لا تتوقف ماكينات مصانع الغزل والنسج، بانتظام ودقة محكمة تمامًا كعقارب الساعة، خلية نحل من الفنيين والصناع والعمال تعمل بلا ملل داخل صرح صناعي عملاق يعيد الذاكرة إلى مصانع المحلة التي أسسها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والتي أقرت قواعد الدولة الحديثة العصرية المنافسة لأسواق العالم. أنشأت القوات المسلحة باستثمارات مصرية خالصة على امتداد طريق الاسماعيلية الصحراوي "الشركة الوطنية للتطوير والتنمية الصناعية"، كشركة مساهمة تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية؛ لتكون بمثابة قلعة من قلاع إنتاج الغزل والنسيج بكل مراحله؛ شاملة الصباغة والتجهيز، لتلبية احتياجات القوات المسلحة والشرطة المدنية والقطاع المدني. يضم المشروع الذي كان ل"مصراوي" جولة داخله، ستة مصانع: "الغزل الرفيع" و"الغزل السميك"، ومصنعَين للنسيج الدائري والمستطيل، وآخر للصباغة والطباعة، ذلك في المرحلة الأولى له، والتي أُقيمت على مساحة 469 فدانًا؛ حيث تم استغلال 50٪ منها فقط في المرحلة الأولى، على أن يتم افتتاح 3 مصانع أخرى نهاية العام الجاري، ويعمل المشروع بأحدث الماكينات التي تم استيرادها من كبرى وأهم الشركات العالمية، وبنظم وبرامج تتوافق مع أحدث التكنولوجيا في تلك التخصصات. ثلاثون شهرًا هي المدة الزمنية التي تم فيها تنفيذ المرحلة الأولى من المصانع؛ حيث بدأ التحضير له في 2017؛ لكن التنفيذ الفعلي بدأ في 2018، حتى جاءت أزمة كورونا ولم يستسلموا لها واتخذوا كل الإجراءات الاحترازية والوقائية واستكملوا العمل حتى انتهائه منتصف 2020. وحسب المسؤولين والقائمين على المشروع، فإنه يوفر 1350 فرصة عمل مباشرة و12 ألف عمالة غير مباشرة، كما أن الصرح الصناعي ولأول مرة يتم تخفيف عدد الإداريين فيه والذي وصل إلى 7٪ فقط. الفلاح المصري هو أول المستفيدين من هذا الصرح الصناعي، حيث يخدم المشروع فى المقام الأول الفلاحين والقطاع الزراعي في مصر؛ خصوصًا أن الفلاح كان يواجه أزمات عديدة في بيع محصول القطن، والذي يتكدس لديه بسبب عزوف المصدرين وبخس الأسعار، وهو ما يعيد الحياة إلى القطن المصري الشهير "طويل التيلة" بالتعاون مع كل قطاعات الدولة، ممثلة في وزارات الزراعة والتجارة والصناعة وهيئة الاستثمار والأسواق الحرة، إضافة إلى جامعتي الإسكندرية وحلوان. فى المقام الأول يهدف هذا المشروع لتعظيم الاستفادة من القطن المصري وعدم الاكتفاء بتصديره كمنتج خام، وتحويله إلى منسوجات حسب طلب العملاء، كما أنه جار التخطيط لجذب الشركات العالمية صاحبة الماركات الشهيرة للملابس؛ لفتح خطوط إنتاج فى مصر، اعتمادًا على المصانع المصرية؛ بما يزيد من العملة الصعبة للدولة، حيث يمثل الغزل والنسيج 3٪ من الناتج المحلي، وكذلك تعمل ثلث العمالة المصرية في هذه الصناعة.