صاحب المركز الثاني.. مصري يبهر لجان التحكيم بمسابقة دولية للقرآن (فيديو)

لم يكن محمود سويد يعلم في طفولته بينما يخوض مشاوير يومية إلى كُتاب قريته بميت خاقان بمحافظة المنوفية، أن الله سينعم عليه بحفظ المصحف الشريف كاملا خلال سنوات قليلة وعند تقدمه إلى مسابقة عالمية سيتمكن من تقديم أداء رائع واقتناص المركز الثاني كما فعل في مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني.
حكاية سويد مع آيات القرآن بدأت مبكرا "أسرتي دفعتني لذلك وعمري 3 سنوات، اصطحبوني إلى الكُتاب وقاموا بتوصية الشيخ بالاعتناء بي". دأب الطفل على التلاوة والحفظ على مدار 6 أعوام حتى تمكن من ختم القرآن في سن التاسعة "لا أنسى هذا اليوم الجميل أبدا، فعلتها في 17 أكتوبر عام 2006" رغم صغر سنه امتلأ قلبه بالفرحة وأدرك أن عليه الاستمرار في هذا الطريق المُحبب إلى نفسه.
وجد الشاب العشريني الطمأنينة في رحاب القرآن "قررت أتعلم التجويد والقراءات المختلفة للمصحف" لجأ إلى الجلوس والاستماع لعدد من الشيوخ الأجلاء في محيطه خلال دراسته في مرحلة الإعدادية بجانب الإنصات إلى كبار المقرئين في مصر عبر الإذاعة والتلفزيون والإنترنت"شيوخنا محمد صديق المنشاوي وعبدالباسط عبدالصمد ومحمد رفعت، تعلمت منهم فنون التلاوة والأداء أثناء القراءة ".
ذاع صيت سويد داخل قريته وفي محافظته "بعد دخولي مسابقات محلية في ميت خاقان والقرى المجاورة فضلا عن وزارة التربية والتعليم" فاز في صباه ب 4 رحلات عمرة إلى بيت الله الحرام بالسعودية منحها إلى والده لعدم قدرته على السفر وقتها وسط دعوات ذويه له بالنجاح دائما "كما حصلت على المركز الثاني في مسابقة الجامع الأزهر عام 2018" قبل خوض تجربة المشاركة في اختبارات بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم.
الاستغراق في حفظ القرآن لم يأخذ سويد من دراسته، حيث حافظ ابن محافظة المنوفية على تفوقه في كافة المراحل العمرية وفي عام 2015 ظهر اسمه بين أوائل الثانوية العامة "كنت في المركز الخامس وتم تكريمي من وزير التربية والتعليم وسافرت إلى أوروبا في منحة من الدولة" يعتقد الشاب الذي يدرس الآن في السنة السادسة بكلية طب جامعة المنوفية أن الانخراط في عالم المصحف الشريف ساعده كثيرا في حياته الشخصية والعملية.
ويرى سويد أن الحافظ المتقن للقرآن عليه إتباع عدة خطوات من بينها قراءة ما لا يقل عن جزء من المصحف الشريف يوما وتحصيل 5 أجزاء في حالة توافر الوقت "الأمر لا يستغرق أكثر من ساعة" وهو ما حرص عليه طوال سنوات صباه "أيضا أستغل فترات تواجدي داخل المواصلات أو أوقات الفراغ لمراجعة ما قمت بحفظه" ساهم ذلك في الحفاظ على مستواه لسنوات طويلة.
لا يكف سويد عن اكتساب خبرات جديدة في القراءات العشر للقرآن الكريم، يشعر كلما تخطى مرحلة بضرورة الوصول إلى مكانة جديدة عشقا في آيات الله، ومن أجل اكتساب خبرات أكبر يسعى للمشاركة في المسابقات الكبرى وهو ما جرى مع بورسعيد الدولية في نسخة العام الماضي "تخطيت كافة المراحل المحلية، وفي المرحلة الدولية لم يحالفني الحظ السنة الفائتة" كان عليه بذل مزيد من الجهد للتواجد في النسخة الرابعة في 2021 وتحقيق مرتبة متقدمة.
قبل التصفيات النهائية بمحافظة بورسعيد وفي حضور العشرات من دول عربية وأفريقية وأجنبية مختلفة انخرط سويد في مراجعة القرآن الكريم بصورة جيدة خاصة مع طلب لجان التحكيم بضرورة التلاوة بقراءة جديدة عن مشاركته الأولى "تقدمت بقراءة الإمام خلف العاشر، وقمت بالاستعداد جيدا في الفترة الفائتة" وبات عليه الوقوف أمام لجنة تحكيم من القامات العالية في المجال "الأساتذة عبد الكريم من مصر وصادق علي من اليمن وعلي الزين من السودان".
على مائدة صغيرة أمام لجنة التحكيم عدد من النماذج المتنوعة التي تحوي الاختبارات، بطريقة عشوائية يختار المتسابق مصيره "تذكر اللجنة مقطع من القرآن الكريم ولابد خلال 15 ثانية من معرفة موضعها في المصحف وإلى أي سورة تنتمي ثم تلاوتها" قرأ عليهم سويد ما تيسر من سور المائدة والأعراف وطه ثم رد على 3 أسئلة نظرية متعلقة بالتجويد والأحكام.
عند إعلان النتائج اقتنص المركز الأول الدكتور عبدالرحمن المجلي من ليبيا في فرع حفظ القرآن الكريم والابتهال بقراءة كاملة، فيما ذهب المركز الثاني إلى سويد ليصبح بذلك الأفضل على مستوى جمهورية مصر العربية في العام الحالي "شعرت بفرحة شديدة وأنني جُبرت بعد عدم توفيقي في العام الماضي، تلك المرة اجتهدت حتى كرمني الله".
لدى القارئ الشاب أحلام كبيرة يرغب في تحقيقها خلال السنوات المقبلة "أدرس الآن القراءات العشر كلها، أرغب في التبحر بها قدر الإمكان، بجانب عملي في مهنة الطب بعد تخرجي" هناك أسماء عديدة جمعت بين الطب وعلم القراءات مثل الشيخ أحمد نعينع "أطمح لأن أن أصبح معلما للقرآن في مصر وعالم أجمع، ومن الآن أعطي بعض الدروس لبعض المصريين المقيمين في الخارج".