"تقتلون الأطفال كهواية" تصريح أدلى به نائب رئيس الأركان العسكري السابق، يائير جولان، أثناء هجومه على أداء الجيش الإسرائيلي في الحرب التي لم تضع أوزارها في غزة منذ نحو العامين والتي سقط خلالها أكثر من 50 ألف شهيد ومئات آلاف المصابين في وضع إنساني بات حديث العالم أجمع في الوقت الحالي. فتح تصريح جولان الذي يحتسب على تيار اليسار الإسرائيلي الآن موجة من الانتقادات اللاذعة من قبل الحكومة اليمينية الحالية. في اعتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته المنتمي غالبيتهم إلى اليمين المتطرف، فإن تصريحات يائير جولان وغيره من الساسة الإسرائيليين المعارضين لا تخدم إلا أجندة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والتي لا يزال وفدها يجدف في تيار مفاوضات وقف إطلاق النار الذي لم يصل بهم حتى الآن إلى بر الهدنة. ماذا قال جولان؟ في مقابلة مع هيئة البث العام الإسرائيلية، قال جولان، نائب رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق والرئيس الحالي لحزب الديمقراطيين، وهو نتاج اندماج حزبي العمل وميرتس، إن "إسرائيل في طريقها إلى أن تصبح دولة منبوذة، مثل جنوب إفريقيا، إذا لم تعد إلى التصرف كدولة عاقلة"، مهاجمًا القيادة العسكرية الإسرائيلية في ملف استهداف الأطفال في غزة. وأضاف الزعيم السياسي، وهو ليس عضوا حاليا في الكنيست، أن "الدولة العاقلة لا تقاتل المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع لنفسها هدف طرد السكان من بيوتهم" في إِشارة لخطة بنيامين نتنياهو، لتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وهو المقترح الذي لاقى ترحيبًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أراد أن يخضع القطاع المحاصر لسيطرة الولاياتالمتحدة بعد تهجير أهله منه لدول أخرى اقترح أن تكون مصر والأردن. ورغم مواجهة السياسي اليساري موجة من الانتقادات من مختلف ألوان الطيف السياسي بعد أن اتهم إسرائيل بقتل الأطفال في غزة "كهواية" في مقدمتها التيار اليميني، تحدث جولان أن الحكومة الحالية تتضمن وزراء "انتقاميين بلا أخلاق ولا قدرة على إدارة البلاد في أوقات الأزمات"، محذرًا من ذلك يشكل خطر على وجود إسرائيل في المقام الأول. وأضاف جولان، الذي يُعرف بمواقفه المعارضة للتيارات الدينية المتشددة وللسياسات القومية المتطرفة: "لقد بات من الضروري تغيير هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن، لأنه بدون ذلك، لن تنتهي هذه الحرب". وقال جولان: "هذه الحكومة لا علاقة لها إطلاقًا باليهودية. إنها مكوّنة من شخصيات كاهانية تفتقر إلى الحكمة، والأخلاق، والقدرة على إدارة دولة في زمن الحرب. وهذا أمر يشكل تهديدًا وجوديًا حقيقيًا". ماذا قال نتنياهو؟ "الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقية في العالم" هكذا رد نتنياهو، الذي ليست انتقادات جولان هي الأقسى بالنسبة له مع تحول عدة دول كانت حليفة لتل أبيب إلى موقف معاد جراء الحرب في غزة. وانتقد نتنياهو تصريحات جولان ووصفها بأنها "تحريض جامح" و"افتراء دموي". وكعادة نتنياهو منذ بدء الحرب في غزة من استخدام مصطلح "معاداة السامية" في كل مناسبة لمهاجمة الفلسطينيين والمقاومة أو أي شخص غير إسرائيلي، هاجم رئيس الوزراء الجنرال المتقاعد -اليهودي-، واتهمه ب "معاداة السامية وترديد بعضا من أبشع الافتراءات الدموية ضد جنود الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل". أولمرت لم يغرد