في الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أن لديها ما يكفي من القوات لاستمرار حرب غزة حتى استعادة جميع الأسرى والقضاء على حركة حماس، فإن هناك جانب آخر من المعركة كشفه الإعلام العبري؛ وهو المشاكل النفسية التي يعاني منها جنود جيش الاحتلال التي وصلت إلى حد الانتحار. نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مصادر عسكرية، أن 35 جنديًا إسرائيليًا انتحروا منذ بداية الحرب على قطاع غزة في أكتوبر 2023 وحتى نهاية 2024، مشيرين إلى أن هناك ارتفاع ملحوظ في عدد حالات الانتحار إلا أن الجيش يرفض الكشف عن عن أعداد الجنود الذين انتحروا خلال العام الحالي. لكن كشفت مصادر، أن 7 جنود قد انتحروا منذ مطلع 2025، وأن السبب هو استمرار الحرب على قطاع غزة، ودفن الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب جنودًا كثرًا بسبب الانتحار دون جنائز عسكرية أو إعلان، في تصريحات ل"هآرتس". ولم تكن "هآرتس" الوحيدة التي كشفت عن الأمر، في مطلع يناير من العام الجاري؛ قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن 28 جنديًا إسرائيليًا انتحروا منذ بدء الحرب على غزة، بينهم 16 من جنود الاحتياط. ما علاقة حرب غزة بعمليات الانتحار؟ منذ بداية حرب غزة في أكتوبر 2023، بدأ جيش الاحتلال في استدعاء جنود الاحتياط، وكان من ضمنهم مصابين بصدمات وأمراض نفسية حتى وهم يخضعون للعلاج، كما أنه أعاد تجنيد جنودًا سُرِّحوا من الخدمة بسبب إصابتهم بأمراض نفسية، وفق "هآرتس". وكشفت مصادر "هآرتس"، أن الجيش الإسرائيلي يجند مصابين بأمراض نفسية للقتال في صفوف الاحتياط بسبب نقص عدد الجنود، مشيرة إلى أن عدد الجنود الذين يتلقون العلاج من أمراض نفسية منذ بدء الحرب يتجاوز 9 آلاف شخص. ونتيجة نقص القوى البشرية في جيش الاحتلال وإصراره على استمرار الحرب؛ فإنه يضطر لتجنيد أشخاص ليسوا بحالة نفسية طبيعية، وبسبب حاجتها لمزيد من الجنود؛ فإن القيادة العسكرية الإسرائيلية تخشى التدقيق في حالة المصابين بأمراض نفسية كي لا يبقى الجيش دون جنود، على حد تعبير قائد عسكري. ويقول القائد العسكري بجيش الاحتلال ل"هآرتس"، إن الآلاف من جنود الاحتياط في غزة توجهوا للجيش بسبب إصابتهم بأمراض نفسية، وإنه يتم تجنيدهم رغم التأكد من أن ظروفهم النفسية غير طبيعية، مضيفًا "نقاتل بما يتوفر". اضطراب ما بعد الصدمة في نوفمبر الماضي، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مكتب إعادة الإدماج التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن نحو 5200 جندي إسرائيلي أو 43% من الجرحى الذين يتم استقبالهم في مراكز إعادة التأهيل، يعانون الإجهاد الناتج عن الصدمة. وأشار مكتب إعادة الإدماج الإسرائيلي، إلى أنه من المتوقع أن يتم علاج حوالي 100 ألف شخص، نصفهم على الأقل يعانون اضطراب ما بعد الصدمة بحلول عام 2030. وحسب تقديرات مختلفة في الجيش الإسرائيلي، فإن حوالي 15% من الجنود النظاميين الذين غادروا غزة وتم علاجهم عقليًا لم يتمكنوا من العودة إلى القتال بسبب الصعوبات التي يواجهونها، وفق "هآرتس". وذكرت الصحيفة العبرية، أن آلاف الجنود في الجيش الإسرائيلي لجؤوا إلى العيادات الخاصة التي أنشأها الجيش، وإن ثلث المعاقين المعترف بهم يعانون اضطراب ما بعد الصدمة.