في مثل هذا اليوم ولدت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها في العشرين من جمادي الآخرة في السنة الخامسة قبل البعثة النبوية، "سيدة نساء العالمين في زمانها، البضعة النبوية والجهة المصطفوية، أم أبيها بنت سيد الخلق رسول الله" هكذا وصف الذهبي السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها في كتابه سير أعلام النبلاء، ذاكرًا ميلادها قبل البعثة بقليل ثم زواجها من الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه في ذي القعدة من السنة الثانية من الهجرة، وللسيدة فاطمة مناقب كثيرة ثبتت لها في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. وكان من أبرز المواقف التي اشتهرت عنها رفض النبي صلى الله عليه وسلم زواج علي عليها من ابنة ابي جهل، فحين هم علي بن ابي طالب بخطبة ابنة أبي جهل غضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال لعلي: " والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله ، وإنما فاطمة بضعة مني ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها"، فترك علي رضي الله عنه الخطبة رعاية لها ، ولم يتزوج عليها أو يتسرى عنها إلا عقب وفاتها. وعلق الإمام النووي في شرحه للحديث في مسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة لم يكن يخل بالعدل أو بالإلتزام بالأحكام الشرعية، فيقول النووي: " قد أعلم صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعليّ، بقوله صلى الله عليه وسلم: لست أحرم حلالاً، ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين: إحداهما: أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة، والثانية: خوفاً من فتنتها بسبب الغيرة". وكذلك أوضح الإمام ابن حجر في "فتح الباري" تفسير تلك القصة قائلًا أن أصح ما تحمل عليه: " أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم حرَّم على عليّ أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل؛ لأنه عّلل بأن ذلك يؤذيه، وأذيته حرام بالاتفاق، فهي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة، وأما الجمع بينهما الذي يستلزم تأذي النبي صلى الله عليه وسلم لتأذي فاطمة به فلا، وزعم غيره أن السياق يشعر بأن ذلك مباحٌ لعلي، لكنه منعه النبي صلى الله عليه وسلم رعاية لخاطر فاطمة، وقَبِلَ هو ذلك امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم. والذي يظهر لي أنه لا يبعد أن يُعدَّ في خصائص النبيّ صلى الله عليه وسلم أن لا يُتزوّج على بناته، ويحتمل أن يكون ذلك خاصاً بفاطمة رضي الله عنها". وكانت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها أول من لحق بالنبي من أهله، وقد بشرها بذلك قبل وفاته، فقال لها في مرضه: إني مقبوض في مرضي هذا، فبكت، فأخبارها أنها أول اهله لحوقًا به، وأنها سيدة نساء هذه الأمة فضحكت وكتمت ذلك، ثم تحدثت به إلى عائشة رضي الله عنها، وتوفيت السيدة فاطمة رضي الله عنها عقب وفاة النبي بحوالي خمسة أشهر، ومن تشريفها رضي الله عنها أن نسب النبي صلى الله عليه وسلم قد انقطع إلا من قبلها.