بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر.. من الالتزامات العالمية إلى العمل الوطني    بدء الحملة التنشيطية لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بدمياط على مرحلتين    رئيس مياه القناة: الانتهاء إصلاح كسور الشبكات المفاجئة بالمحافظات الثلاث    هل تعتزم الحكومة بيع المطارات المصرية؟.. اعرف الحقيقة    الكرملين ردا على مقترحات زيلينسكي: الدونباس كلها تابعة لروسيا    إعلام إسرائيلي: سلاح الجو يبدأ بقصف أهداف لحزب الله في لبنان    سلوت يواجه صلاح.. ماذا قالت صحف العالم عن جلسة الحسم فى ليفربول؟    أحتاج للحديث معه .. آرني سلوت يحدد طريقة إنهاء أزمة محمد صلاح في ليفربول    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    لعدم الالتزام والتراخيص.. ضبط 7 منشآت مخالفة وتحرير إنذارات لها بالجيزة    أخبار مصر.. الأرصاد: تدفق السحب وأمطار بعدة مناطق وهذا موعد وصولها القاهرة    إصابة طفلة بحالة إعياء بعد تناولها قطعة حشيش في الجيزة    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    10 أعمال تشارك في مسابقة الأفلام العربية بالدورة السابعة من مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    الصحة: 7.8 مليون خدمة طبية قدمت بمحافظة القليوبية خلال 11 شهرا    تفشي الكوليرا في الكونغو الديمقراطية يصبح الأسوأ خلال 25 عاما    مباحثات لتدشين خطين شحن جديدين Ro-Ro بين مصر واليونان    موعد ومكان صلاة الجنازة على الناشر محمد هاشم    6490 جنيها لهذا العيار، آخر تطورات أسعار الذهب اليوم    يحمل جنسية عربية.. مصرع مسن اختل نوزانه وسقط من الطابق الرابع في الهرم    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    سلوت: أرغب في بقاء صلاح مع ليفربول    ما حجم التطوير في مستشفى قصر العيني وأهم التحديات؟..رئيس جامعة القاهرة يجيب    جامعة المنصورة تشارك في المعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث والابتكار    القوات الروسية تعلن تدمر 90 طائرة أوكرانية مسيرة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    28 لاعبًا في قائمة نيجيريا استعدادًا لأمم إفريقيا 2025    الأهلي يراقب 4 لاعبين في مركز الظهير الأيسر    وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر ال37 بالعريش    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    انطلاق انتخابات مجلس إدارة نادي محافظة الفيوم وسط انضباط وتنظيم محكم    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    ترامب يوقع أمراً تنفيذيا لمنع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي    أمريكا تغرق.. فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية بولاية واشنطن    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    جوائز مهرجان البحر الأحمر السينمائي في نسخته الخامسة    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    جوتيريش: غارات إسرائيل المستمرة فى غزة ما زالت تتسبب بخسائر كبيرة    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين نارين.. كيف تعيش مصورة فلسطينية في غزة وسط القصف الإسرائيلي؟ (صور)
نشر في مصراوي يوم 24 - 05 - 2021


تصوير- سمر أبوعوف:
كانت سمر أبوعوف في مهمة صحفية اعتيادية منذ بدء العدوان؛ توثق بعدستها جرائم الاحتلال في حق المدنيين الفلسطينيين. وبينما كانت في طريقها لثلاجة موتى أحد مستشفيات غزة لتصوير ضحايا القصف الإسرائيلي من الأطفال لصالح إحدى الجرائد الأجنبية، وصلتها مكالمة من طفلتها تبكي بصوت لاهث، بينما تخبرها بسقوط صاروخ على بناية الأسرة، وكأن قلب الأم انخلع من مكانه، انهارت لحظتها، قبل أن تهرع إلى منزلها مفزوعة.
قبل 73 عاما من تلك اللحظة العصيبة، كان أجداد السيدة على موعد مع أحداث أكثر مأساوية، أحكمت ميليشيات صهيونية مسلحة قبضتها على معظم أراضي فلسطين، بينما أخرجت مئات الآلاف من الفلسطينيين من مساكنهم وأراضيهم. هاجر أجداد أبوعوف من مدينة يافا في العام 1948، فيما استقر الحال بالأسرة في قطاع غزة، وعلى أرضه ولدت الحفيدة، عاشت طفولتها بين أزقته، وشبابها في شوارعه، تزوجت وأنجبت، بينما هي مستمرة بالعمل كمصورة صحفية لصالح جرائد ووكالات أجنبية، لتكون على موعد مع تغطية العدوان الإسرائيلي على القطاع بالعام 2012، و2014 وأخيرا بالعام 2021.
لم تكن أي مهمة صحفية من الثلاثة بالسهلة على أبوعوف، عانت من أعباء نفسية جراء ما عايشته من دماء ودمار وخراب على مدار سنوات، الصحفي معرض للموت في ميدان الحرب برصاصة طائشة أو صاروخ غاشم بأي لحظة، بينما ضاعف ذاك العدوان الأخير من الخطر المحتمل على حياة المصورة الفلسطينية وكل من يعمل بالصحافة هناك، لاستهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية للمكاتب الإعلامية والصحفية خلال الغارات الجوية التي استمرت ل11 يوما، على نفس القدر من تضاعفه على أهالي غزة لاستخدام إسرائيل "لأول مرة" ل"طائرات من نوع "F 35 تحمل صواريخ "معدة لضرب الملاجئ تحت الأرض والواحد يحدث ثلاثة انفجارات" بزعم استخدامها في إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، كما تقول الصحفية الفلسطينية، مضيفة: "عليك أن تتخيل حجم الدمار الذي قد يصيب الناس والبيوت والشوارع".
