مثلث الحياة ودعم العامري فاروق.. تمارا نادر السيد من "بيت زملكاوي" إلى الأهلي - حوار

"خرجت من عائلة زملكاوية وارتديت القميص الأحمر".. كان انتماء تمارا نادر السيد، مثل أشقائها، للقلعة البيضاء "بالوراثة"، لكن عندما طلبها النادي الأهلي للانضمام إلى فريق سلة السيدات، لبَّت النداء فورًا، وبتشجيع من والدها حارس عرين الأبيض السابق.
تمارا، صاحبة العشرين عامًا، انضمت إلى فريق سلة السيدات بالنادي الأهلي قبل عامين، لكن قبل سنوات قليلة لم تكن تتخيل أنها ستُكمل مسيرتها في هذه الرياضة، فممارستها لها في صغرها كانت لمجرد تقليد "جودي" شقيقتها الكبرى، التي تعتبرها قدوتها.
وتتذكر تمارا تلك الفترة في حوار خاص لمصراوي، قائلة: "جودي تكبرني بثلاث سنوات، وكانت قدوتي وكنت أقلدها في كل شيء، والحمد لله أنها جعلتني أمارس السلة، لكن لو عاد بي الزمن لاخترت لعب الكرة الطائرة".
وترى تمارا أن الكرة الطائرة أفضل من السلة، مبررة ذلك بأنها رياضة "نسائية"، ليست عنيفة مثل السلة التي غالبًا ما تشهد احتكاكات. وتقول لاعبة الأهلي: "الحمد لله أنني ناجحة حاليًا في كرة السلة، لكن مشكلتي الجروح والاحتكاكات، أخرج من كل مباراة "متخربشة"، أعلم أنني يجب أن أبذل جهدي في الملعب لأن هذه وظيفتي، لكنني لا أحب أن يحتك بي أحد، كما أنني لست من النوع الذي يثير الأزمات في المباريات، لا أتشاجر في الملعب وزميلاتي هن من يرددن إذا احتك بي أحد".
منزل يضم القطبين
لا يتوقف انتماء تمارا القديم للزمالك عند والدها نادر السيد فقط، فشقيقها أحمد، حارس مرمى باوك اليوناني حاليًا، الذي يكبرها بعام، كان من ناشئي الأبيض، وما زال مشجعًا للفريق.
ويضم منزل نادر السيد حارس مرمى سابق، وحارسًا حاليًا "أحمد"، ولاعبة سلة سابقة "جودي"، ولاعبة سلة حالية "تمارا"، إضافة إلى زوجته وابنته الصغرى تيا، اللتين تمارسان الرياضة في صالة الألعاب الرياضية.
وتقول تمارا عن الأجواء في منزلها: "كلنا رياضيون، جودي وتيا لا تمارسان الرياضة، لكنهما تذهبان للجيم، ووالدي وضع لنا نظامًا، الرياضة شيء أساسي في منزلنا لأننا نحبها، ليس لأنها إجبار علينا، ودائمًا المنزل كله يسير على نظام غذائي".
قد يكون نادر السيد نجح في تجميع عائلته حول الرياضة، لكن عند الأهلي والزمالك دائمًا ما يتفرق الأشقاء، ففي مباريات القطبين، يشجع حارس الزمالك السابق ونجله أحمد وابنته تيا الأبيض، فيما تشجع تمارا فريقها الحالي الأهلي.
ووصفت تمارا تلك الأجواء قائلة: "نتجمع في المنزل على مباريات الأهلي والزمالك وبرشلونة وريال مدريد، والدتي وجودي لا تحبان الرياضة، لكن أبي وأحمد وتيا زملكاوية، وأنا أهلاوية، وجميعنا نشجع ريال مدريد، بخلاف أحمد الذي يحب برشلونة".
رحلة احتراف قصيرة ومشاعر متباينة
في سن ال18 عامًا، احترفت تمارا نادر السيد في الخارج، وبالتحديد في بلجيكا وسويسرا، وتحكي لاعبة الأهلي عن هذه التجربة: "لم أكن مهتمة في البداية بأن أصبح لاعبة محترفة، كنت أعتقد أنني عندما أصل إلى سن 18 عامًا سأُسافر للدراسة في الخارج مثل شقيقتي وأترك السلة، لكن هناك مدرب اسمه أحمد إبراهيم غيّر الأمر وجعلني أفضل وأهتم أكثر، وأصبح لدي طموحات في اللعبة لتحقيقها".
