علماء الصوفية، وهو الشيخ طلحة أبي سعيد التلمساني، الذي أكرمه أهل المنطقة وأطلقوا اسمه عليها، فكانت "كفر الشيخ طلحة"، قبل أن يُختصر الاسم إلى "كفر الشيخ". وبحسب الموقع الرسمي لمحافظة كفر الشيخ، فإن الشيخ طلحة جاء إلى مصر في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) قادمًا من المغرب، واستقر في المنطقة وكان له تأثير كبير في نشر العلم والمعرفة الدينية بين السكان، ما جعل أهل المنطقة يكنّون له احترامًا كبيرًا، فأطلقوا على المنطقة اسم "كفر الشيخ طلحة"، ومن ثم اختُصر الاسم إلى "كفر الشيخ". من جانبه كشف الدكتور محمد أمين، خبير التراث الشعبي، فى تصريح سابق ل"مصراوي"، أن دنقيون كان هذا هو الاسم القديم للمنطقة قبل قدوم الشيخ طلحة، وبعد استقرار الشيخ لمدة 31 عامًا ووفاته عام 631 ه، أصبحت المنطقة تعرف بكفر الشيخ طلحة، وفي عهد الملك فؤاد الأول، تم تغيير اسم المدينة إلى "الفؤادية" نسبة إليه وأنشأ قصرًا فى هذه القرية. استمرت هذه التسمية حتى عام 1952، وبعد إعلان الجمهورية في عام 1955، صدر قرار بإلغاء اسم "الفؤادية" وتحويلها إلى مديرية كفر الشيخ، وفي عام 1960، صدر قرار جمهوري من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بتحويلها إلى محافظة كفر الشيخ، وهو اسمها الحالي. نبذة تاريخية عن المحافظة وفي ورقة بحثية بعنوان "مواقع الآثار اليونانية الرومانية بمحافظة كفر الشيخ"، كشفت الدكتورة دينا العربي أحمد دياب، أن محافظة كفر الشيخ تعد من أهم محافظات الوجه البحري الغنية بالآثار، حيث تضم نحو 78 تلًا أثريًا. تقع المحافظة في أقصى شمال مصر، ضمن الإطار الجغرافي للإقليم السادس من أقاليم مصر السفلى، الذي كان يُعرف باسم "خاسو" ثم أصبح "إكسيور" باليونانية، و"سخا" بالعربية، وهو الاسم الذي تحتفظ به إحدى مدنها حتى الآن. كانت كفر الشيخ في عصر ما قبل الأسرات مركزًا دينيًا وسياسيًا هامًا في دلتا مصر، حيث كانت مدينة "بوتو" عاصمة لمصر السفلى ومقر حكام الشمال قبل توحيد البلاد، وارتبطت "بوتو" بتاج الشمال الأحمر، وظلت المعبودة "واچيت" تُزين جبهة ملوك مصر، ما منحهم الشرعية. بعد دخول الإسلام في القرن السابع الميلادي، بدأت المنطقة تشهد نشاطًا زراعيًا وتجاريًا متزايدًا، وبرزت مدينة فوه كمدينة تجارية مهمة على نهر النيل، ما تشتهر به المحافظة يشير الموقع الإلكتروني للمحافظة، إلى أن كفر الشيخ تتميز بموقعها الاستراتيجي على البحر المتوسط، حيث تضم بحيرة البرلس، وهي مصدر رئيسي للثروة السمكية، ومساحات واسعة من الرمال السوداء الغنية بالمعادن الثقيلة، بالإضافة إلى الأراضي الزراعية الخصبة الأمر الذي جعلها من أهم مناطق إنتاج الأرز، القطن، القمح، والبنجر في مصر. كما تشتهر محافظة كفر الشيخ بالاستزراع السمكي، صناعة السكر، الصناعات الغذائية، وصناعة السجاد والفخار والحرف اليدوية، بالإضافة إلى صناعة المراكب والسفن في برج البرلس. وإلى جانب هذا، فإن الرمال السوداء، جعلت كفر الشيخ منطقة ذات أهمية استراتيجية تسهم بفعالية في التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد المصري على مختلف المستويات.