في خضم التصعيد العسكري الإسرائيلي على غزة، فجّرت الولاياتالمتحدة جدلًا واسعًا بقرارها منع منح تأشيرات دخول للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، و80 مسؤولًا فلسطينيًا آخر. وجاء قرار واشنطن الذي أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الجمعة، قبيل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر في سبتمبر المقبل، والذي سيُعقد خلاله مؤتمرًا دوليًا بشأن حل الدولتين واعتراف دول أوروبية، مثل فرنسا وكندا، بالدولة الفلسطينية المستقلة. واتهم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، السلطة الفلسطينية بأنها تقوض جهود السلام وأنها لا تبذل الجهود الكافية لمكافحة الإرهاب، بجانب سعيها إلى "اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية مفترضة". وأصدرت الوزارة بيانًا الجمعة، قالت فيه: "قبل أن يُعتبر منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية شريكتين في السلام، يتعين عليهما نبذ الإرهاب باستمرار، بما في ذلك هجوم السابع من أكتوبر، وإنهاء التحريض على الإرهاب"، وفق تعبيرها. وطالبت الخارجية الأمريكية في بيانها، السلطة الفلسطينية بوقف ما وصفته بمحاولات "تجاوز المفاوضات عبر اللجوء إلى المسارات القانونية الدولية، بما في ذلك القضايا المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وكذلك جهود الحصول على اعتراف أحادي بدولة فلسطينية". ولكن منحت وزارة الخارجية الأمريكية الممثلين المعينين في بعثة السلطة الفلسطينية لدى الأممالمتحدة إعفاءات بموجب اتفاقية الدولة المضيفة مع الأممالمتحدة حتى يتمكنوا من مواصلة عملياتهم في نيويورك. هذه ليست المرة الأولى لم تكن هذه المرة الأولى التي تمنع فيها الولاياتالمتحدة مسؤولين فلسطينيين من دخول البلاد، ففي عام 1988 رفضت واشنطن منح تأشيرة دخول لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية الراحل، ياسر عرفات، لحضور اجتماع الأممالمتحدة في نيويورك. وتذرّعت واشنطن ب"الإرهاب" كمبرر لرفضها، ما دفع الأممالمتحدة لنقل اجتماع الجمعية العامة إلى مدينة جنيف بسويسرا بدلًا من نيويورك، لكي يتمكن عرفات من مخاطبة الدول الأعضاء، وفقًا لصحيفة "فاينانشيال تايمز". هل القرار قانوني؟ بموجب البند 11 من اتفاقية المقر المُبرمة بين الولاياتالمتحدة باعتبارها الدولة المضيفة لمنظمة الأممالمتحدة في نيويورك، فإنه لا يحق لواشنطن أن ترفض منح تأشيرات للمسؤولين الراغبين في حضور اجتماعات الجمعية العامة أو المتجهين إلى المنظمة الدولية. ولكن تعطي الولاياتالمتحدة لنفسها الحق في منع منح تأشيرات لمسؤولين دوليين للتوجه إلى الأممالمتحدة ل"حماية أمنها"، وفقًا للبند السادس من القرار المشترك للكونجرس الأمريكي الصادر في 4 أغسطس 1947، الذي خوّل الرئيس ترومان إبرام اتفاقية المقر بموجب ما يسمى ب"التحفظ الأمني". وبموجب هذا القرار، صنّفت الولاياتالمتحدة عددًا من الشخصيات على أنهم معادون لها، من بينهم الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، والرئيس الليبي معمر القذافي، والرئيس الفنزويلي السابق هوجو تشافيز، ومنعتهم من الحصول على تأشيرات لدخول أراضيها للمشاركة في اجتماعات الأممالمتحدة. السلطة الفلسطينية ترد بدورها، نددت السلطة الفلسطينية بقرار منع حضور اجتماع الأممالمتحدةبنيويورك، معتبرة أنه يخالف القانون الدولي واتفاقية المقر، خاصة وأن دولة فلسطين عضو مراقب في الأممالمتحدة. كما أعربت السلطة عن أسفها واستغرابها الشديدين من قرار منع منح التأشيرات، وحثت الخارجية الأمريكية على إعادة النظر في القرار والتراجع عنه. وقال السفير الفلسطيني لدى الأممالمتحدة، رياض منصور، للصحفيين أمس الجمعة، إن الرئيس عباس كان يخطط لقيادة الوفد إلى اجتماعات الأممالمتحدة وكان من المتوقع أن يلقي كلمة أمام الجمعية العامة - كما فعل لسنوات عديدة. وعلق المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك على القرار، قائلًا إن المنظمة الدولية ستطلب توضيحًا من وزارة الخارجية الأمريكية، وأعرب عن أمله أن يُحل هذا الأمر "من المهم أن يكون جميع الدول الأعضاء، والمراقبون الدائمون، قادرين على التمثيل".