وأضافت: "رحلة الاحتراف بدأت بسويسرا، كان هناك مدرب اسمه حكيم سالم، وهو مصري هولندي، شاهدني في إحدى البطولات، وأخذني للاحتراف، ولعبت في الدرجة الأولى، وكانت تجربة جميلة جدًّا، بعدها تلقيت عرضًا من بلجيكا وانتقلت بالفعل، وكان فريقًا جيدًا، لكن الأمر كان صعبًا عليّ، الابتعاد عن عائلتي، لم أتحمل الأمر".
وأوضحت تمارا: "بلجيكا كانت كئيبة ولم تساعدني على التأقلم مع الأجواء، والدتي كانت في البداية ترفض سفري، لكن أبي كان يريد احترافي، حتى إنه طلب مني الاستمرار، لكنني عدت قبل المدة المحددة، دون إخبار أحد، ودخلت في نقاش مع أبي، لكنني كنت أرى أنني لا أستطيع، لن أتمكن من الظهور بشكل جيد طالما نفسيتي ليست على ما يرام، فعدت لتعلقي بوالدتي".
كانت تمارا تمتلك علاقة قوية مع عائلتها، لدرجة أن والدتها كانت تسافر إليها إلى بلجيكا مرة كل شهر، وكان موعد عودتها إلى مصر الأصعب على لاعبة الأهلي، ولهذا قررت العودة من الاحتراف، وبالتحديد لصفوف نادي الجزيرة.
الأهلي يضم ابنة حارس الزمالك
بعد 6 أشهر من عودة تمارا نادر السيد إلى الجزيرة، تلقت عرضين من سبورتنج والأهلي، لتختار دون تردد القميص الأحمر. وكان الأمر في البداية كلامًا شفهيًّا من علياء محمود، لاعبة الأهلي السابقة، وبعدها تحوّل الأمر إلى الطابع الرسمي.
وقالت تمارا: "كابتن خالد العوضي، مدير النشاط الرياضي في النادي الأهلي، صديق والدي، وتواصل معه وأخبره بأنه يريدني، ورغم وجود عرض آخر، لم أفكر أو أتردد، وفورًا اخترت الأهلي، وكان للعامري فاروق، نائب رئيس النادي -رحمة الله عليه-، دور كبير في التوقيع".
وكان لنادر السيد دور كبير في انضمام ابنته للأهلي، فلم يرفض الأمر، إذ يرى أن الانتماء شيء والمستقبل شيء آخر، وقالت تمارا عن رأيه: "أبي يرى أنني يجب أن يكون لي انتماء للنادي الذي أنتمي إليه، لكنه لا يجب أن يؤثر على مستقبلي، وقال لي (روحي الأهلي)، لأنه هو من سيصنع اسمك وينجحك، وبالفعل هذا الأمر حقيقي، الأهلي نظام، وهو أنجح منظومة في مصر".
وأضافت: "عندما ندخل الأهلي نعرف قيمته، توجد قواعد واستقرار والتزامات، وهذا كله يجعلنا نحترم النادي. نعم، تربيت في بيت زملكاوي، وقلت إنني زملكاوية وأنا صغيرة، لكن حاليًا أنا أهلاوية، وأشجع الفريق في كل المباريات والبطولات، لأنني أريد النجاح للمنظومة التي أنتمي إليها، وحتى لو غادرت الأهلي، سيظل انتمائي للنادي، لأنه أضاف لي كثيرًا".
وعندما انضمت تمارا إلى فريق السلة بالنادي الأهلي، كانت تعتقد أنها ستحصد العديد من البطولات، لكنها صُدمت بخسارة مفاجئة لدوري المرتبط من سبورتنج، وتعتبرها الأصعب، وقالت عنها: "خسارة قاسية جدًا، كنت ذاهبة إلى النادي متأكدة أنني سأفوز بالكثير من البطولات، لكنها كانت قاسية جدًّا، لكننا تعلمنا منها، وفزنا بالدوري والكأس وشاركنا في أفريقيا لأول مرة".
