100 صورة من الحياة البرية.. حكايات عُشاق تصوير الطيور المهاجرة

صقر عاش أمام بيته كان السبب في شغف واتر البحري بتصوير الطيور، والبحث في علم الطيور بوجه عام، الأمر الذي قاده للمشاركة بمعرض "مُصوري الطيور" في نسخته الثانية بمجرد أن تمت دعوته من قبل مؤسس المعرض أحمد الششتاوي.
انطلقت فعاليات النسخة الثانية من معرض مُصوري الطيور، الثلاثاء، بدار الأوبرا، بمشاركة 100 مُصورًا لاستعراض مائة صورة للمختلف أنواع الطيور، وذلك بالتعاون مع الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، وتستمر الفعاليات لمدة 6 أيام.
بدأ حب واتر البحري، المدير السابق للجمعية المصرية لحماية الطبيعة، بتصوير الطيور منذ صغره، فكانت نشأته في محافظة بورسعيد سببًا في سعيه وراء الطيور ومراقبتها، حيث أنها بيئة تُحيطها الطبيعة من كل مكان، ذلك بجانب تنقله مع أسرته من مكان لآخر "طول الوقت شايف الطيور وده شيق بالنسبالي"، يحكي واتر لمصراوي.
ذات يوم رأى صقر يبني عِشًا أمام بيته، ظل يراقبه، ما حرك بداخله معرفة تفاصيل أكثر عن الطيور، إلى أن اكتشف في عام 1998 وجود مؤسسة المجلس العالمي للطيور في كامبريدج "كانوا لسة عاملين شغل جديد أونلاين"، في ذلك الوقت كان واتر في المرحلة الإعدادية، حينها، كانت المنظمة أعلنت عن منحة لمن يرغب بالتقدم، على الفور انضم للمنظمة.
أربع سنوات كانت كافية ليتعلم فيهم المُصور واتر أن يصنف أنواع الطيور وعائلاتها "عن طريق اللون أو شكل الطير وإزاي تعرف طباع كل عيلة"، وهذا كله يتطلب وقت "محتاج إنك تذاكر وتسافر كتير".
في عام 2005 أصبح واتر من أوائل مُصوري الطيور المنضمين لإحدى منظمات حماية البيئة والطبيعة في مصر، قبل ذلك لم تكن ثقافة الاهتمام بعلم الطيور موجودة في مصر، حتى أن البعض كان يسخر من الهواية، لكن كان لمعرض مُصوري الطيور دورًا هامًا في تسليط الضوء عليها، تمنى واتر هذا الحدث كثيرًا "النهاردة 100 واحد، أنا مش متخيل كنت واحد بس ساعتها".
كما أن مع التقدم التكنولوجي ووجود مجموعات مخصصة لتصوير الطيور على الانترنت، زاد اهتمام كثيرين بالطيور مما ساهم في تشكيل وعيهم بها "إحنا عندنا أربع مصادر دولية بتعدي على مصر لازم نحميها عن طريق الوعي"، يذكرها المُدير السابق للجمعية المصرية لحماية الطبيعة.
ويقول إن "تصوير الحياة البرية سواء الحيوانات أو الطيور بيفيد في التراث الطبيعي والحضاري بتاع البلد"، إذ يزيد من الوعي حينما يمس الإنسان جمال الطير داخل الصورة "فبالتالي ثقافة الصيد والأكل مش هيقتل الطير"، مضيفًا أنه يثقل من جودة علم الطيور عن طريق رصد أنواع مختلفة منها وتوثيقها في الأبحاث المُخصصة.
يرى واتر أن مشاركة 100 مُصور للطيور بالمعرض خُطوة مهمة جدًا تعكس صورة في الخارج من حيث اهتمامها بالسياحة البيئية بخاصة سياحة الطيور، متحدثًا عن مؤتمر الأمم المتحدة الدولي وتطبيق استراتيجية 2030 نحو الاهتمام بالتنوع البيولوجي، حالمًا بفيلم وثائقي عن الطيور.
أعداد كبيرة توافدت إلى المعرض من كل مكان، تنوعت جنسياتهم ما بين المصري والأجنبي، كبار وصغار؛ ليشاهدوا الحدث، عيونهم مثبتة على تفاصيل الطير، منبهرين بجمال الصور، إحدى هذه الصور كانت لمُصور قد وصل للتو من الإسكندرية يُدعى محمد وكري.
كان محمد يهوى تربية الطيور منذ زمن "منظر الطائر على طول قدامي"، غير أنه كان يرى صور للطيور الجارحة باستمرار في مكان عمله، لأنه مختص في الدراسات البيئية، تحديدا علم الطيور، الأمر الذي دفعه لشراء كاميرا لتصويرها.
وبحكم عمله في الدراسات البيئية كان على علم بالأماكن التي تتواجد فيها الطيور "أي مكان فيه مياه وأكل هتلاقي فيه حيوانات أو طيور"، متمنيًا أن يشارك بصوره في معارض عالمية.
لم يكن الاحتفاء قاصرًا على الكبار، فكان من بين المُشاركين بالصور بشار محمود الشامي، عُمره 15 عامًا، أصغر مُصور في المعرض، وأول طفل يشارك بمثل هذه المعارض كما ذكر والده المهندس محمود الشامي. شارك هو ووالده، مُصور للطيور منذ 7 سنوات، كلا منهما بصورة التقطها لطير مختلف.
هوى بشار تصوير الطيور عن والده محمود الشامي، حيث أنه كان يصحبه في جولات معه وأصدقائه إلى أماكن تملؤها الطبيعة "أنا أصلا بحب الطبيعة وده شجعني أنزل معاهم" حتى عشق تصوير الطبيعة والحياة البرية.
قبل التصوير يستعد محمود الشامي لبعض الأمور لالتقاط صور مميزة "لازم أفهم الطائر، قبل ما بطلع بحدد الأنواع اللي ممكن أشوفها أو أستهدفها وبالتالي سلوكياتها بتبقى إيه وموجودة فين، أعرف أتخفى وأصوره بدون إزعاج"، غير المُعدات والملابس التي يحتاجها في الرحلة، فيما يقول لبشار بعض التعليمات ليتبعها خلال الرحلة؛ حفاظًا على سلامتهما.
بالتدريج بدأ بشار يعرف معلومات عن الطيور وطريقة تصويرها من والده، والقواعد المُتبعة لالتقاط الصور، وينشرها على صفحته الخاصة على فيس بوك، وفكرة معرض لمُصوري الطيور شجعته "لما قدمت الصورة كذا واحد لفت انتباهه"، وتم تكريمه كأصغر مُصور خلال المعرض.
"الطبيعة لها سحر خاص" يقولها محمود الشامي، وهذا ما فعلته صور الطيور من انعكاس جذاب وساحر على وجه الحاضرين، مستمتعين بجمال تفاصيل الطيور البارزة داخل الصور.