بمجرد أن سمعت أبوعوف مكالمة طفلتها لم تتمالك نفسها ولا أعصابها، كادت أن تسقط على الأرض، لولا مساندة زملائها الصحفيين أمام المستشفى، حاولت أن تتحرك فعجزت عن المشي، كانت لحظات من الانفصال عن الواقع، فيما لم يربطها به غير همهمات حولها ودموع في عينيها، بينما الفكر سارح في مصير أولادها وزوجها وأسرتها وبيتها، وكأنما أرادت أن يحملها بساط ريح إليهم، قبل أن تتمالك نفسها بمساندة زملائها، وتستقل عربة أجرة باتجاه الحي الذي تسكنه. وحين وصلت إلى تجمع الأسرة مع أهالي الحي في الشارع، احتضنت أطفالها، كانوا حفاةً متوارين وسط السكان ويسيطر الرعب على قلوبهم، وبعد أن اطمأنت المصورة على سلامة أولادها وزوجها وكل أفراد أسرتها، توجهت إلى أقرب نقطة من البناية تستطيع منها تصوير لحظة القصف التي تصورته، لتوثيق استهداف الاحتلال للمدنيين في غزة على عكس الزعم الإسرائيلي، فيما لم يصب البناية أي قصف مدمر بعدها وإلى أن عُقدت الهدنة والتهدئة برعاية مصرية، فلم يكن الأول صاروخ استطلاع ينذر باقتراب قصف البناية كما اعتقدوا، بل شظايا لصاروخ أطلقته إسرائيل على بناية أخرى، وأصاب دور بنايتهم الأعلى.
لا تزال تؤمن أبوعوف بأن هناك ما يستعصى على الكاميرا. هل تثبت الصور القصف المستمر على مدار ال24 ساعة؟ وماذا عن صوت الصواريخ غير المحتمل؟ الدمار الذي يلحق بالذكريات داخل البيوت؟ هل تُسعف الكاميرا موت الفجأة جرّاء قصف عشوائي، لا يعرف أحد موعده أو قدر شدته، لا يعرف أحد مكانه في البيت كان أو في الشارع أو في سيارة تتنقل بها من مكان لآخر. أما زلت تحتاج لدليل على أن الخوف في حدقة العين يستعصي على الصورة؟ وماذا عن الهلع لحظة وصول الصاروخ لبناية أحدهم.. هل تحتمله؟ معك في أنها لربما تلتقط لحظة تشرد في الشارع، لكن ماذا عن باقي ساعات الليل؟ لا أحد محصن في غزة من القصف الإسرائيلي، قل لي ماذا تفعل الكاميرا إذن؟!.. هذا بالضبط ما قصدته السيدة.
مشاهد لا تنساها أبوعوف، لكن تحفظها ذاكرتها جيدا. من ينسى جثث الأطفال تحت الأنقاض؟ نظرات الأحياء منهم لحظة إخلاء البيوت حاملين ألعابا وصورا تحفظ لهم ذكرى؟ هرولة العجائز في الشارع بعد إطلاق إسرائيل صاروخا تحذيريا؟ من ينسى الذكريات تحت الركام؟ 248 قتيلا بينهم 66 طفلا و39 سيدة، حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة في 11 يوما، ولكل ذكرى.
لطالما عايشت الصحفية لحظات صعبة على أولادها وهي تعمل بعيدا عنهم، ولا تعود إليهم إلا للنوم، في الوقت الذي عليها طمأنتهم بأن الأمور على ما يرام، في ظل ما يشاهدونه يوميا من دمار متواصل وأصوات ترهب النفوس. وعلى نفسها من أن يصيبها الموت وهي تعمل في ميادين الحرب، فيفقدها أولادها في تلك السن الصغيرة وتلك الظروف القاسية.
لكن ظروفا أخرى صعبة تواجهها أبوعوف بالعمل الصحفي وسط العدوان الإسرائيلي، كانقطاع الكهرباء وخدمة الإنترنت طوال ساعات اليوم، اللهم إلا ساعتين فقط في أحسن الأحوال والظروف، بسبب تضرر شبكات الاتصالات والإنترنت جراء القصف المكثف، فبحسب شركة كهرباء غزة هناك أكثر من 900 ألف مواطن يتأثرون بالأعطال. لتضطر أبوعوف التوجه إلى مكاتب إعلامية دولية تعمل بالقطاع، لإرسال صورها إلى الجهة التي تعمل مراسلة لصالحها، ثم العودة للبيت متأخرة، وسط ظلام دامس، وقصف شديد.
كان شعورا صعبا أن تلتقط الشابة صورا لأقاربها الباكين على موت أفراد منهم، فقبل أن تُعقد الهدنة ووقف إطلاق النار، استهدف القصف الإسرائيلي بناية لأقربائها، فمات 8 منهم. تخيل ألا يبقى الموت هو الأكثر قسوة في القصة! الشابة عايشت ما هو أقسى. لكن ما الأقسى من الموت؟ نظرة أمل في عيون تنتظر حيا من تحت الأنقاض، فيدفن بعدها. أن يموت 8 من أقربائك تحت الركام، فتهلل فرحا لخروج واحد حيا.
وقت القصف شٌلت الحياة، تحولت غزة لمدينة أشباح، لم يعد هناك وقتها أناس في الشارع، اللهم إلا صحفيين ومسعفين. كانت صدمة أن يقصف الاحتلال بنايات سكنية بشارع الوحدة الذي تسكنه أبوعوف وسط غزة، كانت آخر الشوارع التي توقعت أن تضربها صواريخ الطائرات الحربية الإسرائيلية. رغم هذا تقول السيدة إن الحياة تستمر رغم قسوتها، كصمود الفلسطينيين في وجه الاحتلال الإسرائيلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.