جولان وحده في الجانب المعارض لنتنياهو وحكومته، بل سار معاه على الجانب ذاته رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الذي حذر من أن ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة في الوقت الحالي، تقترب بشكل كبير من أن تصنف "كجريمة حرب"، قائلًا إن الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء يُقتلون في قطاع غزة على يد الجيش الإسرائيلي، وكذلك العديد من الجنود الإسرائيليين. وخلال مقابلته مع "بي بي سي"، هاجم أولمرت سياسات حكومة نتنياهو التي وصفها ب "حكومة البلطجية" في وقت سابق، محذرًا من أن الحرب لا قطاع غزة حرب بلا هدف ولن تحقق أي شيء كما يزعم نتنياهو بإمكانه إخراج الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة. واتهم أولمرت الجيش الإسرائيلي بقتل المدنيين الأبرياء في قطاع غزة بتوجيه بنيامين نتنياهو الذي قال عنه إنه "رئيس عصابة"، مضيفًا "إسرائيل من المفترض أن تقاتل وليس المدنيين الأبرياء في غزة هذه باتت مسألة مثيرة للغضب وبغيضة". جدير بالذكر أن يهود أولمرت، هو من لعب الدور المحوري في خروج الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وذلك أثناء احتلال تل أبيب للقطاع، ليصبح بعد ذلك رئيسًا للوزراء في الفترة من عام 2006 حتى 2009. تهديد أوروبي رغم أن أصوات أولمرت وجولان أثارت غضب الداخل الإسرائيلي بشكل كبير حتى في صفوف المعارضة، لكنها لم تكن وحيدة ففي ذات الوقت أطلقت عدد من الدول الغربية تهديداتها تجاه إسرائيل جراء الأوضاع المتفاقمة داخل قطاع غزة، حيث وجهت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا تهديدًا مشترك لإسرائيل، يحذران فيه من مغبة الاستمرار في حربها على القطاع ومنع دخول الإمدادات لسكانه. ووجه قادة المملكة المتحدة وفرنسا وكندا تحذيرًا لإسرائيل، حيث أكدوا استعدادهم لاتخاذ "إجراءات ملموسة" تشمل فرض عقوبات، إذا لم تتوقف إسرائيل عن هجومها العسكري المتجدد على قطاع غزة، وواصلت منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وعبر القادة في الرسالة المشتركة،عن استيائهم من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة ووصفوا معاناة السكان ب"غير المحتملة". كما انتقدوا إعلان الحكومة الإسرائيلية بشأن السماح بدخول كمية محدودة من الغذاء، واعتبروه "غير كافٍ". من جهته، أوضح توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، أن استئناف إيصال المساعدات كان "جزءًا بسيطًا جدًا من الاحتياجات الضخمة"، داعيًا إلى زيادة فورية في الجهود الإنسانية. وشدد القادة في رسالتهم على ضرورة توقف العمليات العسكرية فورًا والسماح بوصول المساعدات إلى غزة دون قيود، مؤكدين أن التعاون مع الأممالمتحدة يجب أن يكون أولوية لضمان تدفق الإمدادات الإنسانية وفقًا للمعايير الدولية. وحذر البيان من أن عدم الامتثال لهذه المطالب سيؤدي إلى اتخاذ خطوات إضافية، من ضمنها فرض عقوبات محددة قد تؤثر على إسرائيل. كما دعا القادة الحكومة الإسرائيلية إلى التوقف عن توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ووجهوا نداءً إلى حركة حماس لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين. من جهتها علقت المملكة المتحدة المحادثات بشأن الاتفاق التجارية مع إسرائيل، واستدعت سفيرها وفرضت عقوبات جديدة على المستوطنين في الضفة الغربية، في حين وصف وزير الخارجية ديفيد لامي التصعيد العسكري في غزة بأنه "غير مبرر أخلاقيا".