وبعد خسارة تلك البطولة، اجتمع محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، بفريق سلة السيدات، وقالت تمارا عن تلك الجلسة: "مجلس الإدارة كان ينتظر منا الكثير، وتعرضنا لضغط لعدم تحقيق البطولة، وكابتن الخطيب داعم كبير لنا، ولم يكن هذا الاجتماع لإحباطنا، بل لتحميسنا، وأن البطولات المقبلة لنا، وأننا سنشارك في أفريقيا".
وكانت الهزيمة الكبرى الثانية التي تعرضت لها تمارا مع الأهلي، هي نهائي بطولة أفريقيا، وقالت عن تلك اللحظة: "استعددنا للبطولة بشكل كبير، وخضنا العديد من المعسكرات، وكانت بطولة سهلة، الفوز كان بين أيدينا، لن أقول إننا تهاونا في المباراة، لأنه لا أحد كان سيبخل بأي
مجهود في المباراة، لكننا لم نركّز بالقدر الكافي، ولم يحالفنا التوفيق، لكنني متأكدة من أننا سنحسم اللقب القادم".
الظهور الأول لتمارا مع منتخب مصر
شاركت تمارا مع منتخب مصر لسلة السيدات في البطولة العربية، التي أقيمت في مصر، وتُوِّجن بها، وترى أن هذه اللحظة كانت الأسعد في مسيرتها، لأن البطولة أُقيمت في مصر وعائلتها كانت تشجعها من الخارج.
وقالت تمارا: "اللعب مع المنتخب الأول تجربة مختلفة، والتأقلم مع اللاعبات إحساس لا يمكن وصفه، ووجود عائلتي في المدرجات كان يمنحني حماسًا أكثر، والحمد لله على البطولة الأولى لي مع المنتخب الأول".
مثلث حياة نادر السيد وعادة غريبة
وضع نادر السيد قواعد لعائلته منذ الصغر، كشفت تمارا لمصراوي أهمها، وهي "مثلث الحياة"، وعلى رأسه الصلاة، وفي الضلعين الدراسة والمران، وتقول لاعبة الأهلي عن والدها: "أبي يهتم بكل واحد منا بشكل منفصل وبطريقة مختلفة، أشعر أنه يعيش الحياة ويضع مجهودًا معنا جميعًا، لنتذكره بطريقة جيدة".
ويمتلك نادر السيد عادة غريبة، بعدم وجود ساعات حائط في منزله، وقالت تمارا عن الأمر: "هو يرى أن الوقت ليس مهمًّا، يجب أن نعيش بشكل بسيط ولا نركز مع الوقت الذي يمر، المهم هو أن نكون سعداء".
علاقة قوية مع شقيقها
يُعتبر أحمد أقرب أشقاء تمارا إليها، إذ إن الفارق بينهما عام واحد، كما أنهما يمارسان الرياضة، وأصدقاؤهما هم نفس الأصدقاء، لكنهما اختلفا عند تشجيع الأهلي والزمالك.
وفي الموسم الماضي، ذهبت تمارا وشقيقها أحمد إلى نهائي أفريقيا للكرة الطائرة سيدات بين القطبين، وجلست هي في مدرجات الأهلي، بينما كان شقيقها على الطرف الآخر.
وقالت تمارا لمصراوي: "أعرف كل شيء عن أحمد، فأنا أهم واحدة في حياته، ودائمًا ما يأخذ رأيي في كل شيء، وتشجيع الأهلي والزمالك لا يفرق بيننا، وفي تلك المباراة الشهيرة، أحمد كان يريد الجلوس في مدرجات الزمالك، مع الألتراس، لأنه فعلاً يحب الزمالك ويشجع بحماس، وأنا جلست في المقصورة، وذهبنا وغادرنا في نفس السيارة".
واختتمت تمارا حوارها بموقفها إذا عاد أحمد إلى الزمالك ولعب مباراة ضد الأهلي، قائلة: "طبعًا أتمنى الخير لأخي وأن يلعب بشكل جيد، النتيجة لا تهمني، لأنني لا أهتم بكرة القدم كثيرًا، لكنه شقيقي".
اقرأ أيضًا:
"قصص متفوتكش".. رسالة إبراهيم سعيد ل شيكابالا.. وحقيقة مفاوضات الأهلي مع مصطفى محمد