في أول سورة النبأ ذكر الله سبحانه وتعالى نعمته التي أنعم بها على الإنسان ومنها قوله: "وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا" فما معنى ثجاجا؟ شرح الدكتور عبد الرحمن بن معاضة البكري، أستاذ الدراسات القرآنية السعودي، معنى قوله تعالى "ثجاجا"، قائلًا إنه يظهر من سياق الآية العام أنه نزول المطر، وان الثجاج هو ماء غزير مصبوب متراكبًا، فثج معناها صب بغزارة، والثجاج هو الذي ينزل بغزارة شديدة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم أن من أحب الأعمال إلى الله يوم النحر قال: العج والثج، فقالوا أن العج هو رفع الصوت بالتلبية، والثج هو إراقة دماء الأضاحي والهدي. وذكر البكري أن المعصرات فسرها بعض المفسرين بأنها هي السحاب نفسه، والبعض الآخر أنها الرياح، كأن الرياح القوية التي تشبه الأعاصير تعصر السحاب فينزل منه الماء الغزير الثجاج، وهو ما جعله الله سبحانه وتعالى من النعم العظيمة التي أنعمها الله علينا فتروي المطر الأرض ويخرج الزرع وتجري الأنهار، وأشار إلى أن كلمة "ثجاجا" لم ترد في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع فقط، فهي تعني: غزيرًا مصبوبًا متتابعًا. وذكر الطبري في تفسيره أن ثجاج تعني المنصب أو المتتابع أو الكثير، فقال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب ( مَاءً ثَجَّاجًا ) قال: كثيرا، ولا يُعرف في كلام العرب من صفة الكثرة الثجّ، وإنما الثجّ: الصب المتتابع. ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: " أفْضَلُ الحَجِّ الْعَجُّ والثجّ" يعني بالثج: صبّ دماء الهدايا والبُدن بذبحها، يقال منه: ثججت دمه، فأنا أثجُّه ثجا، وقد ثجَّ الدم، فهو يثجّ ثجوجا، أما ابن كثير فقد ذكر حديث المستحاضة حين قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنعت لك الكرسف، يعني أن تحتشي بالقطن، قالت: يا رسول الله هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجًا، وفي الحديث دلالة على استعمال الثج في الصب المتتابع الكثير.
